لم أرى أغرب من هذا الرجل
خلقته أيادي أطفال صغير
جعلوه أجمل رجل على أرضهم
حاولوا رسم ضحكة له من بضعة أحجار
وأنف جميل من جزرة كبيرة
طفل تطوع بلفحة صوفية
و آخر بكفوف والده الجلدية
أرادوا تدفئته دون قصد
صنعوا من الأغصان ذراعين
ومن حبات التفاح أزراراً
لمعطف غير موجود
بالرغم من افتقاده لقلب
كان يحبهم
بالرغم من افتقاده للدم
كان يحبهم
تعلم معنى الإخلاص لأنه
يعرف جيداُ أن لولاهم هو غير موجود
على الرغم من رميه بالثلوج
لكن رفض الحزن وحافظ على ابتسامته
مع صباح يوم جديد
ذهب صديقنا ولم يعد موجود
لم يعرف الأطفال السبب
سألوا جارته الشجرة
قالت لهم انه رحل....
وترك لكم هذه الجزرة
تذكاراً لكي لا تنسوه
فرح الأطفال لهذه الهدية
رغم أنها كانت ملكهم
تعلمت من صاحبنا المحبة
رغم أنه كان يعرف نهايته
يعرف أن الشمس ستشرق عليه يوماً
وهذا ما كان ....
..........
لم تبقى إلا خمسة صور
صورة ويديَّ تعانقه
صورة أحاول نزع انفه
صورة أضع له قرنيَّن من أصابعي
صورة أحاول إقناعه بالكلام
وصورة أغلق فمه أطالبه بالسكوت
رحل الرجل ... دون و داع
عاد إلى موطنه السماء
لعل الشتاء القادم
يعود إلى حديقتنا...؟
لو لا خوفي على الحياة
لدعوت ربي أن يحجب الشمس
لكني آثرت التضحية بحبي له
من أجل أن تنعموا بالحياة
هكذا تحول رجل من ثلج إلى صديق
و من البرودة إلى دفء جميل
علمتنا يا سيد الثلوج كيف نحب
علمتنا بالرغم نحن أصحاب المشاعر
علمتنا أن لا ننظر إلى الأمور بسطحية
علمتنا أن نؤمن بمشاعر الأشياء
ليكن لنا من صاحبنا عظة
حافظوا على أحبائكم
كما حافظ هذا الرجل على أصحابه