news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
قصص قصيرة
عدالة السماء !... بقلم : الشيخ عبد القادر الخضر

سرير نهر الفرات تزدحم فيه التجمعات السكانية والشبر من الأرض فيه مزروع أو مستثمر ويمتاز أهل ريف مدينة الرقة برقة قلوبهم وصدق عواطفهم فمشهد مؤلم يكفي لأن يجعل من مشاهده حزين ودموعه تسيل على صفحتي خده


ويتوارث الناس أعراف وقيم إجتماعية أكثر من تفقهم بالدين والشريعة الغرًاء 

 

وأكثر ما تميزوا به هو الرفق بالحيوان وأكثر الحيوانات الأليفة السائبة عندهم هي الحمير والكلاب والقطط , والحمير تساهم في نقل الرعاة لرعي أغنامهم ونقل بقايا المحاصيل أو الأعشاب من الحقول المزروعة بالمحاصيل المختلفة   وتلد الحمير صغارها بالبرية أو في مرابطها دون مساعدة ويولد صغير الحمير , ويغطيه الشعر الكثيف منذ ولادته لمدة سنة ليحميه من تبدلات الأحوال الجوية والظروف المناخية حتى يعتاد جلده على البيئة 

 

 وكلن للفلاح مرعيد الخلف حقل من القمح مساحته تزيد عن خمسون دونم من الأرض ونما زرعه بسرعة يلفت نظر المار بقربه عن بقية الزروع المماثلة والمجاورة لحقله 

 

لم يكن مرعيد على شاكلة أقرانه من الفلاحين البسطاء السليمي الطوية , فقد ترعرع منذ نعومة أظفاره كفلاًحْ  مشاكس  لا يوقر كبير , ولا يرحم صغير ؟ حتى أتى ذاك اليوم من شهر أيًار فقد إنفلت حمار صغير من رباطه واتى إلى حقل القمح الأخضر المملوك لمرعيد وكان الحمار الصغير يغطي جلده صوف طويل ناعم غزير وطويل الشعر 

 

مرً بالصدفة مرعيد بالقرب من حقله ورأى الحمار الصغير فنزل من شاحنته الصغيرة وأخرج علبة بلاستيكية ملأها من خزان شاحنته بالمازوت وجاء مسرعاً إلى الحمار وسكب عليه الديزل بحيث غطى جميع صوف جلده الغزير وابتل بالكامل وأخرجه من الحقل وأشعل شعره بالنًارْ أحسً الحيوان بحرارة النار وركض في كل الإتجاهات وهو يصارع اللهيب المشتعل بجسمه بسقوطه على الأرض لكن صوفه الغزير المشبع بالديزل إشتعل بسرعة كبيرة وخاصة أن الجو من النهار مشمس والرياحْ ساكنة , شاهد مأساة الحمار الصغير بعض الفلاحين لكنً بعد المسافة وقوة اللهب جعلت من الحمار الصغير كتلة من اللحم المشوي وانتشرت قتار رائحته في المنطقة لاكنً الملفت للنظر من هيئة الحمار في محنته كان يرفع رأسه إلى السماء ويصدر اصواتاً  تعبر عن ألم فظيع واستغاثته لمن يخلصه من محنته ! سقط الحمار على الأرض بقرب مقبرة القرية صريعاً بعد أنْ شوته النيران وتفحًم عظمه !

 

وهناك على مقربة منه مرعيد يقف على جانب زرعه وهو يقهقه بفجاجة ويضرب جنبه بيده تعبيراً عن هذا المنظر الذي إشتعل فيه الحمار وأحدث بنفسه شعور بالبهجة والسرور !

