الأغرب من الخيال والأوجع من الواقع كانت اقتراحاتنا التالية ، مرمية على قارعة الوهم
مقدمة:
الأخطار هائلة جداً، والضغوط أكثر من أن تحصى، والمؤامرات أصبحت علنية وأكثر وقاحة، والدسائس كبرت وتنوعت أساليبها وأدواتها، والأنكى، تطوع بعض العرب داخلياً وخارجياً، للمساهمة في زعزعة الاستقرار الداخلي في سورية، وعرقلة عملية التطوير والتحديث التي دارت عجلتها ضمن الإمكانات المتاحة، والأخطر استهداف الوطن أرضاً وشعباً وإنجازات ووحدة وطنية، وربما السعي الأمريكي والصهيوني لتفتيته وتقسيمه، بعد دماره أو تمهيداً لتدميره، كقلعة صمود وتصدي وممانعة، وثبات على المبادئ والعقائد والأهداف، والتمسك بمناهج وأساليب عمل وطنية وقومية. لهذا كله أجد من الواجب تقديم ما يمكن من اقتراحات متنوعة وايجابية: على قدر ما اعتقد.
الجزء الأول :
في الأمور شبه العسكرية
أولاً: إلغاء كافة المنظمات والمؤسسات شبه العسكرية وتوحيدها في جهتين دفاعية وخدمية مركزيتين وقويتين وفاعلتين، كما سيأتي.
أ- فالتدريب الجامعي لم يعد له من دور وفاعلية، كما كان مخططاً له ومنفذاً في مراحل سابقة، لتأهيل الطلبة للمساهمة في الدفاع عن الوطن، خاصة بعد تخفيض الدورة إلى عشرة أيام، والاهم هو خضوع هؤلاء الطلبة لأداء خدمة العلم لاحقاً، فالجهاز والتكاليف كبيرة، والنتائج متواضعة إن لم تكن شبه معدومة. فلماذا الاستمرار بهذا الأمر؟!
ب- الجيش الشعبي، جهاز اكبر من كل تصور. والمهام الموضوعة له كانت أكثر فعالية ومجدية، ودوره كرديف للجيش النظامي، في الدفاع عن الأماكن المأهولة بأنواعها، وعن المرافق المؤسسات والمنشآت الصناعية والحيوية .... الخ، لكن أين هو الآن من هذه المهام؟! انه هياكل وتجمعات بلا شيء، اللهم إلا لاستيعاب الفائض من الجيش النظامي، لأي سبب كان، فلا التدريب مجدي، ولا المشاريع والتمارين العملية على أداء المهام منفذة ومقيّمة حسب الأصول، ولا حتى تجهيز استحكامات وتحصينات وأنفاق ووسائل حماية مجهزة ومصانة كافية للأسوأ المحتمل، ولا حتى استعراض وجود كما كان عليه الأمر سابقاً. رغم صدور ملاكاً كاملاً وشاملاً له، حسبما اعتقد، وجرى تنفيذ هذا الملاك على ارض الواقع، من كتائب وأفواج .. الخ، كامل ساحة الوطن، بما في ذلك قياداتها، وقواتها، وعدتها وعتادها، ولكن أين النتائج والإنجازات والعطاءات؟! فلماذا يبقى الجيش بهذا الحجم الكبير، موزعاً على محافظات القطر وتوابعها بلا فائدة تذكر، ولا حتى إجراء تمارين ومشاريع جدية، ولا اختبارات طوارئ مفترضة، قبل أن تكون حقيقية؟! ولماذا تتحمل الدولة كل هذه التكاليف الباهظة ؟ ولماذا يبقى مجالاً مفتوح نسبياً لاستمرار الجمود والاستكانة والخلل الإداري والعملياتي ..؟! أو على الأقل مفتوحاً للعطالة والتعطيل الضار بالجميع ..؟! ولماذا لم يبرز إشراف قيادات الجيش عليه بشكل فعال ومثابر؟ ولماذا لم تتجدد قيادته عبر كل هذه السنين، رغم ماضيها المجيد، وحاضرها الأديب؟!
جـ - الحرس القومي، كان اليد القوية والفعالة، في الدفاع عن الحزب وعن الجماهير وعن مكتسباتها الرائعة، التي حققتها الثورة لها .... فأين هو الآن؟ انه مجال رسمي ومبرر لتفريغ آلاف الرفاق على ملاكه وغيره، وقد قيل أن عددهم بلغ عشرات الآلاف ..!! والجميع يعرف دوره الآن، الذي ليس له أي علاقة، بحيثيات إنشائه والمهام التي أوكلت إليه، انه يشبه الوحدة الإدارية للحزب ومنظماته، فلماذا يبقى مع ما يتطلب من تكاليف ..؟ ولماذا لا يكون الحزب وكل منظماته وحدات مسـتقلة إدارياً ومالياً ( إذا لم تكن كذلك حتى الآن)، تدفع ما يلزم دفعه كتعويضات تفرغ للرفاق المتفرغين ..؟ ولماذا لا يعاد النظر بأرقام الرفاق المتفرغين ليكونوا حسب الحاجة والضرورة فقط؟!
