news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
قصص قصيرة
الحب القديم.. صدفة!!... بقلم: طرطوسية
syria-news image

بعد سنوات من نهاية القصة, التقيا صدفة!!... هو أصبح متزوجاً بغيرها, هي تفرغت للعناية بوالدتها المريضة... كانت لحظة غريبة وصادمة!!


افترقا على حب, وهذا أوجع ما في الفراق... بعد فترة سمعت أنه تزوج.. ليصبح الفراق نهائياً

 

عشر سنوات مرّت وهي تعيش مع والدتها بعد تخرجها من الجامعة والتحاقها بعمل في أحد المصارف, ولكنها لم تنقطع عن استحضاره, تعترف اليوم وبعد كل هذا الوقت بأن ذكراه لا تزال تدغدغ قلبها بأحلى إحساس عرفه!!

تلفّ الأيام وتدور, يأتي به القدر إليها, عابراً, يلقي التحية ويمضي, هل هي صدفة؟ أم هدية من الله؟

فجأة هي تقف أمامه, ينظر إليها واللّمعة في عينيه مازالت هي نفسها!!

لحظة انقطع فيها كل شيء حتى الهواء من حولها, بدت هي وحدها في مواجهة تلك العينين البراقتين التّواقتين.

 

برهة خاطفة.. صحت بعدها لتكتشف أن العالم من حولها مازال يتحرك... من آخر الدنيا جاء هذا الرجل الذي لم تسمع عنه منذ زمن طويل... كل ما كانت تعرفه أنه هاجر مع زوجته وطفلته... ولكن ما الذي جاء به الآن؟!! ولكنه لم يسألها وهي أيضاً لم تسأله: "كيف حالك؟"... "بخير"

 

يسكتان... تحرقهما النظرة والذكرى, تبتسم وهي تنظر إلى الشّامة التي كانت تحبها على خدّه الأيسر.

يلتقط نظرتها, ويبتسم قائلاً: "مازالت الشّامة كما هي"... تضحك وتجيب: "ومازلت أحبها".

يسكتان من جديد, يعود صمت العيون, يتكلم بما لا يجرآن على قوله... يرن هاتفها... إنه أخوها... "سأنزل حالاً"

تعتذر, فيهز رأسه مبتسماً:  "مازلتِ جميلة يا...." تبتسم... تصافحه وقلبها يلهث... تغادر المكان وتمضي...

عيناه عليها حتى خرجت من الباب الكبير واختفت من جديد..!!

هل نهرب من الحب الأول إذا صادفناه يوماً؟ هل نوليه ظهرنا ونمضي خوفاً من نبش أوراق قديمة؟؟

 

التهرب من حب قديم ليس إلا اعتراف بأننا مازلنا نحب, وإلا لم الخوف منه؟... العبور أمام حب أول ليس سهلاً على امرأة عاشته بكل تفاصيله, فسهرت لأجله, وبكت بسببه, وتعذبت لانقطاعه, صحوة الحب حينها ستكون بمثابة صدمة عاطفية التي ستتذكر دفعة واحدة كل المشاعر والمواقف التي جمعتها معه... مع ذلك لا يجب التهرب منه وتجاهله وكأنها لا تعرفه.

 

قد يقول قائل "إن الحديث مع الحبيب القديم خطر على الأحاسيس"... ولكن إذا كان في حياتنا رجل نحبه ويحبنا فلا يوجد خطر يهدد انزلاقنا في تلك الزوبعة...!! نعم إنها زوبعة لأنها قد تتمكن منّا في حال عدم تعايشنا مع حب حقيقي يغلق بصدقه كل الأبواب القابلة لدخولها.

 

لا يوجد في الحب عيب أو ذنب نخجل منه... فحين تخجل المرأة من إلقاء السلام على من كانت تحبه, لا يمكن تسمية مشاعرها القديمة (حباً) بل عاطفة عابرة, فالحب يجب أن يكون سامياً, وشرط سموّه أن يكون الطرف الآخر شهماً عند الفراق, لم يتلاعب بثقتها وحياتها... ولا يستعمل الحكاية ضدها في حال كان الفراق من جانبها... وكان الاحترام موجوداً لحظة الوداع.