 

تلبدت السماء بغيمة أتت من جنوب القرية غيمة سوداء على الرغم من أنً اليوم كان مشمس وحار والهواء ساكن في المنطقة وأرعدت الغيمة وهطلت بمطر ممزوج ببرد ثلجي كبير وهطل المطر على حقل مرعيد ولم يتجاوز غيره وممًا زاد في تدمير حقل القمح كون الحقل يقع بمنخفض من الأرض وفيها وادي خفيف الميل جرف المطر سنابل القمح وجعلته خلال دقائق أثراً بعد عين وجرفت السيول التي تشكلت سنابل القمح المقطوعة من حبات البرد  الغزير  كان الرد من السماء لذاك الحيوان الصغير فوري ! عقدت المفاجأة لسان مرعيد وهو يرى بأم عينه حقله وهو يجرف بالسيل بعد أن حصدته حبًاتْ البرد المسومة من عند رب السماء , لم يحتمل هذا المنظر مرعيد وتحامل على نفسه وقاد شاحنته بإتجاه بيته القريب وحانت منه إلتفاتة على ما تبقى من الحمار الصغير الذي إلتهمته النًارْ التي أوقدها فيه

 

أحس بضعفه وعجزه أمام هذا الحيوان الصغير وعلم أن إثمه كبير والعقاب كان فوري من السماء , أحسً بضيق في صدره نزل من شاحنته وهمس بكلمات لأهله وارتمى بقربهم مغمياً عليه من شدة هول الكارثة التي حلت بمحصوله ركضت زوجته لتسعفه لكنًه لفظ أنفاسه بين يديها صرخت زوجته على أولادها والجوار لطلب المساعدة وأتصل الجوار بطبيب يقطن في القرية أتى الطبيب مسرعاً وفحصه وجسً نبضه وتنفسه  فلم يجد أي علامة من علامات الحياة فغطى وجهه وكتب تقريره بموت مرعيد بالسكتة القلبية , حاول بعض الجوار نقله للمشفى الوطني بالرقة لكن ذويه إقتنعوا بتشخيص الطبيب وقاموا بغسله ومواراته التراب بمقبرة القرية القريبة من مصرع الحمار الصغير ! وكان الجزاء من جنس العمل ؟

 

تناقلت عيون الفلاحين ممن شهدوا مصرع الحمار وموت مرعيد بين المقبرة وبقايا الجمار الصغير واستغفروا الله وهزوا رؤوسهم باستنكار مما حدث اليوم ورددوا مالك أبْ إلك ربْ

 

أي معتبرين ما حدث ثأر السماء لهذا الحيوان البهيم !

أحس بعض الصبية وهم يلعبون بقرب القبر بدق خفيف وصوت صادر منه وركضوا على أهل مرعيد وأبلغوهم بخبر الصوت الصادر من قبره هرع الناس وذويه إلى القبر وفتحوه فوجدوا مرعيد جالس بقبره وقد مات مختنقاً لنقص الأكسجين بهواء القبر ! مات مرعيد مرتين ورأى بأم عينه إنتقام السماء بتدمير محصوله وأصبح  في خبر كان ؟

 

لقد كان أجدادنا حينما ينثرون البذار في الأرض يقولون بسم الله للطير وما قسم الله ؟! فكانت البركة حاصلة ولا يزال أهل الجزيرة بعد حصاد المحصول لا يلمون القش وبقايا الحصيد ويتركونها للحيوانات ولا يردعون عنها مخلوق ولها ثمن جيد لا يستهان به فنسألهم لم لا تبيعون البقايا فيقولون حصتنا أخذناها والباقي حصة البهائم 

 

أستغرب تصرف بعض الناس في البؤر الساخنة حينما يوجه بندقيته ويرمي على أخيه الإنسان الأعزل  المسالم ؟ فيقتله أو يجرحه ؟ أنسي عدالة السماء ؟ ألا يعلم أنً الله معنا , وأنً الله يرى , وانَ الله لا تغيب عنه غائبة في هذا الكون 

 

يجب علينا تنمية الشرطي الداخلي والرقيب السماوي في صدورنا وصدور وجوانح أبنائنا وننشئهم على إحترام حق الحياة لكل مخلوق !؟

إنً حق الحيوان بالحياة يحفظه القانون والأعراف ؟ فكيف بحقوق الإنسان ومنها عدم التعرض لحياته وتعريضها للخطر مهما كانت الأسباب إلاً من خلال القانون والأعراف المتفق عليها 

 

 

 

الشيخ عبد القادر الخضر

 

2011-11-11
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
مساهمات أخرى للكاتب
المزيد