د- شبيبة الثورة، ماذا بقي منها كدور تأهيلي ثقافي عقائدي وعسكري، للمشاركة مع أجهزة الأمن الأخرى في الدفاع عن الوطن؟! والملاحظ أن هذا الدور يسير ببطء وتدرج إلى نهايته، لكن كما يبدو بحياء وخجل من قول ما يجب أن يُقال من حق وواقع وصواب في هذا المجال، لا بل لابد من القول الفصل الذي تراه القيادة مناسباً، بإلغاء كافة الأشكال والمظاهر العسكرية، عن كافة منشاتها التعليمية، إلا الدفاع المدني الضروري لكل المواطنين والوطن.
- وهذا سيوصلنا حُكماً، حسبما مرّ إلى قرار حكيم للقيادة، بتشكيل منظمة شبه عسكرية هادفة وقوية ووطنية مؤهلة، لإعداد فئات وشرائح المجتمع، ليس آلاف المقاتلين منهم بل الملايين، كما فعل العراق، عندما تأكد بان العدوان قادم لا محالة، ونحن على يقين بأن العدوان علينا قادم، لا سمح الله، فلا بد من إعداد له ما نستطيع من القوة ورباط الخيل، وسيأتي تفصيل ذلك لاحقاً.
هـ- الدفاع المحلي، أكثر الأجهزة الموجودة شبه العسكرية، التي لها وجود فعلي على الأرض، وتحاول تحسين وتطوير أداءها ولو ببطء وبالحد الأدنى الذي يتقبله عناصرها، الذين فقد الكثير منهم الحماس للعمل، وربما الإيمان به، وبالدور الوطني والإنساني المناط به، لألف سبب ..؟ على قيادته التعرف على مواطن الخطأ والصواب، وتصحيح الخطأ وتقوية الصواب وترسيخه.
ملاحظة: وللعلم هذه ليست أكثر من ملاحظات، يرجى عدم تحميلها أكثر مما تحتمل منطقياً وعلمياً. والحقائق الموضوعية، على ما اعتقد، يعرفها غالبية أصحاب الشأن والاختصاص، وتحتاج للدراسة والمعالجة الشفافة والجدية.
ثانياً: لذلك اقترح
أ- تجميع كافة هذه المنظمات شبه العسكرية في جهازين الأول للدفاع، يشكل له قيادة تتمتع بوعي عميق وثقافة علمية ونوعية واسعة، وشعور عال بالمسؤولية والحزم، وتأهيل راق وتقني ورفيع، بالإضافة للأَوْلى والاهم الثقة والشفافية والصدق مع نفسها والقيادة. وإصدار ملاك كامل متكامل دقيق وكاف فقط، علمي وموضوعي، بهياكل وأدوات وأساليب تقنية فعالة ومجدية، ويمكن الاستعانة ببعض المتقاعدين من ذوي الخبرة والنزاهة والجدية والتصميم والإيمان، وخاصة من القوات الخاصة، في مجال التدريب بأنواعه ومراميه وأساليبه، وإعادة الاعتبار المعنوي لكل عناصر هذا الجهاز، أفراداً وصف ضباط وضباطاً، وإشعارهم بأهميتهم من أهمية جهازهم العالية..
ب- إعادة النظر بالدفاع المحلي، هياكله وأدواته، عناصره وأساليبه ووسائله، أي باختصار إعادة تشكيله بضم ما تشاء القيادة من المنظمات والقيادات والعتاد حسب ما تراه مناسباً. ووضع برنامج صحيح وكثيف وحازم، لتأهيله ورفع كفاءته، والتأكد باستمرار من جاهزيته العالية لأداء مهامه بشكل ممتاز، مع منحهم إمتيازات مجزية ....
جـ- باختصار شديد، يمكن للقيادة تكليف لجنة مركزية، لدراسة تلك المقترحات، ووضع وواقع المنظمات شبه العسكرية الموجودة في القطر كافة، التي ذكرت والتي لم تذكر هنا .... وتقديم ما يلزم لإيجاد وتشكيل الأصلح والأفضل والأجدى، خاصة بعد التعرف بدقة على التوجه العام للقيادة بشان التصور المستقبلي، الذي تريده، لهذا الوطن ومنظماته وقواه، العملية والقوية والفعالة، حتى تستطيع اللجنة التوجه بالبوصلة بالاتجاه الأصح والأدق. فيكون الأفضل للجميع لتوحيد الجهود بدلاً من بعثرتها وهدرها بلا جدوى، وتوفيراً لتكاليف باهظة وهائلة، الله يعلم كم تبلغ والراسخون في العلم أكيداً. لكن العجيب انه لا احد فكر بإصلاح الأمر، كما يجب أن يكون، ووضع أنشطة جميع، تلك المنظمات والمؤسسات، بالاتجاه الصحيح والمفيد والفاعل، بعد توحيد المتشابه منها، في منظمة واحدة مركزية القيادة والقرار والإشراف، والمتابعة المستمرة والتقييم والإرشاد والمحاسبة، فالجزاء الايجابي والسلبي للكل، بغاية التطوير والارتقاء بالأداء والشعور العال بالمسؤولية الوطنية والمسلكية.
