news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
حتى لا نحوّل الإبداع إلى مشكلة نفسية_ كيف نتعامل مع الطفل الأعسر؟؟ بـقلـم : ريـمـا الــزغـيّــر

يبدو استخدام أي طفل ليده اليسرى أمراً مثيراً للاستهجان والغرابة عند الكثير من الأهل وبعض المدرسين الذين يعتبرون ذلك أمراً خاطئاً ما يؤدي لارتباك واضح عند الطفل أثناء تناوله الطعام أو الكتابة أو أخذ الأشياء من الآخرين في أحيان كثيرة، وهذا بدوره يؤدي لوجود مشكلة نفسية عند الطفل غالباً عندما يستخدم يده اليسرى للتحكم بكل مهاراته الحركية، وبشكل خاص المهارات الحركية الدقيقة والتي تتطلب الإتقان في الأداء مثل مسك القلم للكتابة أو الرسم، أو مسك الملعقة أو الشوكة أثناء الأكل، أو القيام بفك أزرار القميص وغيرها.

 


لتصحيح هذا المفهوم الخاطئ وحول كيفية التعامل الصحيح مع الطفل الأعسر تحدث إلينا الدكتور "طاهر شريد" اختصاصي التربية الخاصة بالأطفال المعوقين ومحاضر في جامعة دمشق وعضو الجمعية السورية للعلوم النفسية حيث قال:  

 

"يرتبط موضوع اختلاف الأطفال فيما بينهم في استخدامهم لليد اليسرى أو اليمنى بموضوع الجهاز العصبي المركزي، وبشكل خاص الدماغ بنصفيه الأيسر والأيمن، وهذا يعود لوجود التصالب العصبي في التحكم بالأطراف، إذ يكون النصف الأيسر من الدماغ هو المسؤول عن التحكم بالطرف الأيمن، والنصف الأيمن من الدماغ هو المسؤول عن التحكم بالطرف الأيسر، لكن النسبة الأكبر من الأهل يميلون إلى إجبار الطفل الأعسر على استخدام يده اليمنى

 

 وهذا يحدث منذ زمن قديم وفي مجتمعات مختلفة لوجود معتقدات كثيرة حينها "دينية أو اجتماعية"، مثل وجود بعض المقولات الشعبية التي تقول أن استخدام اليد اليمنى فيه بركة، لذلك نجد بعض الأهل يضربون الطفل على يده اليسرى لكي لا يستخدمها في الأكل مثلاً، وفي بعض الأسر يتم إرغام الطفل وإجباره على استخدام اليد اليمنى، ما يؤدي لوجود بعض المشكلات النفسية عند الطفل مثل الإحباط والذي يتطور ويتحول إلى قلق أو توتر نفسي، خاصة لدى الأطفال الذين لا يستطيعون التحكم بيدهم اليسرى رغم محاولات التدريب التي يقومون بها باليد اليمنى، ومن أعراض هذه المشكلة النفسية ظهور التأتأة أو التلعثم في الكلام عند الطفل، وهذا ما أشارت إليه جامعة "آيوا الأمريكية" حسب قول البرفسيور "صمايوئيل أورتون" الذي أكد أن الأطفال الأعسريون والذين يجبرهم الأهل للتغيير إلى يدهم اليمنى هم أكثر عرضة لوجود نسب متفاوتة من التأتأة مقارنة مع الأطفال الأعسريون الذين لا يُجبرون على تغيير ذلك".

 

*هل نستطيع أن نقول أن الطفل الأعسر أكثر ذكاءً وابتكاراً وإبداعاً من الطفل العادي؟

 

* تعود فكرة أن الطفل الأعسر هو طفل ذكي أو أذكى من أقرانه إلى أنه يستخدم النصف الأيمن من الدماغ بشكل أكبر، وهذا النصف بالأصل هو المسؤول عن المسائل التنغيمية والأمور الدقيقة سواءً في النواحي اللفظية أو اللغوية أو القيام بالمهارات الأدائية التي تتطلب الإتقان والأداء العالي، إذ يمتلك هؤلاء الأطفال قدراً كبيراً من المهارة والبراعة وخاصة في ممارسة النشاطات التي تتميز بالإبداع كالرسم والموسيقى والخطابة الكلامية لذلك يقال أن نسبة 50% من المشاهير والسياسيين هم أشخاص أعسريون، على الرغم من أن نسبة الشخص الأعسر في المجتمع بشكل عام لا تتعدى 10%، ومن هؤلاء المشاهير (ليوناردو دافنتشي، ونيوتن، وغيرهم)

 

