news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
الديمقراطية... مقارنة بين الفكر والممارسة 2...: محمد عبد الغني شبيب

إذا عدنا للقول الفلسفي أن الجسد يمثل الكمية والروح تمثل الكيفية .

 يأتي السؤال هنا من يقود من ؟فكلما سيطر الإنسان على النفس كان وحتما\", مسيطرا\" على الجسد. من هذا المنطلق ندخل لمناقشة دور الإنسان في العملية الديمقراطية , سواء أكان ناخبا أو منتخبا


السؤال هل يتقدم المرشح لانتخابات البرلمان للشعب بفكر أو أجندة (أي ببرنامج حقيقي يعرض أفكاره وتوجهاته ) أو يتقدم بشخصه ومكانته الاجتماعية ومركزه المالي ليكمل – بريستيجه – أو يشبع شهوة أو لغاية شخصية ؟

من ناحية أخرى هل سينتخبه الشعب لقناعته بأفكاره وبرنامجه , أو لأسباب أخرى قبلية أو حزبية أو عقائدية أو طائفية أو غيرها ؟

 

أسئلة الإجابة عليها بموضوعية تبين لنا مستوى الوعي السياسي و المعرفي والثقافي للناخبين والمنتخبين  , فإذا عدنا وافترضنا أن الشعب يعادل الجسد(الكمية) والفكر والمعرفة - القانون والعلم والثقافة والاقتصاد- تعادل الروح (الكيفية) أي القيادة  تكون الحالة المثالية! بأنه بالفكر والمعرفة - بالقانون والعلم والثقافة والاقتصاد - تقاد الشعوب وهذه النخب من علماء وقانونيين ومثقفين وقادة رأي واقتصاديين هم من يجب أن يؤسسوا ويمارسوا العملية الديمقراطية ويكون التنافس فيما بينها لينتخبوا من قبل الشعب .

 

الكائنات الحية في هذا الكون, تتشارك حاجتها إلى الماء والطعام والهواء والجنس أو التكاثر, ويتشارك الإنسان مع الحيوان بغرائز الطعام والشراب والهواء والجنس, لكن الإنسان تميز بالعقل على جميع الكائنات لذلك لا يمكن أن يختار الإنسان شريعة الغاب في القيادة كما الحيوانات , بل يجب أن يحكم عقله ويختار لقيادته الحكيم العاقل , وإذا اختار حكم الأغلبية نعود لبسمارك , وهذه الديمقراطية لن تمكن شعب من التقدم والتنمية والازدهار إذا كان من يقوده بالأغلبية الديمقراطية جاهلا أو متخلفا وميزته أنه يتمتع بالقوة أو المال أو النفوذ .

 

في حين لو كان من يتمتع بالقوة أو المال أو النفوذ يقوده حكيم عادل سوف يتمتع الجميع بالحياة السعيدة والتقدم والازدهار , والسبب أن الحكيم العادل هو الأقدر على توجيه الطاقات و المقدرات في الاتجاه الصحيح . ( بعيدا عن الطوباوية والمثاليات, فسوف نستعرض آراء الفلاسفة في فصول أخرى من هذه الدراسة ).

 

إن من حق أي أمة أن تقرر مصيرها باختيار أسلوب ونمط عيشها بالأسلوب والشكل الذي ترتئيه دون ضغوط أو أملاءات , بما يتفق مع عاداتها وتقاليدها وهويتها الحضارية , وهذا لا يمنع من أن تجدد عقدها الاجتماعي كلما نضجت لترتقي وتتطور.في عالمنا العربي هنالك عوامل دولية وإقليمية, تلعب دور" كبير" في تركيبة السلطة وشخصية الحاكم من ناحية, ومن ناحية أخرى هناك عوامل داخلية (استقرار - أمن - تنمية) كانت تلعب الدور الأكبر في تكريس سلطة الحاكم.

 

لقد تفشت الأتوقراطية بدل الديمقراطية في أغلب البلاد العربية, فشغل أكثر الحكام كافة المناصب العليا في الدولة (الحاكم - قائد الجيش – ورئيس الحزب) وأصبحت حاشيته هي أعضاء حكومته ومجلس الشورى وقادة جيشه وأمنه  واعتبر الحاكم هو الموجه والمقرر لمؤسسات الدولة, بالتالي فقدت الأخيرة قوة صنع القرار المستقل, وتفرد الحزب الحاكم في بعض الدول والمجالس المصغرة في دول أخرى بالحكم, بحيث سيطر على مفاصل الدولة جميعها بذلك تأسست في أكثر البلاد العربية نظم حكم يستحيل معها تداول السلطة  ما رسخ ذلك! إيقان الشعوب أنه بخلوا كرسي الحكم من شاغله لسبب ما (بعد أخذ العبر من دول أزيح حكامها بالقوة) سوف تنهار أسس الدولة وبنيتها التحتية التي تشكلت على نمط السلطة المركزية.

 

لذلك التفت الشعوب حول حكامها, وأخذت شكل مملكة النحل, وخاصة عند شعورها بالتهديد الخارجي, ولكن عند وصول الشعب لحالة الفطام السياسي, ستولد حالة من التمرد الشعبي على نظم أكل الزمان عليها وشرب, لإيقان الشعوب أن سبب عدم تطورها أصلا ً هم الساسة الذين وكلوا أمرهم لهم .

 

 مما ساعد على عدم التطوير والتحديث , تحول فئة من المثقفين (خوف" أو طمع") والذين كان يعول عليهم لترتقي بالشعوب فكرا وممارسة أو للدفاع عن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان, تحولوا لأدوات وأبواق تستعمل بشكل منهجي لتمجيد إنجازات وشخص الحاكم أو تعمل لدى مافيات المال والإعلام التي تستغلهم لتضغط على حكومات أو لتدعم أخرى فأصبحت الشعوب العربية فئتين إحداها مقاومة وتركض وراء لقمة العيش وأخرى استهلاكية منقادة ومكتفية طالما تبقى صامته أو تمجد ولي الأمر.

 

أيضا الخوف من الجديد المجهول وفوبيا الإسلام التكفيري أو المتطرف والجهل والتخلف المعرفي بعدم تطوره , هذا وغيره من الأسباب عطل عمل الجادين بالتقدم بمسيرة التطوير وجعلها ضرب" من الخيال, وكرست سلطات حاكمة بمركزية أصبحت هي المشرع والقاضي والمنفذ.

 

أقول : إن الفشل الحقيقي يكون بكف الشعوب عن محاولة التغيير, فالاختلاف شرط أساسي لصحة المجتمع الإنساني وتطوره. فمجتمع لا يتطور اجتماعي" و لا يتقدم علمي" هو: مجتمع لا يكون توقف في مكانه فحسب, بل يكون بطور التراجع, فالأمم الأخرى قد سبقتنا نحن العرب بأشواط كبيرة, وبات علينا أن نسير بخطى سريعة جد", لنلتحق بقطار التطور السريع.

2013-03-13
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
مساهمات أخرى للكاتب
المزيد