ثالثاً:
أ- اقترح تخفيض سنين الغربة للعاملين السوريين خارج القطر سواء في دول الخليج والسعودية، أو في بلاد العالم الأخرى، إلى ثلاث سنوات كحد أقصى وربما اقل، بدلاً مما هو معمول به حالياً. وتخفيض قيمة البدل النقدي إلى ثلاثة آلاف دولار بدلاً مما هو نافذ حالياً أيضاً، بلغ ما بلغ، لأي كان وفي أي مكان كان .... تشجيعاً لهؤلاء المواطنين للعودة إلى الوطن، سواء بشكل مؤقت أو دائم، ومعهم أموالهم بالعملة الصعبة، للمساهمة في بناء الوطن واعماره وتطويره. وإذا تعذر ذلك فليكن توحيد المدة بخمس سنوات والبدل النقدي بخمسة الآلاف دولار، لجميع المواطنين السوريين العاملين خارج القطر، أي كان مكان عملهم. وأنا مع الاقتراح الأول بمدة ثلاث سنوات، أما البدل النقدي فيمكن الحوار فيه، وتحديد الأنسب للمواطنين والوطن.
ب- السماح للمواطنين السوريين داخل القطر بدفع البدل النقدي بحدود 300.000 – 500.000 ل.س لمن يشاء ذلك، على أن يعود ريع ذلك إلى صندوق خاص، في الإدارة المالية، ويمكن تسميته "بصندوق المجندين" يوزع دخله، بعد حسم نسبه منه لتغطية نفقات محاسبته، على المجندين بحسب رتبهم، فيعفون بذلك أهلهم مشقة تامين مصروفهم، وهو ليس بقليل كما يعتقد البعض، خلال خدمتهم الإلزامية، وربما يصير العكس فيقدم هؤلاء العون المادي لذويهم. وهكذا القادر يدفع وغير القادر يقبض، وبالتالي فالقادرون يدفعون بشكل غير مباشر لغير القادرين. والمنطقي وبغير حساسية من مقولة الحق والعدل والاشتراكية، وبالتفكير الهادئ والموضوعي، فالعقلانية ترجح المصالح على المثاليات، فالجيش بطبيعة الحال مستهلكٌ بشكل عام، (وقد انتهى إلى حيث لا ندري شعار الجيش للحرب والأعمار).
فلماذا لا يكون جزء منه مستمراً بالإنتاج، وتقديم جزءاً من إنتاجه هذا لرفاقه العسكريين غير المنتجين، الذين يؤدون خدمة العلم، فلماذا تكون خدمة العلم وكأنها عائقاً كبيراً، أمام الكثير من أصحاب المشاريع العديدة الكبيرة منها والصغيرة، وأمام بناء مستقبل امن ومستقر، وبالوقت نفسه يدفعون ما يترتب عليهم من ضريبة لخدمة الوطن، ربما تجعل حتى المستهلك في الجيش منتجاً عبر ذويه، (كأنه متطوع بحجم الراتب الذي يقبضه) لكن الأمر يتطلب الجرأة والشجاعة والتفكير العقلاني لا العاطفي، فهذه العاطفة لن تفيدهم شيئاً لا هم ولا ذويهم، كل ما نحتاجه تغيير نمط تفكيرنا، وجعله تجريبياً، والكف عن التغني بالمثاليات المعلقة بالسماء غير ذات فائدة ولا جدوى.
- ثم كل سوق من المجندين بمختلف رتبهم، يكفي حاجة الجيش منهم أو ربما يفيض، فلا يؤثر دفع البعض البدل النقدي من جهة، وتحسين الأوضاع المادية للبعض الآخر، وليس دفع البدل النقدي غريب عبر تاريخ سوريا، فكان موجوداً بالخمسينيات، وكان يتبع الذي سيدفع دورة تدريبية لأربعة أشهر تكفي حتماً، فلماذا لا يعاد العمل به اليوم؟ وإعداد ما يلزم لتنفيذه بالشكل الأمثل والأفضل....؟
جـ- تخفيض مدة خدمة العلم لتكون سنة ونصف بدلاً من السنتين والنصف الحالية، توفيراً للتكاليف الهائلة، وإفساحاً للمجال الواسع، لاستغلال السنة المخفضة، بالإنتاج بدلاً من الاستهلاك، ويعلم الجميع الحيثيات والموجبات التي تستدعي ذلك، ويتطلب الأمر الجرأة باتخاذ القرار الملائم الذي تراه القيادة مناسباً. مع التذكير بما قلناه في الفقرة السابقة، بان كل سوق للمجندين يكفي حاجة الجيش منهم وقد يفيض، وسيفيض حتماً باستخدام التقنيات الحديثة العصرية في الجيش والقوات المسلحة، بكافة المجالات والميادين، المؤدية بالنتيجة إلى تخفيض الحاجة للعمل اليدوي كثيراً، بالإضافة إلى تكاثر السكان الطبيعي الكبير نسبياً عالمياً.
ملاحظة: هذا التجزيء فقط لتسهيل الدراسة حسب الاختصاص.