ثانياً:مرآة الأحداث و انعكاساتها
وإليكم على ما أعتقد أنه يشخص الواقع و يعالجه :
1ـ إن المتظاهرين والمحتجين، كانوا، على ما أرى، نوعان أو صنفان، احدهما خرج بالعدوى التونسية أو المصرية ،و هذا وارد جداً ومنطقي أيضاً، و النوع الأخر خرج للتنفيس عن المكبوت في نفسه لأعوام ،و إحساسه الكبير بأنه مخنوق ،و جاء الوقت المناسب ليصرخ و يهتف، و يطالب بأهداف و غايات محقة ومشروعة ،تلقتها القيادة الحكيمة للرئيس بالترحاب والاستيعاب و التفهم ،لا بل وبالإصرار على تنفيذ برنامج إصلاح جذري شامل، للارتقاء بسوريا إلى مدارج التقدم والازدهار والحضارة والسلام .
و لقد احترمت القيادة و السلطة، رغبة الكثير الذي لا يزال بحاجة لرفع صوته، للتعبير عن رأيه ضمن سقف الوطن و سيادته وأمنه، وتحت سقف القانون والنظام ، لكن ذلك يجب ان يتوقف، على ما أرى بعد ان تبين الخط الفاصل، بين الحق والباطل، وبين الشريف والخائن، فمن لا يزال يريد الخروج محتجاً وصارخاً بدون ترخيص، فهو يدعم السفاحين المأجورين، لا بل يصبح مشاركاً في جرائم قتل و ذبح عناصر الأمن والمواطنين الأبرياء...، فتفكروا وعودا إلى رشدكم ووطنيتكم، سواء كنتم من تنظيمات الغدر و الخيانة الإرهابية المسلحة ، أو من المتآمرين معها ، أو الداعمين لها...، ذلكم خير لكم و اسلم..... و لتعلموا أن أسيادكم ، سيتخلصون منكم بكل الوسائل القذرة ،بعد ان تكونوا قد أديتم دوركم الأكثر قذارة وسوءاً منهم، /و بشر القاتل بالقتل ولو بعد حين .../ .
2ـ خروج تنظيمات العمالة الإجرامية المسلحة مع المتظاهرين، الذين انطلقوا من الجوامع والمساجد، يهتفون بما يريدون من أهداف و غايات حقة شرعية وواضحة ، وهؤلاء أي المسلحون إما حاقدون أو متآمرون أو خونة مأجورون، وربما كل هؤلاء معاً؟ ، وفي كافة الأحوال فقد أساء هؤلاء الإرهابيون إلى الإسلام، وشوهوا صورته الإنسانية المتسامحة الرحيمة، بأبشع أنواع القتل العشوائي، وبأسوأ الأدوات كالسيوف والفؤوس والخناجر وبالرصاص أيضاً، وبدون تمييز بين طفل وشيخ ورجل ولا إمراة حتى الحامل، فقد ذبحوا الجميع، و قطعوا الرؤوس، ومثلوا بالقتلى أقبح تمثيل ...، كما قد جرى ولا يزال، في الجزائر والمغرب وموريتانيا ومصر والعراق والبحرين وأفغانستان...، بأسلوب وحشي حاقد على الإسلام، كما يفعل مدعوا تنظيم القاعدة...، محققين بذلك الرغبة الحقيقة لاولبرايت وزيرة خارجية أمريكا السابقة، عندما قالت بعد انهيار الاتحاد السوفيتي اليوم انتهينا من الشيوعية وبقي علينا الإسلام ...
وما أحداث /11/ أيلول إلا ذريعة لتنفيذ هذا الهدف الجهنمي الذي يتمثل بالانقضاض الشرس على ديار المسلمين، الطاهر لكل عين بصيرة تحت مظلة إعلان أمريكا والعالم الحرب الكونية على الإرهاب، الذي الصقوه بالإسلام والمسلمين حصرياً، مستغلين الأعمال السيئة لتلك التنظيمات، الأجهل من الجاهلية عند تطبيقها للشريعة الإسلامية كطالبان في أفغانستان أو إعلان تنظيم القاعدة الجهاد على الصليبين وعلى الشيعة كما فعل في العراق الظواهري وغيره، مما أجبر المسيحيين ومعهم أربعة ملايين لمغادرة بلدهم بعد قتل أكثر من مليون شهيد و تيتيم أكثر من نصف مليون طفل ومعهم خراب بلدهم، أهذا ما تريدون؟! ، واستخدموها كشواهد إثبات ، لذلك الادعاء الباطل أصلاً، بالإضافة لذلك فقد شوهوا بها الإسلام كدين حنيف، وهؤلاء أيضاً شوهوا بقوة معنى الشهادة المقدس ،و شوهوا بلا حدود معنى الجهاد في سبيل الله والوطن والإنسان والحياة والسلام ، فبئس ما فعلوا .
