استلمت فتاة دمشقية الهوى تعيش في الكويت رسالة الكترونية من أبو زيد يحذرها فيها ويبشرها بعذاب جهنم إن هي تجرأت وتعاطفت مع كارثة اليابان.
فقد قال المرسل في رسالته أن ما حدث في اليابان بلد الكفر والإلحاد وعبادة الأصنام هو صيحة تحذير ونذير لأولئك الكفرة والملحدين، الذين كفروا بالله وعصوا وتكبروا وطغوا في الأرض، وأضاف إن ما يحزن إننا نجد من بعض جهلاء المسلمين، هداهم الله، من يترحمون على هؤلاء الكفرة والفجار المشركين عبدة الأصنام.
مما حدا بالفتاة إلى كتابة مقال الزلزال الكافر، قالت فيه من جملة ما قالت: غريب..! لم نسمع عن أهل اليابان غير الدماثة والتواضع، ولم نعرف إلا أن معظم مدنهم قد سويت بالأرض إبان الحرب العالمية الثانية، فأعادوا بناءها من جديد بكل عزيمة وإصرار لتصبح اليابان من أكبر دول العالم وأهمها! وعندما بُثت الصور لحظة وقوع الزلزال المدمر في اليابان، ذهلنا لرؤية اليابانيين وهم يتصرفون بكامل هدوئهم رغم حالة الهلع التي أصابتهم. فبدل أن يتراكض موظفو سوق مركزي هربا بأرواحهم، راحوا يسندون الرفوف لمنع سقوط الزجاجات عنها، وبدلا من التدافع المعتاد (لدى الشعوب الغير ملحدة)، وقف المئات من الناس بانتظار إشارة المرور لتسمح لهم بالمرور بينما الأرض ترتج من تحتهم.
وبالرغم من كل الذي حصل، لم تحدث حوادث سرقة وسلب ونهب كما تعودنا أن نرى في ظروف كهذه! (لدى الشعوب الغير ملحدة)، وفي لقاء على محطة الـ بي بي سي، قال مسؤول عملية إنقاذ أميركي انه لا يكاد يصدق تلك السكينة والتزام الأدب والاحترام والغيرية التي تحلى بها اليابانيون وهم في هذه المحنة.
أهؤلاء هم اليابانيون الكفرة الفجرة الطغاة الذين تحدث عنهم الأخ في رسالته؟ واستطردت الكاتبة قائلة: استغرب فوقية البعض وكأنهم احتكروا رحمة الله وجنته حصريا لهم.. وأندهش من أشخاص (كأبو زيد) ممن يشمتون بكارثة حلت على بشر مثلهم، ويحزنني إن يلصقوا بشاعة مشاعرهم بديننا الحنيف، فيستخدمون ما يستخدمونه من مرّ الكلام لتزوير رحمة ديننا وسلامه. فهل يعقل إن ينظر أحد لزلزال مدمر، وتسونامي هائل، وتسرب إشعاعي خطير من مفاعل نووي، نظرة حاقدة كتلك؟! ثم عندي سؤال للأخ الشامت، إن كانت الكوارث الطبيعية تستهدف الكفار، حصراً، فلماذا أصابت أيضا اندونيسيا وأفغانستان وإيران والجزائر وباقي الدول المسلمة.. أم أن هناك زلزالاً إسلامياً وزلزالاً كافراً؟
من المؤكد أن اليابان لم تسأل على أي دين هم الكويتيون، عندما قدمت لنا 12 مليار دولار، بعد الغزو الصدامي، وها نحن نرد لها الجميل ببؤس فكري مقيت وتسونامي جهل يغرق أدمغة البعض منا. لكن في النهاية لا يسعنا إلا أن ندعو الله الذي نعرفه نحن (وليس الذي يدّعي الأخ معرفته)، أن يرحم اليابانيين وان يعينهم في النهوض من كبوتهم، ليعيدوا إثراء البشرية بعلمهم وأخلاقهم وحضارتهم.
وقرأت المقال مرتين، وزادت قناعتي بأنه بوجود عرب مسلمين منفتحين وحضاريين كالكاتبة ومن في ركبها فكراً وقولاً وعملاً فإننا نقترب فعلاً من وضع قدمنا اليمنى في دائرة العالم المتقدم عن طريق تبني الفكر المنفتح وكسر القوقعة، فكتبت التعليق الآتي:
5 - لحظة
آرا سوفاليان | سوريا - Friday 25 March 2011 01:05:00 PM
في الوقت الذي تتغير فيه نظرية توصيف الناس والتشهير بهم ورفع الشاهدة في اليد اليمين وتلقيب هذا بالكافر والآخر بالزنديق والمرتد والفاسق إلى آخره وكأننا أوصياء على ملك الله والبشر والحجر تبدأ الخطوة الأولى في احترامنا من قبل العالم المتقدم ... الله لا يحتاج لمحامون وهذا واضح في سورة الكرسي ... ماذا يهمني من الشعب الياباني إن كان يعبد بوذا أو يعبد الرياح أو النار أو الجبال إذا كانت أخلاقياته أسمى بمليار مرة من أخلاقيات من أفرغ الخدج والأطفال المولودون قبل التسعة أشهر من مشافي الكويت إبان الغزو العراقي ورمى بهم إلى الأرض وتسبب بموتهم المحتم بهدف سرقة المستوعبات الطبية للخدج و كل ما احتوت عليه المشافي من أجهزة ومواد وأيضا سرقة كل شيء من مال وأثاث وسيارات ونقلها إلى العراق وترويع الآمنين باقتراف مذابح ضد شعب أعزل سبق له أن دفع الكثير للعراق ... وبعد ذلك أهلاً بالشعب الحضاري الكافر حتى ولو عبد ما يشاء فأنا لست مفوض من الخالق لمحاسبة الناس لأنني أنا أكثر الناس الذين بحاجة لإصلاح شأني ونفسي وأمري لأكون جديراً بوجودي على هذه الأرض كزائر يقدم منفعة للغير
وعادت بي الذاكرة إلى الأيام التالية لاجتياح العراق والناس تتوافد زرافات ووحدانا إلى المؤسسات والمباني الحكومية والمصارف والمتاجر والأسواق تسرق وتنهب كل ما تقع عليه العين، والخنازير من الغزاة يقفون ببنادق مشرعة يضحكون ويتندرون وهم يباشرون حراسة الفوضى الخلاقة! وشرع الله يأمر بقطع يد السارق، وتضيع البلاد التي يضيع فيها شرع الله.
وهناك آيتين لا يتزعزع إيماني بهما الأولى: "كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ" والثانية: "اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا! شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيم"
يقابلهما سؤال هام جوابه معروف وهو: من هم المتسببين والى أي درك أسفل ذهب الفاعلون بـ (خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) بخيرها وشرها إلى حيث ذهبوا بها؟ فأدوا أو كادوا يؤدون بها إلى الفناء وسلبها وظيفتها السامية! لمعرفة هؤلاء فلا بد من السير في درب هذه الكاتبة وأمثالها لأنه طريق الحق والخلاص، لقد نجحت هذه الكاتبة في كشف أحد المتسببين، ففي هذه المرحلة الصعبة يجب أن ينصب الجهاد على الأنفس الضحلة لإصلاحها، ويجب الكف عن توصيف الناس والتشهير بهم ورفع الشاهدة في اليد اليمين وتلقيب هذا بالكافر والآخر بالزنديق والمرتد والفاسق إلى آخره وكأننا أوصياء على ملك الله والبشر والحجر... وبعد هذا... تبدأ الخطوة الأولى في احترامنا من قبل العالم المتقدم.