 

لكن عندما تكون المرأة أو الزوجة تعيسة وتعاني من الرّتابة والملل والحاجة العاطفية بسبب إهمال زوجها وانشغاله وعدم اهتمامه بمشاعرها ومتطلباتها كامرأة... تتحول إلى تربة ممهدة للخيانة, وستنجرف مع حبها القديم بسبب تعاستها مع زوجها, فيأتي حبها القديم ليعوض عليها بكل ما تحتاج إليه من مشاعر في حال حاول الحبيب الأول إعادة المياه إلى مجاريها.

 

لذلك فإغلاق الباب منذ البداية هو الحل الأمثل, وعدم ترك مجال ولو صغير أمام رجل من الماضي ليدخل حياتها من جديد, لأن النتيجة لن تكون من صالحها عندما تقف بين نارين.

*  *  *  *  *  *  *

 

صعد إلى القطار, كما يفعل كل صباح في بلاد الاغتراب, باشر عمله كمضيف في ذلك الصباح الشتوي وبينما هو يتجول بين المقاعد, وقعت عيناه عليها... تلك الحبيبة القديمة التي رآها لآخر مرة منذ أربع سنوات... لم يصدّق, معقول هذا؟!!... نظر إليها... لم يعرف هل من الصواب مصافحتها... ربما تزوجت  وربما وقعت في حب جديد... ربما شعرت بالإحراج في حال قمت بإلقاء التحية... كل هذا خطر بباله في لحظات قليلة... كانت برفقة فتاة أخرى... بادلته النظرات... ولكنها نظرات صامتة زادت من تردده.

 

استحضر في تلك الثواني حكاية حبه القديمة.. مضى في حال سبيله بعد أن قرر أنه لا مبرر من الوقوف معها.

سأل نفسه: "لماذا؟ ألم تشعر بالحنين للحديث معها وسماع صوتها؟"... "لم يكن حنيناً, فحبي لزوجتي أغلق كل نوافذ الحنين إلى حب قديم, ولكنه شيء أشبه بـ (لهفة سريعة) انتابتني حين رأيتها".

تابع عمله متجاهلاً أنها تجلس في مقعد على بعد خطوات منه... حمل الخبر إلى زوجته التي أخبرها سابقاً بأنه يحمل في قلبه بصمة حب قديم: "لقد رأيتها" وكأن الاعتراف يمسح ذنب التفكير ولو للحظة بامرأة غير زوجته التي يحبها.

ابتسمت وهو يضمها بإحساس من اكتشف أن ما يبقى من الحب القديم لا يتعدى كونه لحظة تذكر فيها ما كان ومضى, وكأن شيئاً لم يكن.

 

الرجال أكثر تأثراً بحب قديم, وهذا لا يتعلق بالتعاسة الزوجية, حتى لو كان هذا الحب طفولياً, لا يحمل ملامح الحب الحقيقي, فالحب القديم مرتبط بماضٍ يعنيه بكل تفاصيله الدافئة, لهذا فهو يتوق للقائها وكأنها النافذة التي ينظر من خلالها إلى الماضي الجميل, إلى الشباب والمغامرات الأولى... فعندما يمر الحب القديم, ولو صدفة, يعود الرجل صغيراً شقياً.

 

ولكن بشكل عام, الرجل حتى لو كان يعيش حياة زوجية تعيسة فهو أكثر تماسكاً, ويعرف كيف يتعامل مع هذا اللقاء, وكيف يفصل بينه وبين أحاسيسه تجاه زوجته... أيضاً هو لن يغامر بهزّ صورته في مخيلة تلك المرأة التي أحبها وعرفها منذ زمن طويل.

 

من كان عقلانياً وواقعياً يعتبر أن أي لقاء من هذا النوع لا يجلب إلى المخيلة أي حنين, فحين يتم الفراق توضع صور ذلك الحب في قبوٍ مظلم لا ينزله أحد, خاصة إذا كان متزوجاً ومخلصاً لزوجته, فيتعاطى مع ذلك الحب على أنه غير موجود, فالموجود هو كل شيء حيّ, وحبه القديم ميت في قلبه وخياله, وتجديده سيكون مصطنعاً ومزيفاً وغير حقيقي, فالحب لا يُعاد بناءه على أنقاض حب قديم غلفه النسيان بسبب بعد الحبيب عن العين.

 

 

2010-12-21
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
المزيد