news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
صـمـت الأزواج.. قـنـبـلـة مـوقـوتـة!!...بقلم : ريـمـا الـزغـيّــر

أبواب موصدة.. وجدران جامدة.. تخفي ورائها أسرار وأسرار.. حياة أشبه بالرسوم المتحركة.. حيث الصمت المطبق على المكان. هذه هي الحياة الزوجية في كثير من البيوت التي فقدت لغة الحوار والتواصل واختارت الصمت حلاً ، لا امرأة تستطيع تفسير صمت الرجل، خصوصاً إذا كانت تحبه، أما عندما ستكف عن حبه فلا صمته ولا كلامه سيعنيانها بشيء، يتكلم حينها فلا تسمع ويصمت ليجلدها فيجلد بصمته نفسه. والسؤال لماذا يقع الأزواج في مطب الخرس الزوجي؟ هل هو ضرورة أم خيار أم حاجة أم مرض نفسي؟ هذا ما سنجيب عنه في التحقيق التالي..


تسعة أعشار النساء يعانين من صمت الأزواج وتجاهلهم

 

الحياة تختلف بعد الزواج ولا أبالغ إذا قلت أن 90% من الأزواج يعيشون حياتهم بصمت مقصود من الزوج ومفروض على الزوجة التي تستسلم غالباً لخيار الرجل أو تتمرد عليه أحياناً فهؤلاء الأزواج يعيشون مع بعضهم من أجل الأولاد فقط أو لأسباب لها علاقة بكلام الناس ونظرة المجتمع "هذا ما بدأت به السيدة ناديا حمزة حديثها" وهي باحثة اجتماعية وأضافت : "

 

حتى أن الحياة الجنسية تكون معدومة وإن وجدت تكون مجرد أداء للواجب فقط بدون أحاسيس أو مشاعر حقيقية أو رغبة، الواقع من حولنا مليء بهذه الحالات والبيوت لم تعد أسرار "كما كانوا يقولون في السابق" فالزوجة التي تعاني في عصرنا الحالي من صمت زوجها وعدم رغبته بمشاركتها لغة الحوار تصل إلى طريق مسدود من الألم النفسي والقهر ومع الاستمرار في فقدان التواصل مع زوجها نراها تلجأ للصديقات والأهل تحكي همومها ومشاكلها فهي بحاجة لأن يسمعها أحد ما وعند عدم تلبية هذه الحاجة في المنزل فإنها تبحث عنها خارج المنزل وأحياناً تفشي الزوجة أسرارها وهمومها الزوجية لأي شخص تلتقيه ما يوقعها في مطبات ربما تندم عليها فيما بعد".

 

خريطة الدماغ تكشف لماذا يكون الرجل هو الطرف الصامت غالباً في الحياة الزوجية والمرأة هي الطرف المتكلم حيث ظهرت مؤخراً دراسات وصفت بأنها علمية وتحدثت عن الفرق بين دماغ المرأة والرجل وفيها اكتشف العلماء والباحثين في مجال العلوم العصبية والسلوكية أن الخريطة الدماغية للرجل والمرأة تعطي ما يكفي من المعلومات عن سر التباين بينهما وباستخدام أجهزة الرنين المغناطيسي تم اكتشاف مناطق الدماغ المسؤولة عن ثرثرة المرأة والأخرى المسؤولة عن سكوت الرجل، لكن رغم وجود هذا التحليل العلمي الذي يوضح سبب صمت الرجال إلا أن المفارقة الغريبة في هذا المجال هي صمت الزوج داخل المنزل وتغريده المتواصل خارج المنزل لذلك تشير الأبحاث النفسية إلى أن المسألة لا تتعلق بالتحليل العلمي لدماغ الرجل فقط بل ترتبط بوجود مشكلة نفسية عند الرجل تتعلق بتوازن الشخصية وعدم القدرة على تحمل المسؤولية.  

 

التراكمات أخطر مساوئ الصمت بين الأزواج

 

صمت الأزواج قنبلة موقوتة فهم يصمتون لفترات طويلة لقناعتهم أن الصمت أفضل من الكلام والشجار الذي لا يأتي بنتيجة وأحياناً يكون خيار الصمت بقرار ثنائي من الزوجين، لكن ترك الأمور وتأجيلها لا يحل المشكلة بل يؤدي إلى ظهور مشاكل الأخرى كنتيجة حتمية للمشكلة الأساسية وبالنهاية يجد الأزواج أنفسهم أمام تراكمات لا تعد ولا تحصى من التفاصيل التي تبدو صغيرة وتنتهي بخلاف جديد، بالإضافة لتولد مشاعر كبيرة من الحقد داخل الزوجين والرغبة في الانتقام بأحيان كثيرة لذلك يؤكد خبراء علم النفس أن أخطر مساوئ الصمت بين الأزواج هو حدوث التراكمات التي كلما زادت صعب حلها، ومن ناحية أخرى فإنهم يؤكدون بأن القدرة على الحديث لفترت طويلة لا تعني دائماً القدرة على التعبير الصحيح، أي أن العلاقة قد تكون عكسية بين كثرة الكلام وبين النجاح في التعبير عن المشاعر والأفكار وحل المشكلة، وعندما تكون المرأة من هذا النوع فإنها لا تختلف من حيث الجوهر عن الرجل الذي يلوذ بالصمت تاركاً حياته الزوجية تحتضر إلى أجل غير مسمى.

