news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
قصص قصيرة
حكايا في عجالة...الجزء 3 بقلم : عدنان شيخو

 حكاية ليست من هذا الزمن

جلس في الشرفة..مج في سيجارته عميقا..كان يراقب دخان سيجارته الذي سرعان ما يتلاشى...قال في سره..كم من الشبه بين هذا الدخان والحياة...حاول ان يتذكر المحطات الكبيرة في حياته...أبتسم لهذه التسمية..المحطات الكبيرة..قال ساخرا:هل تعتقد

نفسك  بونابرت اخر؟.


ليست في حياتك محطات لا صغيرة ولا كبيرة...أنت مجرد رقم..نعم مجرد رقم ...نملة صغيرة..السنين

التي تركتها  وراءك  ليست سوى فقاعات صابون...غيوم عاقر.تطلع الى السماء..كانت الغيوم تتلاشى مثل قطيع ماشية هاجمها ذئب

سأل في سره:

لماذا تهرب الغيوم الى أمكنة أخرى؟

 لماذا لا يهطل مطرا...تذكر وجه الأرض صباح هذا اليوم وهو في طريقه للمدرسة

كانت اخاديد العطش والقحط تحفر ذلك الوجه...بدا مثل وجه طفل يتيم لا يملك مأوى والليل بارد...دونما سبب واضح تذكر ذلك الطبيب

كثرت الروايات حوله...أقتربت بعض الحكايا التي نسجت حوله من الاساطير..بل ربما في احايين كثيرة تفوقت عليها...كان في الأربعين

أقل قليلا...أكثر قليلا..استيقظت المدينة صباح ذات يوم لتجد اسمه على لافتة فوق بيت وسط المدينة..سوق المدينة..كانت المدينة في ذلك

الزمن صغيرة ويهطل فيها مطر كثير...كانت حقول الحنطة تطوق المدينة كيد خضراء  رحيمة...كان يرتدي دوما قميصا ابيض وسروالا رماديا

صباح الخير...كانت كلمته وهو يدخل عيادته وبنظرة سريعة تتنقل عيناه في وجوه المرضى...يرشف في فنجان قهوته التي كانت دوما تسبقه الى

غرفته..يصنعها رجل  يسجل له اسماء المرضى وينظف المكان حين ينتهي الطبيب الشاب...كان الطبيب قليل الكلام...كان يقرأ وجه المريض

وكثيرا ما خاطب الرجل العامل لديه:رد لهذا المريض ماله ...لم يكن يكتفي بذلك..كان يتناول علبة دواء من رف في عيادته ويسلمه للمريض بعد

ان يشرح له طريقة الاستعمال....لم يكتف الطبيب الشاب بذلك..لو زارته امرأة عجوز...أم يتيم..رجل عاجز..كان يمد يده في جيبه

ويضع في يد المريض كل ما كان في جيبه من مال ويقول له:خذ هذا...أنت تحتاج  للغذاء الجيد...اكثر من الفواكه...تجاوز الطبيب كل الحكايات التي

نسجت حوله...قيل انه كان يدفع وبشكل منتظم لعائلات كثيرة....كان يختارها بعناية..رجلا  هرما...امرأة ليس لها أحد غير الرب...

لم يكن لهذا الطبيب بيت...كان ينام في فندق قريب من عيادته...استأجر هناك غرفتين...عندما يهبط الليل كان يخرج..كل المدينة كانت تعلم ان

الطبيب الشاب يتجرع في ذلك المحل العرق المفضل لديه...عرق البطة...كان يشرب كثيرا..يتكلم قليلا...قيل انه من عائلة ثرية ومشهورة

وقيل انه الأبن الوحيد لتاجر يملك ثروة خرافية...لم يكن من سكان تلك المدينة..كان قد جاء من مكان آخر..لا احد يدري  سبب أختياره لهذه المدينة

التي تشبه الريف اكثر ما تكون مدينة....ظل الطبيب عشرين سنة  في تلك المدينة...وكما استيقظت المدينة ذات يوم لتجد عيادته استيقظت ذات يوم

وكان الطبيب قد غادر تلك المدينة..لا أحد يعلم أين ذهب ذلك الطبيب...قيل انه سافر لبلاد بعيدة...قيل انه ذهب للعاصمة وقد أقسم الكثرون أنهم شاهدوه

في شوارع العاصمة...وقيل ايضا انه رفض مشيئة والده في أن يتزوج احدى قريباته...وهاجر مع امرأة كانت تحبه ويحبها...فعل ذلك بعد ان رفض

الوالد أن يبارك له زواجه...

استيقظ من شروده...لا يدري لماذا تذكر ذلك الطبيب...في زمن ذلك الطبيب كانت حقول المدينة خضراء دوما...لم يكن الناس يصلون  طلبا للمطر

كانوا يصلون حتى لا يغرق الله مدينتهم....تأكد بشكل ما ان السماء تغيرت طباعها في هذه المدينة عندما تبدلت نفوس ساكنيها.

 

 

  رسالة الى امرأة ما

ذات العينين البدويتين...أقول لك سرا..قد سقطت في عشق هاتين العينين..كنت أدرك دوما ان الله خلق المرأة من أوراق الياسمين والنعناع.

حين عرفتك سألت نفسي كم من الحدائق أحتاجها الرب ليصنع امرأة مثلك...أنفاسك الدافئة في صدري تحوله الى ادغال من اشجار النخيل..

يا ذات العينين الحمامتين....يا من صارت اسراب السنونو لا تهاجر في الشتاء بل تسكن اهدابها...مولاتي..هل تندسين في معطفي هذه الليلة الباردة؟.

أريد ان أتجول معك في كل شوارع المدينة...السماء سوف تمطر لو فعلنا ذلك..سوف تهطل عشقا وخرزا ملونا..وكرات حرير..هاتي

يدك داخل كفي ..يدك الرحيمة هذه اذابت كل جبال الجليد التي تراكمت وكبرت في دواخلي سنينا بعد سنين..يا امرأة غسلتني تحت مطر من عسل وحليب.

هل أقول لك سرا يا جميلة العينين...قد سقطت في عشق هاتين العينين.

2011-01-17
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
المزيد