قال الله تعالى : ((وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم))

هكذا خاطب الله عز وجل رسوله وحبيبه محمد (ص) داعياً إياه أن يجنح إلى السلم مع أعدائه حين جنحوا إليه ليعيشوا في أمن وسلام ومحبة .

فماذا عنكم أيها العرب ؟ مالي أراكم تنغمسون في الخلافات والقتال والفتن ؟! لِمَ يقتل بعضنا بعضاً ؟! ما الذي غذّى فيكم تلك الأحقاد ؟! ومن استطاع أن يسرق الحب من قلوبكم ليفرقكم ويزيد ضعفكم ضعفاً إنهم يقتلوننا ويغرموننا ثمن رصاص قتلنا فمن المستفيد من إراقة دمائكم غير العدو الذي يستغل خيراتكم وأموالكم لحسابه

 من المتضرر من تخريب بلادكم غير شعوبكم؟! من سيعوض عليكم تلك الخسائر الفادحة؟!

لقد أعمل فيكم العدو أفتك سلاح , سلاح (فَرّقْ تَسُدْ) إذ جعل منكم دمى تتحرك بأمره من حيث تدرون ولا تدرون لأنه يرى في وحدتكم شبحاً مرعباً يكاد يقضي عليه وعلى آماله , يرى فيكم تلك الدولة العربية الإسلامية التي امتدت شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً فدانت لها جميع الأقوام فقهرت الأباطرة والقياصرة وهزمت أقوى دولتين الفرس والروم .

لم لا ؟!

وقد حبانا الله كل المقومات التي لو اجتمعت لأتت أكلها ضعفين فالوطن العربي إلى جانب موقعه الذي يتوسط العالم كله ويربط الشرق بالغرب والشمال بالجنوب فهو يملك تضاريس مختلفة من بحار وجبال وسهول وبادية كما يمتلك أهم المضائق البحرية التي لها أهميتها في التجارة العالمية إلى جانب قناة السويس كما يمتلك أهم الثروات الباطنية إلى جانب الغلال الزراعية المختلفة وهذا يؤمن لكم وحدة اقتصادية متكاملة ومما يجمعنا ويقربنا أكثر تلك المقومات القومية التي نتميز بها من لغة وتاريخ وآمال وآلام مشتركة وعادات وتقاليد متشابهة .

فأي دولة في العالم كله تملك ما نملك مهما أوتيت من قوة وسلطان ؟! أي دولة لها مساحات وعدد سكان كما للوطن العربي مجتمعاً ؟! أي دولة لها الميزات التي تميز وطننا العربي .

فلِمَ لا نقود العالم بدلاً من أن نقاد ؟! لم لا يهابنا عدونا بدلاً من أن نهابه ؟!

لم لا نستجيب لدعوات الحب بدلاً من دعوات الفرقة والخلاف وبهذا نقضي على خلافاتنا وننتصر على أنفسنا قبل أن ننتصر على أعدائنا .

فهل يتحقق حلمنا الكبير وقد دلنا الله عز وجل على طريق تحقيقه بقوله :

(( ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين )) .