*ما هي نسبة الأطفال الذين يستخدمون اليد اليسرى؟ وفي أي عمر للطفل نستطيع أن نتأكد أنه أعسر؟

 

* لا توجد دراسات واضحة حول عدد أو نسبة الأطفال الذين يستخدمون اليد اليسرى في مهاراتهم الحركية، ولكن من خلال رصد الأطفال في عُمر المدرسة يمكن القول أن النسبة قد  تتراوح بين5%- 10% من عدد التلاميذ. وهناك دراسة أجريت على 270 جنيناً في الشهر التاسع من الحمل تبين أن 92% منهم يضعون أصبعهم الأيمن في فمهم حتى قبل أن يولدوا، وهذا يشير إلى أن هؤلاء الأفراد سيستخدمون اليد اليمنى بعد الولادة، وبالتالي نسبة الأعسر ستكون بحدود 8%، ولا يمكن تحديد فيما إذا كان الطفل أعسراً أم لا في السنتين الأولى من عمر الطفل، وإنما يتم تحديد أو معرفة ذلك في عمر الثالثة وما بعد، أي بعد أن يبدأ في القيام ببعض المهارات الدقيقة من الأداء الحركي، وملاحظة مدى تحكّمه بما يقوم به حركياً مثل ألعابه وحركاته، وعادةً لا بدّ من مراقبة حركته اليومية لنعرف إذا كان أعسراً أم لا، وأحياناً نختبره بأن نضع المفاتيح على الطاولة ونطلب منه أن يتناولها، طبعاً يتم هذا الاختبار في عمر أقل من 5 سنوات، لأن بعد هذا العمر سيكون واضحاً استخدامه لأي من يديه.

 

*ما دور العامل الوراثي في هذا المجال؟

 

*تلعب الوراثة دورها في ولادة الطفل الأعسر، مثلها مثل أية صفات جسمية أخرى، إذ أن نسبة وجود طفل أعسر تزداد في أسرة يكون فيها أحد الوالدين أعسراً وبشكل خاص الأب إلى15%، وتزداد النسبة إلى 25% في حال كان كِلا الوالدين أعسران، كما تزداد النسبة لدى التوأم في حال وجود الأخ التوأم أعسراً، أي تخضع المسألة لاحتمالات الوراثة بشكل عام.

 

*كيف يفسر العلم استخدام بعض الأطفال لكلتا اليدين؟

 

 

هناك بعض الأطفال يستخدمون كلتا اليدين وبشكل متزامن ومتناسق حتى أثناء القيام بالمهارات الدقيقة، ولكن الشيء المميز أن الطفل يقوم بإتقان باستخدام اليد اليمنى للأكل وفي نفس الوقت يستخدم اليد اليسرى وبإتقان في الرسم والتلوين أو اللبس وغيرها، أي يقوم بنفس الأعمال وبنفس درجة الإتقان من كلتا اليدين لكن كل يد تكون مخصصة لمهارات معينة، وهذا يعد مؤشراً قوياً لوجود درجات ذكاء عالية أو موهبة عند الطفل في المهارات الأدائية، مع العلم أن الطفل وفي السنوات الثلاث الأولى من عمره قد لا يكون التمايز الجيد في استخدام أياً من يديه قد اتضح بعد، بل يستخدم كلتا يديه بشكل عشوائي، لأنه بهذا العمر يبدأ باكتشاف حاسة اللمس ويريد أن يكتشف كل ما تقع عليه يداه، ويبدأ بتنسيق حركة جسمه تبعاً لرغبته في الاكتشاف من دون أن يحصل تمرّكز في الحركة فيستخدم كلتا يديه معاً.

في النهاية لا بدّ للأهل من احترام أن طفلهم أعسر، أو احترام رغبة طفلهم بأنه يستخدم الطرف الأيسر في مهاراته، لأن كون الطفل أعسر لا يعدّ مشكلة، ولا يوجد سبب لمنعه من أن يكون أعسر، صحيح أن المحيط الاجتماعي والأشياء التي نستعملها في حياتنا مصممة للجانب الأيمن من الجسم، لكن الطفل الأعسر يستطيع أن يتكيف مع ذلك، ولمساعدته أكثر في التعلم لا بدّ للأهل من أن يختاروا له الأدوات المصممة للطفل الأعسر مثل المقص الخاص بالأعسر وغيرها من الأشياء، ووضع الدفتر بالاتجاه المناسب عندما يريد الطفل الكتابة أو الرسم، ومساعدته في تركيز يده على الدفتر والقلم، لا أن نجبره على التغيير لليد اليمنى.


 
2012-07-15
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
مساهمات أخرى للكاتب
المزيد