أولاً: البداية الطاهرة و النهاية الفاجرة:
لقد تحدثنا بالتفصيل عن تنظيم القاعدة، نشأةً وأهدافاً ومهمات سياسية وإيمانية وعسكرية، فأساسها جهادي صادق إلى حد ما، لكنه متخلف وجاهل في فهم الشريعة الإسلامية،وفي تفاسيرها الصحيحة، وضبابي الأهداف والممارسة، وخاصة بما يحمل من الفكر الديني المتزمت الانعزالي التكفيري الوهابي السائد في السعودية...، الذي نشأ عن التحالف بين عبد العزيز آل سعود والداعية محمد عبد الوهاب، الذي يعتمد على عقائد وآراء تعود بالإسلام إلى جاهلية ما قبل الإسلام ...
وأجزم أنهما عدوان للإسلام بلبوس المسلمين، وسيكتشف العقلاء من المؤمنين هذه الحقيقة عاجلاً بإذن الله...، ومن فواحش هذا المذهب الوهابي الإيمان، والقول والعمل، بتكفير الآخر المخالف له ولو كان مسلماً، وبأن قتلاه إلى الجنة لأنهم شهداء، وبأن قتلاهم إلى النار لأنهم كفاراً ولو كانوا مجاهدين ...، لذلك يعتبر أن قتال الآخرين، هؤلاء المخالفين الكفرة وقتلهم، واجب ديني وجهاد مقدس في سبيل الله، كما يزعمون.... الله أكبر على الطغاة الضالين الظالمين!! والذي انتقل المذهب الوهابي بدوره أيضاً، إلى حركة دينية طلابية سياسية، تشكلت في غالبيتها من أتباع المدارس الدينية في باكستان، هي حركة طالبان الأفغانية، التي استولت على السلطة في أفغانستان، بعد رحيل الاتحاد السوفياتي عنها، وإسقاطها لنظام الحكم العلماني التقدمي القائم فيها، وحكمت بالحديد والنار
هذا البلد الفقير جداً والمتخلف جداً أيضاً، لعدة سنوات، فتفشت الأمية أكثر، وتفاقمت البطالة والفقر، واتسع فناء الجهل، ومنعت المرأة من الخروج إلى العمل والإبداع الإنساني...، وفوق هذا وذاك آوت زعيم القاعدة بن لادن وأتباعه، كلاجئين إليها ليس أكثر، ولم تقبل بتسليمه لأسياده وصانعيه السابقين الأمريكان، الذين طالبوا به مراراً وتكراراً، بعد إعلانه كذباً ونفاقاً وجهلاً، تبنيه لأحداث 11 أيلول 2000، وهو في الواقع غير قادر على، أن يحمي نفسه وجماعته في مجاهل أفغانستان القفراء، فكيف يكون هذا، الذي يحتاج لملايين الخبرات والتقنيات والإمكانات والعقول المنظمة والمدبرة والمنفذة..؟! فأين بن لادن من كل هذا؟! لكن يبدو أنهم أغووه وخدعوه، أو كان على علم ويقين وضليع بالمؤامرة الأكبر في التاريخ، في بلد العجائب، أمريكيا التي تؤذي نفسها وهيبتها لتسيطر على العالم، بإعلانها الحرب العالمية على الإرهاب، وبيت القصيد فيها الإسلام ، فهل من يصدق هذا في الكون؟!
ولكن مع الآسف الشديد، لا يزال الكثير من الناس ينخدعون بهؤلاء المنافقين، ويصدقون ادعاءاتهم وأباطيلهم الماكرة، تحت عباءة الدين الحنيف البريء منهم ومن أسيادهم في السعودية والخليج وغيرها ...، (لطفاً راجع مقالتي الانتحاريون بين الجهاد والإرهاب - تنظيم القاعدة في سيريا نيوز2009)، فليست مهام تنظيم القاعدة محددة وثابتة، وإنما هي حسبما يريد أولياؤهم ومشغليهم أمريكا والغرب وإسرائيل واستخباراتهم، وهو ببساطة يولد هذا التنظيم، عندما تستدعي الحاجة أو الضرورة الناشئة في أي مكان ... أو زمان ذلك ...، فيجتمع نفر من العملاء أو المرتزقة الطامحون، أو يشكلون تنظيماً بإسم ما، ويعلنون انتمائهم لتنظيم القاعدة، طمعاً في الغطاء والدعم، وقيادة التنظيم ترحب وتبارك هذا الذي لا يكلفها شيئاً في الواقع، بل تستفيد منه حكماً، فهم مرتزقة وقتلة مأجورون، جاهزون للانقضاض على الحياة، أينما كانت ولأي كانت، طفلاً شيخاً امرأة رجلاً أبرياء، ليس هذا مهماً، وإنما المهم هو تنفيذ الأوامر، بأبشع وأقسى الطرق الوحشية في العالم،وهكذا كما ترون هو بالتأكيد تنظيم إرهابي، ينشأ حسب الطلب...؟!