3ـ لقد أساء هؤلاء الإرهابيون أيضاً إلى المتظاهرين، ومطالبهم المشروعة، وأجهضوا حركتهم السلمية الإنسانية بأهداف إصلاحية نبيلة معلنة، وأضاعوا عليهم فرصة التعبير عن آرائهم وأفكارهم بحرية ومسؤولية .
وبالمناسبة نسألكم أيها العصاة، بالأصل من انتم ؟ وماذا تريدون؟، ما هي أهدافكم ؟! ولماذا تفعلون المحرم وتدنسوا المحرمات؟! ولا أحد يجيب ؟!، لأنه بالأصل لا يملك الجواب، لا بل ولأنه لا يعرف إلا تنفيذ أوامر أسياده الأشرار...!! أليس هذا هو الواقع المر يا سادة ؟!
ثالثاًـ الارهاب هو العدو المجهول المخترع أمريكياً :
بعد محاولة تشخيص الواقع وقراءة الأحداث واستشراف آفاق المستقبل اعتقد :
1ـ أن أمريكا التي أعلنت بعد أحداث أيلول/2000/، حرباً عالمية على الإرهاب، العدو المجهول المخترع، و نسبته حصراً للإسلام والمسلمين كما ذكرنا، وإن أنصفت تضليلاً، فأنها تقول، أن الدين الإسلامي بريء من الإرهاب، لأنه دين سلام وتسامح ومحبة ...، والإرهابيون هم المسلمون المتطرفون والتكفيريّون المتشددون، الذين مارسوا الإرهاب المنظم في العراق والجزائر وإسبانيا وغيرها ولا يزالون، و نست أو تناست ما فعله الغرب بالمسلمين، وما جرى في ايرلندا الشمالية، وفي أمريكا ذاتها من أعمال إرهابية ، والإرهاب هو بالتعريف المختزل قتل الأبرياء أفراداً أو جماعات أو حتى دولاً، تحت أي ظرف وسبب كان، والفاعلون هم الإرهابيون، بهذا المفهوم البسيط، الذي يتناقض بالمطلق مع المقاومة المشروعة للشعوب ضد الاحتلال، بكل الوسائل المتوفرة ومنها العسكرية، التي اقرتها شرائع الأرض والسماء، حتى تحرير الأرض والإنسان رحيل الاحتلال .
وعودة على بدء، نست أو تناست أمريكا إرهاب الدولة المنظم و الموصوف ،الذي مارسته إسرائيل ولا تزال، ضد الشعب الفلسطيني صاحب الأرض الحقيقي والشرعي، لا بل نست أو تناست أنها الدولة الإرهابية الأولى والأكبر في العالم، وإنها مارست الإرهاب الوحشي الحقيقي الموصوف بامتياز، في الصومال والعراق وأفغانستان وباكستان ولا تزال، وما تفعله وحليفاتها في ليبيا أليس إرهاباً ؟ وما تنوي فعله وتسعى لفعله في سوريا لو صح لها ذلك أليس إرهاباً ؟! لا بل ما فعلته من حصار وعقوبات وضغوط وتهديدات ضدها، وكذلك دعمها للتنظيمات المسلحة، أليس إرهاباً ؟
لكنني أنا الأبسط في هذا العالم، أبشرها بانتقال الفتنة والفوضى الخلاقة والانقسام والتفكك إليها ذاتها، وإلى أوربا العجوز المطمئنة والتابعة عاجلاً أم آجلاً، لكنه حتماً قادم، وسينقلب السحر على الساحر بإذن الله .
رابعاً: المؤامرة الأخطر و الرد الأقوى عليها
وأعتقد أنه في ختام بحث الأحداث الجارية في سوريا ونتائجها واستمرارها أوجز ما يلي :
1ـ إن أمريكا الافتراس وإسرائيل العنصرية والغرب اللعين، وبعض العرب والمسلمين الألعن والأدق رقبة، الذين يعملون بكل الجد والقوة والفاعلية، وبأحدث الوسائل المتوفرة، وبأرقى تكنولوجيا الحرب النفسية والإعلامية، وتسخير كل ما لديها من عقول وخبرات وقدرات، وهي هائلة الحجم والتأثير، وأحدث أنواع الحروب التآمرية المبرمجة، والمعدة بإتقان واختصاص مذهلان، مع حملات لا نظير لها من الشحن الطائفي والمذهبي، والتحريض الشديد والمتواصل على القتل والفتنة والفوضى، كل هذا يجري ولا يزال، على سوريا لإسقاط نظامها وسلطتها، وتمزيق شعبها ودولتها إلى دويلات طائفية مذهبية ،مرفوضة بقوة و مدانة بشدة من شعبها و أحرار العالم ....، لكنهم خسئوا جميعاً، وسيحصدون الخيبة والمرارة و الخذلان بإذن الله.
