بأدبياتنا نقول : إذا الكلام من فضة ؟ فالصمت من ذهب !
ونقول أيضا" : لسانك ؟ حصانك ؟ إنْ صنته صانك , وإن هنته ؟ أهانك !
ولكن هل كل الصمت مقبول ؟ وهل كل الكلام موزون ومعقول ؟ لقد تعودنا على الصمت السلبي وان كان رأينا لا يقدم ولا يؤخر في الشأن العام , وحتى ونحن نمارس التسلط على الأقل منا مرتبة حينما نكون بموقع أعلى من مرؤوسينا في الوظيفة العامة فلا نترك لهم مجال للنقد والنقاش والمحاسبة ونصر على مقولة { نفَذْ ثم , إعترضْ } فتحول مجتمعنا العربي كله إلا القليل جدا إلى مجرد قطيع صامت مطيع يتجه إلى المكان الذى أمر راعيه أنْ يذهب إليه حتى لو كان هذا المرعى بدون عشب ! كثير من المواطنين العرب ضاعت حقوقهم وسحقت أحلامهم وماتت نتيجة الصمت
يصمت طالب العلم عندما ترفض الجامعة قبوله
يصمت العاطل عن العمل عندما ترفض دائرة حكوميه أو شركه توظيفه ليعيل نفسه وأسرته ويمارس حقه الشرعي بالمواطنة ؟
يصمت عندما يجد أن شخصا اخذ شيئا بالواسطة أو بالرشوة وهو أحق منه ؟
يصمت المواطن عندما لا يجد الخدمات الأساسية لاتصل إلى بيته وقد دفع ثمنها وتصل لغيره مضاعفة وهو لا يستحقها إلاً جزء منها ؟
يصمت عندما يجد مسئول تجاوز الانظمة والقوانين والتشريعات والأعراف وحجته هي الولاء للحاكم والنظام !
ويصمت العربي حينما تطلب زوجته ما تبقى في جيبه من الراتب بعد الأسبوع الأول من الشهر وقد تبخر الراتب تسديدا" للديون أو لشراء الضروريات !
ويصمت حينما يدفع فواتير الهاتف , والكهرباء , والماء وقد أضيفت مبالغ عديدة بأسماء ومسميًات وهو لم يرى شيئا" منها على الواقع إدفع بالتي أحسن وإلاً القطع يدفع ويخرس !
صمت الناس حينما كان يخطب أحد الخلفاء الراشدين وقال :
إن وجدتم إعوجاجا" فقوموه !؟ قام رجل منهم وخاطب الخليفة وهو يمشق حسامه وصاح والله لو وجدنا إعوجاجا" فيك لقومناه بسيوفنا !؟
قال الأحنف بن قيس التميمي لمعاوية بن أبي سفيان :
يا أمير المؤمنين لا ترد الأمور على أعقابها أما والله إن القلوب التي بها نعي لبين جوانحنا، والسيوف التي قاتلناك بها لعلى عواتقنا، ولئن مددت فتراً من غدر لنمدن باعا من ختر ولئن شئت لتستصفين كدر قلوبنا بصفو حلمك.
قال فإني أفعل.
وكانت أخت معاوية من وراء حجاب تسمع كلامه فقالت : يا أمير المؤمنين من هذا الذي يتهدد ويتوعد؟
قال: هذا الذي إذا غضب ؟ غضب لغضبه مائة ألف من بني تميم لا يدرون فيم غضب.
صمت مجلسي النواب والكونجرس الأمريكيين حينما خطب فيهم النتن ياهو رئيس حكومة إسرائيل وبددوا صمتهم بالتصفيق له 28 مرة وهم وقوفا" وصامتين ؟! والعرب يصفقون وهم جالسين وهم غير واعين لما يقوله الخطيب فيهم , بل أغلب خطباء العرب ثقافته لا تزيد عن التعليم الابتدائي !
وزاد في الطين بلًة أنً اغلب أقنية التواصل الإجتماعي يتعامل معها الفرد وهو صامت ولكن أي صمت !!!
ثقافة الصمت بأصولها محببة والثرثرة على الفاضي والمليان مرفوضة فلنتعلم ثقافة الصمت بأماكن نعم ! وأماكن لا ونعلم أبنائنا فضيلة الكلام الموزون الهادف ولا نقول له { الجدران لها آذان فاصمت }
أرى كلَّنا يبغي الحياةَ لنفســــه حريصاً عليها مستهاماً بها صـباً
فحبُّ الجبانِ النفس أورثه التقى وحب الشجاع النفسَ أورثه الحربا