كانت سنواتها الثلاث معه كافية لترافقها طيلة حياتها القادمة،،، و كافية لتجلده ماتبقى له من العمر .....
عششت هي في رأسه منذ سمع أخبارها في تلك السهرة، حتى اللحظة استعاد شريط الذكريات عشرات المرات، وطالع الصور مرارا، تأملها كثيرا في ابتسامتها المحملة بالأمان والسكينة،، تأمل مرحها الطفولي تارة، وحزنها الكهل مرات.....يذكر كيف قالت له يوماً بعد أن بدأت تتعافى منه، أنها في المرة الأولى التي رحل عنها فيها_كانت شهرا صححت لا بل دهرا_ماتت مئات المرات يومياً.....
ماتت بكل ألوان وصنوف العذاب، خنقاً بقهرها، وطعناً بغدره، وغرقاً بدموعها، وجوعاً وعطشاً بشوقها إليه، وحرقاً بنيران الحنين، وجلداً بذكرياتهما معا،،،فبربك كيف تنسى؟؟؟؟؟؟
فقدت أي شهية للحياة، أي لون للدنيا بدونه، كانت قبلها مستكينة له تماماً، راضيةً بما يمن به عليها من رقائق حب، وكسرات حنان مجفف، لم تعترض يوما على شحها فقد كانت واثقة أنه _لا لا لم تكن واثقة من شىء حينها _
كانت أضعف من أن تثق إلا بحبها له..........
قالت وقد بدت حشائش عينيها الوادعتين تتلألأ خضراء ندية من خلف زجاج الدموع، أنها لا يمكن أن تمحي صورتها المهزومة المدمرة من مرايا ذاكرتها المحطمة، مهما يمر من الوقت، لا يمكن أن تنسى كيف كانتا تمطران دموعاً وهي تمشي في الشارع دون أن تشعر بها إلا من نظرات المارة إشفاقاً ،،فلكثرة ماأمطرت تلك العيون دموعاً تآلفت مع وجنتيها ، ،،
غطت وجهها بكفيها وتمتمت: إلهي كان مهينا جدا أن تتركني هكذا وتمشي دونما أسباب، دونما مبررات،و دونما احتراماً لذاكرة الحب..
شهراً _صححت بل دهراً _ كنت أعتقد أنه أطول من الزمن الذي يمكن لقلب عاشق أن يحتمله،أذكر أنني آنذاك
تضرعت للخالق كثيرا أن يخلصني من ذلك المرض الذي ألم بي، وأن يشفيني من نوبات عشقك القاتلة
طلبت الموت مراراً بل و سعيت إليه،،
لم يحالفني الحظ بأن أموت وتنتهي معاناتي المستمرة مع الحياة بدونك
لكن خلايا حبك الخبيث كانت تنتشر وتتكاثر بسرعة كبيرة،، وبجرعات حنانك الغالية الثمن كنت تسكن ألمي لأيام ولكنني كنت على يقين بأن جرعاتك الشحيحة لن تشفي سرطان القلب يوماً،،
لذلك..
ذات موت حسمت أمري، وأطلقت على قلبي رصاصة الرحمة
وقررت أن ألملم ماتبقى من فتات روحي، وأمضي ،،،عل النسيان يفلح يوماً في إقناعي بأن أنساك
_في سرها همست بأسى لايمكن أن تبوح به، خوفاً من أن يتناثر قلبها ثانية _
لكنه لم يفلح .....
هي كانت دائماً تتناساه،،، لاتنساه...