ربما لا تجد ما تسد به جوعك وتصرخ معدتك بأدب وبصوت لا احد يسمعه غيرك إلا إذا أحس بك من يعنيه أمرك والإنسان الذي يحمل بين ضلوعه نفساً عزيزة يضع حجارة على بطنه حتى يخفت صوت صراخ معدته لكي يستطيع استراق ساعات من النوم وليتوقف عن سماع الصراخ الصامت ..
ولكن هناك نوع من الجوع لا يصرخ ويمكن أن يسمح صاحبه إدخال إي شي ء إليه لملأه وهو جوع العقل الذي وهبنا إياه الخالق لنكون على قدر من الإنسانية فوصلنا إلى مرحلة تخجل معها مخلوقات الغابة من التشبه بإنسانيتنا حيث غاب العقل الموزون ومات الضمير الحي وانعدمت الأخلاق وجفت أوراق شجرة مبادئ الإنسانية الحقيقية لتتحول إلى صفراء جافه مريضه وروابط الدم تحولت إلى روابط شراب الورد الأحمر دون إي قيمة لأي رابطة دم, والانفصال عن الجذور أصبح موضة العصر ما دام هناك من يحقن بهرمونات في الساق ليقتل الجذور ويفقدها دورها وقد نجحت الهرمونات المستوردة في أداء دورها على مدار عقود بأفلام غربيه ومسلسلات عثمانيه وجمعيات دعم الانحلال حتى امتلأت نسبة من العقول لا يستهان بنسبتها بسراب الأوهام
ولم يعد لدى البعض إي روابط حقيقية مع الجذور وغدا انتماؤهم للوطن بيولوجيا وليس روحيا والمهم عند العض ما الذي يتمكن من امتصاصه على حساب الوطن دون اكتراث بقبور الأجداد وتاريخهم ولا بحياة أبناء الوطن في المرحلة الحالية ودون حسابات لمستقبل الأجيال القادمة وكأن العلاقة مع الأبناء أصبحت بدورها مثل علاقة شجرة بلا جذور والسؤال هو كم تستطيع الشجرة الاستمرار في العيش وهي معزولة عن جذورها والإجابة متروكة إلى من لا زال لديهم إحساس صادق بالانتماء للطين الذي منه خلقوا واليه يعودون ولا يمكن القول إلا انه لا يمكن إقامة تحالفات حقيقية بين الثعلب والأرنب ولا بين الذئب والخروف ولا بين الكلب والديك وعالم السياسة تحكمه المصالح لا العواطف