 

تقول السيدة "سوسن" التي اعترفت أنها تخضع لعلاج نفسي في عيادة للأمراض النفسية بسبب فقدان التواصل مع زوجها لأسباب كثيرة منها أسلوبه الخاطئ بالتعامل مع أي مشكلة تواجه العائلة والتزامه الصمت: 

 

"أسلوب الرجل في تجاهل زوجته وإهماله لأي مشكلة زوجية وغيابه لفترات طويلة عن المنزل بحجة العمل وممارسته لسياسة الخرس الزوجي أثناء وجوده في المنزل والعبوس وغير ذلك كلها عوامل تقتل الزوجة وتجعلها تعيش في دائرة التوتر النفسي والاكتئاب، الزوجة دائماً تكون هي المبادرة للنقاش والحوار بأي مشكلة تخص زوجها أو أبنائها حتى لو كان أسلوبها في أحيان كثيرة خاطئاً عندما تفقد السيطرة على أعصابها وتتشاجر معه بصوت عالي لكن حتى هذا السلوك قد يكون مبرر لها فالتراكمات وتجاهل وجود مشكلة من الزوج "التطنيش" هو الذي يجعل التشنج مسيطراً على أي نقاش هادئ بين الزوجين".

 

الزواج الذي لا يبنى على التواصل اللفظي والسمعي لا يكتب له النجاح

 

السكوت هو القاتل الصامت لأي علاقة زوجية تأسست على التفاهم والمشاركة وبناء أسرة سليمة فعندما يتحول عش الزوجية إلى فندق نعيش به وتتلاشى الوعود التي قطعناها على أنفسنا بتقاسم هموم الحياة مع أفراحها ويحل الانتقام والحساب بدل المودة والرحمة ونختار الصمت حلاً فإننا نعيش ما هو أبشع من الطلاق ونتوهم أننا بذلك نحمي أبناءنا لكنهم ربما يتألمون أكثر منا حتى لو لم يتكلموا وما يشعرون به حتماً سيشكل لهم عقدة نفسية في المستقبل ". هذا ما قالته السيدة أم روني وقد أبدت رأيها بناءاً على تجربتها الشخصية وأضافت : " زوجي كان دائماً قليل الحوار ويقول كلمات معدودة عند أي خلاف يحدث بيننا كتوم وغامض لدرجة القرف وسلبي جداً بالتعامل مع أي مشكلة وعندما يقرر أن يناقشني بأي موضوع لا يتردد في توبيخي على أي سؤال أوجهه له ويصفني دائماً بالغبية والبليدة كان يجرح مشاعري وكبريائي بأتفه الصفات والألقاب تحملته كثيراً وصبرت بسبب وجود الأولاد ونظرة المجتمع لكني بالنهاية فضلت الانفصال على الحياة مع حجر وليسامحني أبنائي فهم كبروا ولم يعودوا بحاجة لي".

 

الصمت مساحة للتأويلات التي قد تذهب في كل الاتجاهات، سنخطأ حتماً في تفسير صمت الطرف الآخر، فبعض الصمت إهانة وبعضه عتاب، وكلما طال الصمت تشوّه الحبيب من الداخل وأصبح غريباً عن حبيبته وناب عن صوته مرارة تقتل ما كان حلواً بينهما، وإذا كان سلاح المرأة دموعها كما يقول الرجال الذين ما استطاعوا الدفاع عن أنفسهم بمجاراتها في البكاء فقد عثر الرجل على سلاح ليس ضمن ترسانة المرأة ولا تعرف كيف تواجهه لأنها ليست مهيأة له في تكوينها النفسي لذا عندما يشهره الرجل في وجهها يتلخبط جهاز الالتقاط لديها ويتعطل رادارها، إنها تصاب بعمى الأنوثة أمام الضوء الساطع لرجل اختار أن يقف في عتمة الصمت.

