كان يوما عاديا باستثناء ان حبه الاول ندى كانت على موعد معه ليجرى لها عملية توليد ابنها البكر ,ليس منه طبعا بل من فوزي الذي جاء في ذلك اليوم الممطر من العام الماضي هو ووالدته السمينة محملين بالذهب والفضة حيث بمجرد ان رأت فقوش والدة ندى تلك العطايا وافقت على فوزي بالرغم من انه شخص مطبل بالدنية مزمر بالآخرة.
طوال الربع الساعة التي استغرقت عبود للوصول للمشفى تذكر ذلك اليوم الصيفي , الخامس عشر من حزيران اليوم الذي وقع فيه بحب ندى, تذكر دموعها وضحكاتها وصوتها الناعس تذكر كيف كانت تسحب مبسم الأركيلة من فمه وتعلمه ان الانوثة فن.
وصل عبود للمشفى مكركبا مهموها حزينا مثقل بذكريات الماضي وتعب الشوق على رأي جوزيف عطية .
كيف سيقابل ندى من جديد وبأي وضع ..وهي حامل من فوزي ,فوزي الذي انتزع براءة الطفل من عينيها فوزي الذي خطفها من قلب اكثر محبينها, فوزي فوزي فوزي الله يبلاك بموزة تنزل بزلاعيمك وما يلتقى حكيم يطالعلك ياها.
*****
دلف عبود لمكتبه بالطابق الثاني في المستشفى ومن فورها هرعت الممرضة سميحة لتلبس عبود المريولة وهي تقول بابتسامتها الماكرة....مدام ندى عم تستنانا بغرفة العمليات, رمق عبود سميحة بنظرة عتاب وتوجه لغرفة العمليات ليقابل حبه القديم الذي خسر لاجله الكثير.
يالله
ها هو عبود سيرى شيئا طالما حلم برؤيته ، شيئا طالما حلم ان يكون له ،دخل عبود الى الغرفة مصفرا منكمشا كمومياء وبالرغم من عدم زواج ندى وعبود فقد كانت ندوش تحمل كل الحب في قلبها لعبود وقد اصرت على ان لا احد سيرى المستور الا زوجها فوزي ودكتور التوليد تبعها وهو صديق المراهقة.
عبود عبود...صباح الخير مدام ان شاء الله المحروس ماعم يرفس ندوش...ماتبلى هالمريولة عليك يسلمولي الدكاترة كلون لأجلك تعا خدلك بوسة ولاك اشتقتلك, اقترب عبود دامع العينين لياخذ تلك البوسة الاخوية من ندوش وفي قلبه حسرة ونظرة يا ام المحبوب, انتهت ندوش من تقبيل عبود وهي موردة الخدين.
عبود متآسيا...ندوش هلأ وقت الشغل ان شاء الله ما بنحتاج لعملية قيصرية بدي ياكي تسترخي وبس اقلك دفشي بتدفشي ماشي وفي تلك اللحظة دخلت فقوش والدة ندى واحتياط الذهب العالمي كلو مرصوص بساعديها (من خير فوزي) وهي تقول ...ولي على طولي ..لك ولي على طولي ياندوش والله لساتك صغيرة كيف بدك تولدي هلأ
عبود مشمئزا ...خالة لاتخافي ندى اخت رجال بس وينو فوزي معقول هالزلمة هاد بيعمل عملتو وبيهرب طيب مو هو سبب المشكلة هي كلها يجي يتحمل غلطو.
فقوش ونظرات الحقد تتطاير كالشرار من عينيها...فوزي هلأ بالمغرب عم يتعبد ربو.
عبود...ايون اي بالسلامة ان شاء الله
ندوش منكمشة...عبود عبود عم يرفس الحقير كأني بدو يطلع
عبود...يلا شباب فقوش فتوش الكل لبرا
عبود متحاملا على نفسه والآلم يعتصر قلبه كحبة ليمون تتدلع فوق صحن ملوخية وبيد راجفة رفع الغطاء عن ندوش ...وقف عبود يتأمل وبقلبه حرقة قائلا...يالله لماذا ضوعت هذه الفتاة لماذا لم يتوج حبنا بزواج يستمر مع الايام ويصبح حبنا حكاية يتداولها العشاق .
عبود بعينين دامعتين...ندوش ادفعي للامام
ندوش...امممممم ماعم اقدر ماعم اقدر
عبود دامعا....حبيبتي معلش كرمالي شوي كمان ليكو راس الولد مبين
ندوش..اممممم يلا يلاااا خلصيني ياحبيب الماما
فؤاد بوبو....وااااااع وااااع مابدي اطلع انا هون مبسوووط
عبود....شو الشغلة بكيفك ماتطلع العمى بقلبك طلاع ولاك
فؤاد بوبو...وااااع واااع ماما عمو عبود عم يعيط علي وااااااااع
ندوش...حبيبي عبودة لاتعيط على الصغير تحملو شوي
عبود متمالكا اعصابه...حبيبي طلاع هي سنة الحياة هلا بتطلع وبتكبر وبتدخل للجامعة وبيصير معك مصاري كتير وبتضحك على وحدة بمصرياتك متل ماضحك ابوك على امك
فؤاد بوبو...يعني اذا طلعت رح تصيرو تحبوني
ندوش...اكيد انت حبيب الماما
فؤاد بوبو...طيب على بركة الله
*****
خرج عبود من غرفة العمليات ملطخا بالدماء والدموع تسيل من عينيه والممرضة سميحة من وراءه عم تركض وتقول الله يعطيك العافية دكتور
عبود وهو يتنفس بصعوبة...انا راجع عالبيت اجلي كل مواعيدي لبكرا
سميحة...امرك دكتور
نظرت سميحة متآسية باتجاه غرفة التوليد فرأت الضحكات والسعادة في اوجها وعلى وجه ندوش ابتسامة متعبة وفقوش تتمايل هي ودهباتها
*****.
دلف عبود الى داخل السيارة وعينيه تفيضان بالدموع وبأصابع راجفة ضغط على زر الراديو
وتردد صوت جوزيف عطية مدندنا ...تعب الشوق يندهلوووو
تعب القلب يشتقلوووو
قلبي ماحب من قبلو لااااااااا
عندي حنين لعيونوووو عمري لمين من دونوو ان مرئو سنــــين مابخونو لو خاااان كل العشاااااق
على دندنات ابو الجوج كان عبود يهوي بسيارته المرسيدس بالوادي والحزن والآسى يتطاير من سيارته
كانت جنازة مهيبة بحق ,حضرها جميع ضحايا الحب العذري
تخليدا لذكرى بطل غرق في حب فتاة حتى الممات كانت قد باعته مع ماضيها الجميل بأبخس الاثمان
5/11/2010
2:36 a.m
اهداء خاص لتؤام روحي الي كرمالو كتبت القصة...بيعرف حالو