وبالاختصار، فأن أمريكيا تتحمل المسؤولية الكاملة، عن الدماء المسفوكة بواسطة هؤلاء الذين، عرفوا بالمجاهدين الأفغان، الذين تشردوا بسببها في أصقاع الأرض، ويرتكبون أكبر المجازر والآثام ضد الإنسانية ولا يزالون ...، كما في الجزائر والصومال واليمن والعراق ... ولاحقاً ليبيا والآن سوريا ...، وأمريكا أساساً شنت الحرب الظالمة على أفغانستان، بحجة القضاء على تنظيم القاعدة، وذريعة قدمها زعيمه بن لادن على طبق من ذهب لأمريكا هذه، بإعلانه مسؤولية هذا التنظيم عن أحداث أيلول، كما ذكرنا، فكانت مكافأته أن رمته في البحر وأسراره معه ....!!
فلقد أساء هؤلاء المجاهدون السابقون...، بفكرهم الوهابي الرجعي التكفيري المتطرف للإسلام والإنسانية كلها ....، فعندما يعلن أيمن الظواهري الجهاد على الصليبين، فهو يقيناً يريد إشعال حرب دينية كونية مسيحية إسلامية مدمرة...، لمصلحة الصهيونية حتماً بالنتيجة، وكذلك إعلانه الجهاد ضد الشيعة في العراق، يعني هنا إشعال حرب مذهبية بين الشيعة والسنة، تتحول حكماً إلى حرب أهلية ماحقة ساحقة، لن تبقى محصورة في حاضرة العراق، بل ستعم العالمين العربي والإسلامي...، ولمصلحة إسرائيل أيضاً ... يا لطيف...!!
وكم قلنا لذلك الدّعيّ الظواهري المنافق وأمثاله، أن التشيع هو، ببساطة شديدة القول، بأن الإمام علي أولى بالخلافة، كما أوصى الرسول (ص)، بما أمره ربه، في خطة الوداع في غدير خم، وبلّغ وأشهد ثلاثاً ... لكن الخلافة آلت بعده للخلفاء الراشدين الثلاثة رضي الله عنهم ...، وهذا الخلاف على الخلافة سياسي بامتياز، وأما إمامة علي عليه السلام، على المسلمين والعالم، وذريته من بعده، كما ورد في حديث الثقلين للرسول (ص)، المثبت في الصحاح أيضاً، فهذا شأن آخر تماماً...، وللسنة أئمتهم الأفاضل ....، كما هو مثبت في التاريخ...، وأما في الجوهر، فالمسلمون الشيعة والسنة، يشهدون أن لا الله إلا الله وأن محمداً رسول الله، والقرآن كتاب الله، والسنة هي سنة رسول الله (ص) الصحيحة في القول والفعل، ملتزمون جميعاً بصحيحها ...، والحقائق والوقائع في التاريخ تشهد بذلك أيضاً، وهاتوا حجتكم إن كنتم صادقين...، فاتقوا الله ربكم، واسعوا إلى توحيد الأمة وصلاحها، وليس إلى تفريقها وتمزيقها وزرع الشقاق والفتنة في صفوفها، أفضل لكم وأسلم، إن كنتم تعقلون ..، والله أعلم ....
ثانياً: تنظيم القاعدة المهاجر صاغراً
إن تنظيم القاعدة، وأنتم الجماعات المسلحة في سوريا، الوجه الآخر الأقبح، لأمريكا المتصهينة وأداتها الباطشة بامتياز، وهو أي التنظيم رمز للعدو الوهمي الذي لم يطل البحث عنه، وهو الإرهاب العالمي، وأنه الممثل الواقعي الأبرز له كما زعموا (وليس إسرائيل) الذي أعلنت أمريكا والعالم الحرب الكونية ضد الإرهاب وضده، بعد تبني تنظيم القاعدة الضلالي والكاذب لعمليات أحداث 11 أيلول 2000 لإعطاء الحجة والذريعة الرسمية، التي تلطت أمريكا وحلفاؤها خلفها لاحتلال أفغانستان ...، بهدف القضاء على الإرهاب المتمثل حينها، كذباً ونفاقاً، في تنظيم القاعدة المخترع أصلاً من قبلها، والموجود في أفغانستان ...، كملجأ آمن لبن لادن ومن معه ليس إلا، بدليل أن هذا التنظيم، لم يقم بعملية حقيقية واحدة بالمطلق، ضد الأمريكان والحلفاء الذين جاؤوا إليه، فتبصروا واحكموا وتصرفوا، يا أولي الألباب ...!!
