هناك العديد من المفاهيم التي يتم الخلط بينها و تتداخل هذه المفاهيم و تتراكم في الوعي والادراك الجمعي للشرائح واسعة من المجتمع لتصبح حالة فكرية ثقافية مؤثرة في اتجاهات و ميول و دوافع الراي العام لهذه المجتمعات اتجاه القضايا المختلفة ليتبلور مزاج عام مؤيد او رافض اومحياد اتجاه هذه المفاهيم.
ومن هذه المفاهيم العولمة و العالمية حيث تداخلت وتم الخلط بينها في وسائل الاعلام المرئية و المسوعة و المطبوعة على انها مفهوم واحد رغم الاختلاف الواضح في الكينونه و الجوهر و الوسائل و الاهداف فالعولمة احتواء للعالم و فعل إرادي يستهدف الآخر بينما العالمية تعايش مع العالم و فعل يستهدف التفاعل مع الآخر و العالمية تفتح االعالم على الثقافات الأخرى و تحتفظ بالخلاف الآيدلوجي بهدف إغناء الحالة الفكرية و الثقافية للآمم مع الاحتفاظ بكينونة و خصوصية تلك الامم أما العولمة فهي نفي للآخر و إحلال للاختراق الثقافي محل الصراع الآيديولجي أي إن العولمة احتواء للعالم و إقصاء و قمع لما هو خصوصي.
كما أن العالمية ترتبط بالأرض و الإنسان وتعزز القيم و الانتماء و الهوية الوطنية أما العولمة فترتبط بالكون و أنظمة الإنسان المتنوعة و العالمية طموح للارتقاء بالخصوصيات إلى مستوى عالمي و في المجال الثقافي تنشر العالمية مشروعا ثقافيا طموحا و رغبة في التبادل اما العولمة ففيها طموح لاختراق ثقافة الآخرين و سلبهم خصوصياتهم و العالمية تهدف إلى الحفاظ على الهوية الثقافية أما العولمة فتهدف إلى تمييعها وفي العالمية اتجاهان إرسال و استقبال أي إنها تعددية تفاعلية أما العولمة فتتنافى مع التعددية الثقافية وتهدف إلى خلق عالم ذات صبغة ثقافية و احدة و العالمية حركة من الداخل الى الخارج أما العولمة فهي حركة من الخارج إلى الداخل.
ومهما تكن حقيقة هذه المفاهيم و داوفعها و غاياتها و اهدافها لابد من التعامل مع ايجابياتها و الابتعاد عن سلبياتها قدر الامكان محاولين بناء منظومة قيمية اخلاقية فكرية لبناء نظام عالمي جديد متعدد الاقطاب تسقط فيه القطبية و السيطرة و استغلال موارد و مقدرات الشعوب و يسقط فيه الاقصاء و الالغاء واستغراق الامم لتعم فيه ثقافة التعايش و الاحترام المتبادل والبناء الخلاق للإنسان.