وتستمر حكاية الأيام , وتتعاقب فصول السنين , وعلى ذاكرة الخريف يقف معلناً حداداً رسمياً على ما مضى من الأيام .
هو والخريف وطقوسه المنسية , يحاول أن يعود إلى أحلام صباه , ينشر فوق حنين تلك الأيام آهاته اللاهثة وراء ورقة خريفية تتلاعب بها الرياح , يأمل بسرير يضع عليه جسده المتراخي من تعب أخذ منه كل قواه ليجد نفسه متهالك على رصيف الحكاية , ويأمل أن يتذكر ماضيه عسى ذلك أن يعوضه عن آلام العمر المنقضي فوق أحزانه التي ما بارحته حتى الساعة .
كشعاع شمس دافئة تخطر في ذاكرته وهي على قداستها المعهودة ورزانة خطواتها التي لا يكاد ينسى حتى تفاصيل صغيرة امتازت بها .
سأحكي لك حكاية الخريف: عندما كانت عصافير الوجود تغرد أناشيدها الجنائزية وهي تحضر نفسها لفصل يبدأ عندما تشاهد أرصفة الطرقات مكتسية بصفار الأوراق الذاهبة إلى ربيع قادم
سأبكي على صدر الله حنيناً تشعرني به ليال الخريف وأوراقه و أدرك كم من الحزن تختزن ذاكرتنا وكم من آلام لا ندرك وجعها إلا حينما تنال منا السنين , آه يأيتها الطيور أنت ذكية حتى عند هجرتك تدركين تعاقب الأيام , وجهتك استمرار الأمل في الحياة .
كم نحن مخادعين وكم للقسوة فينا مكان تركن إليه , نموت ولا ندرك إلى أي زمن ننتمي , هو ذلك الإنسان المترنح دائماً من غضب مكنوناته الخبيثة , لا يعلم للوجود مكان , يتسابق مع ظله الذي يزول بزوال شعاع الشمس المنكسر في هذا الفصل . الذي يقدم لنا حكاية الماضي وشعورنا بالخذلان ,
نمضي وتمضي الحكاية , لعشق هامتها الجميلة ومحياها الباسم من ندى ربيع منصرم ,آه يا قلبها المخزون بين ضلوع آهاتي , وعشقها المحفور فوق صدأ أحلامي أحاول أن أعيش متاهاتك المتروكة عند ذاكرتي وأعود إلى دفاتري عسى أن أجد لك وصفاً ينبه أفراحي التي لم أشعر بها وأنت في عصور النسيان وأعود لأجد للخريف حكاية متروكة على ورقة ما عدت أذكر أين خبأتها , لأبحث من جديد في مخابئ السرير عن شيء لا أعرف محتواه ولأدرك أنني أصبحت في خريف العمر مع حلول هذا الخريف .