وهكذا فإن تنظيم القاعدة، قد بالغ في تأكيد أصل النشأة الأمريكية، عندما كانت أمريكا بحاجة للقتال (للجهاد) ضد الوجود السوفياتي في أفغانستان، وأنشأت باستخباراتها هذا التنظيم...،وبتمويل حكام الخليج الكامل ...!!، ولكن أمريكا هذه بعد خروج السوفيات من أفغانستان، أهملت ومن معها، هؤلاء المجاهدين، وتخلت عنهم ...!! فلو جرى كما يجب استيعابهم في القوات المسلحة، للدولة التي قاتلوا من أجلها، وفي أجهزتها الأمنية والمدنية أيضاً ...، أو في حرس الحدود للعديد من الدول العربية والإسلامية، التي جندتهم للجهاد ضد الكفر في أفغانستان، لكانت انتهت من لعبة خطرة صنعتها، ولم ولن تستطيع السيطرة عليها، لكن صانعيهم تركوهم، على ما يبدو قصداً لينشروا الفوضى المدمرة، وليعيثوا فساداً،حيث يشاء هؤلاء الصناع...!!
والدليل على هذا، ما جرى ويجري من أعمال إرهابية فظيعة على أيدي هؤلاء الملقبين بالمجاهدين الأفغان، في الكثير من بلاد العرب والمسلمين ومنها ليبيا الذبيحة مؤخراً، وجديداً في سوريا العروبة والصمود ...، ودليل آخر ما قاله رئيس الوزراء العراق المالكي، أن عناصر من تنظيم القاعدة الإرهابيين، يهاجرون من العراق إلى سوريا، (وعجباً لما لا يهاجرون، كما يجب حتماً، إلى فلسطين والقدس والأقصى الأسرى، للجهاد المقدس هناك ....؟)، ثقوا أنهم يتدفقون إليها أي سوريا، من أصقاع الأرض كافة أيضاً، لشن حرب حارقة خطيرة على الوجود الحضاري والإنساني فيها، وينشرون الموت فيها وفي كل مكان يريدون ...!! لكن ستكون سوريا، بإذن الله، مقبرتهم ومقبرة أحلام أسيادهم ...!!
إلا إذا انقلب هؤلاء المهاجرون ومعهم المسلحون في الداخل السوري، على أسيادهم وأعدائهم الأمريكان، والعملاء الأنجاس، من الأعراب المتاجرين بهم وبعروبتهم، لا بل وبدينهم للآسف أيضاً ...،وانحازوا للوطن والشعب وليساهموا بتحرير المقدسات، من أرجاس الأجنبي المدنس لها ...!! ولكل شيء مقدس في الأرض العربية والإسلامية، وتكون هذه، إذا تمت، هداية ونعمة من رب العالمين، ولهم ثواب عظيم عليها ...، إن شاء الله.
وإلا سيقول لكم الشعب العظيم، أيها المسلحون ولمن ورائكم خسئتم، فأنتم جيء بكم إلى سوريا لتدفنوا فيها، وليس لينتصروا بكم هؤلاء الأوغاد الأمريكان والإسرائيليون والعربان، الراحلون قريباً، إلى المصير البائس واليائس ...، بعون الله ...، وبالتالي يجب حتماً، أن تسألوا أنفسكم وأسيادكم، لماذا غامروا بكم، ولعبوا عليكم، وتخلوا عنكم ...؟! فأنتم كنتم الضحية، ولم ولن يخسر أحد حياته إلا أنتم، ومن نجا فقد خسر نفسه أيضاً ... ، فتبصروا أيها الضالون، وانظروا حولكم، ستجدون أنفسكم غرباء ووحيدين في هذا العالم المتوحش القذر، فاعقلوا واختاروا بسرعة جانب الرشد والصواب، وعودوا لوطنكم تائبين صادقين مباركين، بإذن الله ....، فأهلاً بكم ...
