يقال في كتب التاريخ أن السلاطين والأمراء دأبوا في الغالب لتحسين أوضاع فئة محددة من الشعب تكون قريبة منهم وترعى مصالحهم مما يجعل باقي الفئات معرضة بشكل أو بآخر للظلم والاضطهاد ذلك أن الإحساس بعدم المساواة وحده يكفي ليشعر الإنسان بالغبن وضعف الحال. وقد يكون ذلك مجرد شعور.
أرسطو فهم اللعبة وعرف من أين تؤكل الكتف فقرر في كتبه السياسية أن الوسط هو الحل فحين نضع ثقتنا في الطبقة الوسطى سيكون التحكم في الأمور أكثر سهولة.ثم رجع ليؤكد أنه لا يجوز تعميم نجاح ما في زمن ومكان معينين.
اليوم في زمن التطور الرهيب اختلفت المعايير الثانوية إلا أن الحقيقة الجوهرية ما زالت كما هي.
حتى تعرف ما إذا كانت كل طبقات مجتمعك مرتاحة،فعليك بالحلول الوسط التي تستهدف الطبقة الوسطى،وإذا أردت النجاح الدائم لا تعمم تجربة قد نجحت في زمان ومكان ما.
الحقيقة أن الاستفادة من خيرات بلدنا يجب أن يكون متاحة للجميع. الحقيقة أن الحب بين المواطن والوطن يجب أن يكون متبادل. الحقيقة أن ما نراه اليوم ليس حقيقة كاملة.
الإصلاح في أيامنا هذه يعرّض الفاسد والمرتشي والكاذب و المخادع لحساب عسير. ويعرّض أيضاً من دعم فئاتٍ محددة بغير وجه حق لحساب أكبر. كيف لا وهو من جعل باقي الفئات تشعر بالغباء والتغييب.كيف لا وهو من غير وعكس قضاء الأمور.
واقعياً الوظائف ومعاملات الناس وغيرها الكثير من قضايا الحياة المعيشية تخضع بشكل كبير لعدم المساواة و عدم التكافؤ.
كيف لمواطن ما أن يتقدم لوظيفة شاغرة مع علمه المسبق أنها لشخص محدد؟. وكيف لشخص آخر أن يثق بقضاء مع علمه المسبق أن قضيته خاسرة؟. وأسئلة كثيرة تجول في الخواطر ولا تلق آذاناً صاغية. ذلك أن الآذان محشورة بأوساخ الفساد والأخطاء.
ولكن، من الصعب ترك هذه الأسئلة حائرة دون أجوبة.
وبتقديري الشخصي أن هنالك جواب وحيد لهذه المعضلات وهو بسيط جداً وأكثر ما يتخيل البعض. بسيط إلا أن تعقيد العقول لم يفكر به حتى. ذلك أن العدالة الاجتماعية التي تعني المساواة بين جميع الناس وتقديرهم تجعل الفاسد يشعر بإعياء ووجع في الرأس.وتوجه ضربة لكل من له اعتراض على الشخص المناسب في المكان المناسب.
تلك العدالة التي تعني الكثير لمن لا يمتلكون النفوذ والمال الوفير لشرائها.ومن دون أدنى الشك أن الفرصة مواتية الآن قبل أي أوان للحديث عن هذه العدالة باعتبارنا نشهد تحركاً ديمقراطياً يتمثل في مؤتمرات الحوار الوطني
فهل سيكون كقضية العدالة الاجتماعية مساحة وافية لتطرح ويطرح حلها بشكل جدي؟...الأيام ربما ستخبرنا.