أ ـ لأنه ما دام الجيش الوطني العظيم، وأجهزة الأمن الساهر والمضحية، المخلصان للقائد والوطن والوفيان للسلطة والنظام، ومعهما وقبلهما هذا الشعب الأعظم والأنقى وطنية ووفاء، ستبقى سوريا العروبة و الوطن الشامخ بعزة وكرامة، ثابتة في مواقفها الوطنية والقومية، رافضة الخنوع للهيمنة الأجنبية، أياً كانت ومن أي جهة جاءت بالمطلق، وداعمة للمقاومة الوطنية والإسلامية في لبنان وفلسطين والعراق، وأينما كانت حرة أبية.، مجاهدة بإيمان المؤمنين ......
ونكرر أن الأهم، هو وقوف الشعب العظيم بأغلبيته الوطنية الشريفة الواعية بامتياز، والصادقة مع الوطن والنظام والقائد الجسور والمحنك أيضاً، لم ولن تسمح بأن ينالوا منها، لا المتآمرون ولا الخونة ولاتجار الدم، مهما فعلوا...، ولن ينالوا أيضاً، لا من هيبتها ولا من سمعتها ولا من دورها الأساسي الكبير ، وستبقى على وفائها لأمتها ولأهدافها ولفلسطين القداسة...
ب ـ ولأنه ما دامت روسيا مدعومة، من الصين و البرازيل و دول عدم الانحياز، و على رأسها الهند ،ومن الأحرار في العالم ..، واقفة وقفة صديق جدي ومخلص، ضد المشاريع الأمريكية والإسرائيلية و المشبوهين من عرب الداخل والخارج، المتباهين بعمالتهم بلا حياء ولا خجل..!!، الساعين لاستصدار قرار يدين سوريا في مجلس الأمن، لإباحة استخدام القوة العسكرية وغيرها، كما جرى في ليبيا ، ولن ينجحوا بإذن الله ...
فنحن صامدون بقوانا الذاتية، وبدعم أشقائنا وأصدقاءنا الشرفاء المخلصين لا بل قادرون على الردع الفعال أيضاً...
2- بالإضافة لهذا، اتخاذ أمريكا ومن معها ،هيئة الطاقة الذرية وسيلة وحجة، لاتخاذ قرار في مجلس الأمن، ضد سوريا المتعاونة جداً وبصدق وشفافية معها، فكيف يتم اتخاذ هكذا قرار مشين وفاضح، لهذه الهيئة التي أصبحت فاقدة المصداقية والاستقلالية والنزاهة ، وغير قادرة على كسب ثقة العالم بها ، لتؤدي دورها، لضمان السلم والأمن العالميين ، ولكي يتخذ مجلس الأمن، أي قرار ضد سوريا ،لا بد له من قرائن وأدلة دامغة، وهم لا يملكون شيئا من هذا بالمطلق، لذلك كان قرار سوريا بالاستمرار في تعاونها الوثيق والمثمر مع هيئة الطاقة الذرية صائباً، لما فيه مصلحتها ومصلحة المجتمع الدولي أيضاً...
3ـ ورغم ما فعلته أمريكا ومن معها، بهيئة الطاقة الذرية، وفشلها بالإساءة لسوريا للمرة الثانية، فإنها ستلجأ لآخر ما في جعبتها، وهي المحكمة الدولية الخاصة بلبنان ، فربما عملت على استصدار قرار اتهام آخر،يشمل مسؤولين سوريين رفيعي المستوى، ومسؤولين هامين في حزب الله تمهيداً لمباشرة الحرب عليها وعليه، ولو باستخدام القوة العسكرية تحت الفصل السابع، الذي أنشئت المحكمة تحت سقفه، لهذه الغاية بالأساس والحصر قطعاً، لا سمح الله، لكنه احتمال وارد جداً، يجب الاحتياط الجدي له حتماً....
وبالمناسبة أن ما يدفعه لبنان للمحكمة الدولية من ملايين الدولارات سنوياً، منذ إنشائها ولا يزال، يكفي بالتأكيد ويزيد، للتعويض على كافة المتضررين من الجرائم الإرهابية في لبنان، لعشر سنوات ماضية، أفلا تعتقدون أن هذا هدر كبير لثروتكم بدون طائل ولا مبرر، أنتم أولى بها حقاً وصدقاً...، فتبصروا يا أهل لبنان الشقيق الكرام الأحرار ... و قرروا ونفذوا ما تقررون فوراً، فقد أفقركم الشهيد وهو حي، ولا يزال يفعل ذلك وهو ميت فعجباً؟!.
وستسمر أمريكا ومن معها في هذا المسعى أيضاً، ولكنها ستندم للضرر الذي سيصيب مصالحها في المنطقة و إسرائيل أيضاً.