ثالثاً: تنظيم القاعدة لا يقبل بالآخر:
إن قراءة متأنية وواعية للأحداث والواقع، التي قامت بها القاعدة، ولا تزال، أن من مبادئها وأسلوبها تكفيير الآخر، وبالتالي إلغاءه، إما بتدميره وتصفيته، أو باستعباده وإذلاله، كما في التلمود اليهودي المعروف ...، فالواقع شواهده كثيرة، فأسلوب القتل بأعصاب باردة، وبقلوب ميتة، وبتلذذ وحشي مرعب جداً، حتى أنها لا تليق بالحيوانات وغرائزها، وأيضاً من ذبح بالسكين وقطع الرؤوس بالفؤوس، وتقطيع الأوصال، والتمثيل بأجساد الضحايا وأحياناً حرقها، ولا تفرق بذلك بين طفل وامرأة ولا شيخ، ولا إنسان مريضاً كان أو عاجزاً، ولا رجل أمن أو جيش بريء أيضاً، بل تعتبر القاعدة مثل الصهيونية، هذا حق لها إبادة الغير، (الغوييم) بعد تكفيره...، فهي تعتقد أنها الوحيدة التي على الصواب الجلي والإيمان الصحيح، والباقي كفره يستحقون الموت ...!!
وتعتمد القاعدة بذلك، أسلوب القتل الأسهل، والأقل خطورة وكلفة والأكثر رعباً وتأثيراً، على إرادة الناس وعزائمهم ،وعلى صمودهم ومقاومتهم، وبقدر ما هي جبانة، بقدر ما ضربتها موجعة، لهذا تتجنب دائماً المواجهة الحقيقية ...!!
وهؤلاء يعتمدون شريعة الغاب والناب، وهم على ما يبدو بشر من ما قبل الحضارة الإنسانية، وما قبل الديانات السماوية وغير السماوية، التي جميعها يدعو للأخلاق الإنسانية، والقيم السامية، والسلوك المتحضر ...، فبين هؤلاء من يقتل نفسه، ويقتل بها الأبرياء ،أياً كانوا وأينما كانوا ...، فهو إما مسلوب الإرادة مغسول الدماغ، ومقتنع بإيمان مطلق، أنه ينفذ أمراً إلهيا، يقضي بقتل نفسه، جهاداً مقدساً ومآله الجنة، أما من يقتلهم فهم كفار ومصيرهم جهنم؟!! فيا عجباً من هذا الضلال المبين، وإلا لما ارتكب هذا الإثم الكبير بحق نفسه وبحق الآخرين ...، بل ولمات في سبيل الله، وفي سبيل تحرير الأرض والإنسان من الطغيان، فحقت له الشهادة، وحق له الأجر العظيم، فأين هؤلاء من هذا يا ناس ؟؟
إنهم يقتلون ويدمرون بلا أهداف محددة نبيلة، وإنما لأغراض خارجية خبيثة، لبث الفوضى الهدامة، ونشر التوتر والرعب، حيثما يشاء سادتهم الأوغاد الأمريكان ...!! فهم بذلك أداة خبيثة وقاتلة بيدها ...!! وتدليلاً على هذه الحقيقة، فقد طُلب من تنظيم القاعدة هذا، التحرك إلى سوريا من العراق ومن جهات الأرض الأربع، ليعلن عن ولادة تنظيم القاعدة في بلاد الشام، ليكون مطية للطواغيت، العازمين على القدوم إلى سوريا للسياحة والاستجمام فقط ...!!
وهكذا كانت قبله ومعه المطية الثانية، المسماة المعارضة الخارجية السورية، التي كانت لا تزال، تريد وتعمل بشتى الوسائل والسبل، لجلب الخراب والدمار والدماء والدموع، للشعب السوري الكريم، لو لم تكن تجربة العراق المريرة والقاسية والدامية وليبيا أيضاً، لا تزال ماثلة للعيان، لانخدع الناس بادعاءات أن هؤلاء المعارضين الزائفة، وشعاراتهم الباطلة، بالحرية والديمقراطية، وانجروا خلفهم، ودعموا مطالبهم، باستدعاء التدخل العسكري لحلف الناتو، ومن معه من الأعراب الصناديد...!! لتدمير سوريا وتمزيقها إلى دويلات طائفية متصارعة ...، (كما حصل ويحصل في ليبيا الآن)، تكون فيها إسرائيل الأقوى والأقدر على الهيمنة والتحكم بمصير المنطقة، خاصة إذا ما انتصر، لا سمح الله، مشروع الشرق الأوسط الأمريكي الصهيوني الكبير التقسيمي،الأخطر والأسوأ بالمطلق، كما ذكرنا مراراً وتكراراً ولانزال ...، فهم في هذا، أحلامهم مستحيلة بالمطلق، بعون الله، فليظلوا يحلمون إلى ما شاء الله....