 

التلفزيون والكمبيوتر هم أعدائي في هذه الحياة

 

السيدة "نسرين" تقول أن زوجها كائن أخرس في المنزل يتناول الطعام ثم يجلس أمام التلفاز أو شاشة الكمبيوتر لساعات طويلة وعندما تبارد بسؤاله عن مشاكل الأولاد ومسؤولياتهم يغضب وينفجر في وجهها كالبركان مبرراً لها أنه يقدم لأولاده كل ما يلزمهم من متطلبات مادية وتعلق :"كأن الأبناء يحتاجون فقط إلى المال" وتضيف : "أما عندما يخرج زوجي خارج المنزل ويكون مع أصدقائه فهو إنسان مختلف يضحك ويمزح ويتكلم بصوت عالي اعتقدت أن المشكلة تتعلق بي فحاولت أن أبعد عنه هموم المنزل ومشاكله وصرت أحدثه بشكل رومانسي وأروي له الكثير من المواقف المضحكة لكنه كان سلبياً بالتفاعل معي لا أعرف لماذا لقد تزوجنا بعد علاقة حب لقد تغير كثيراً عن السابق وعدني أن نناقش أي مشكلة ونحلها وهو اليوم يترك كل هموم البيت على رأسي ويهرب للخارج ليتسلى مع أصدقائه هل هذا عدل".

 

وللرجال رأيهم في هذا المجال حيث يقول السيد "سامر": "

السر وراء عدم إصغاء الزوج لزوجته يكمن في عدم وجود الحب بينهما رغم أنه قد يكون موجوداً في البداية أما في غير ذلك فستعاني الزوجة من السكتة الكلامية عند الزوج وعليها تحمل ذلك".

 

أما السيد أبو أحمد فيبرر للرجل مرة ويحمله المسؤولية مرة أخرى حيث يقول: "الرجل بطبعه إنسان كتوم ولا يحب الكلام كالمرأة وعلى الزوجة أن تعرف هذه الطبيعة عند الرجل ولا تلح عليه بالكلام وتكرار نفس الحديث لكن الكثير من الرجال أيضاً يفضلون الصمت ويهربون من المنزل لكي يلقون بكل مسؤوليات الحياة الزوجية على الزوجة وهذا أسلوب أناني جداً هذا فيما يخص مشاكل الأولاد لكن ماذا لو كانت المشكلة خاصة جداً أي لها علاقة بمشكلة جنسية مثلاً بين الزوجين من سيحل هذه المشكلة هل تستطيع المرأة وحدها ذلك ثم يأتي من يقول لك "لو كان مرتاحاً مع زوجته لما فكر في خيانته" والحقيقة أنه يكون في أحيان كثيرة سعيد بوجود مشكلة ما بينه وبين زوجته ليبرر للآخرين خيانته لزوجته أنا رجل وأعرف كيف يفكر الرجال نسبة كبيرة جداً منهم يفكرون بهذه الطريقة".

 

تسع وسبعون بالمئة من حالات الطلاق سبها السكوت

 

تؤكد أبحاث على الاجتماع أن الخرس الزوجي ليس مرضاً وإنما حالة هروب من المشاجرات الزوجية رغم أن الشجار الزوجي أمر طبيعي جداً وليس بالضرورة أن يكون مصيبة وبالتالي فالمواجهة تكون أفضل من الاستسلام والهروب لذلك ينصح علم الاجتماع الزوجين بالحوار وإيجاد حل لأي مشكلة قبل تفاقمها وقد دلت الإحصائيات على أن مؤشر الإحساس بقيمة الطرف الآخر يبدأ في التراجع بعد مرور خمس سنوات على الزواج وتبين أغلب الأرقام أن 79% من حالات الانفصال بين الأزواج تكون بسبب انعدام المشاعر وعدم تعبير الزوج عن مشاعره وعدم وجود حوار يربط بين الزوجين كما تؤكد الأبحاث أن عدم إصغاء الزوج لزوجته والحوار معها يعود لعدة أسباب أهمها جهل الرجل لمعنى وأهمية الحوار وأحياناً يؤدي صمت الزوج إلى توتر الزوجة واختراعها لمواقف بسيطة كي تخلق منها مشكلة في المنزل هناك نسبة ليست بقليلة من الأزواج يتعاملون مع زوجاتهم وأبنائهم على أنهم عليهم جلب المال فقط لهم وبالتالي يتنصلون من واجباتهم تجاه أسرتهم ويريدون من المرأة أن تكون زوجة مطيعة وامرأة وقوية وأنثى رومانسية وأم حنونة وموظفة حازمة وربة منزل مسؤولة وإن كانت على أقل من ذلك عندها فقط يصرخون بأعلى أصواتهم ويتخلون عن صمتهم ليقولون لكل العالم أنهم مضطرون آسفين للخيانة.

 

ومضة:

 

التمييز بين صمت الكبار والصمت الكبير ضرورة لا بد منها فالكبار سيقولون في صمتهم بين جملتين ما لا يقوله غيرهم خلال أشهر من الصمت أما الصمت الكبير فهو يشي بضعف أو خلل عاطفي وخوف كامن وعميق من المواجهة، الصمت أولاً هو بداية الاغتراب بين الشريكين وأخيراً هو الموت السريري للحب.  

 



 
2012-07-07
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
مساهمات أخرى للكاتب
المزيد