news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
قصص قصيرة
بوح راشد .. .بقلم : هديل خلوف

رحلة التسوق لشراء الحفاضات والبقوليات ومتطلبات طبخة اليوم قد تصبح رحلة حقا .. رحلة إلى ذلك الجزء من عقلك الذي لم تدسه أفكارك منذ .. منذ أكثر من عشرين عاما .. رحلة إلى الماضي ..
هناك في قسم الألعاب رأيته .. في المركز التجاري في تلك المدينة الغريبة لكلينا , لم أكن أعلم أنه يعيش في هذه المدينة بالذات ..


لقد كان هو .. بقامته الممشوقة التي سحرتني في تلك الأيام السحيقة , بنظارته الطبية ذات الإطار الفضي , بصبيانية حركاته ونزقه .. لكنها الآن تلبس طقما رجاليا جدا ..
وهذه الخصلات الفضية أهي شيبا على فوديه ؟ مع فادي يكون كل شي ساحرا .. حتى الأربعينات من العمر .. هل تذكر أيامنا يا فادي ؟ هل تذكر تلك الشابة الطائشة المجنونة التي كنتها أنا ؟ هل تذكر ياسمين ؟


-----------------------------------------


من قال أن المرأة في الأربعينات تكون في خريف العمر ؟ تعالوا إذا يا حمقى وشاهدوا ياسمين وهي في الأربعينات لتدركوا فداحة خطأ رأيكم هذا .. أعلم أن ما سأقوله سخيفا وربما لا يصدق ، لكني أقسم لكم بما تؤمنون به بأني رأيتها مصادفة في مركز تجاري في هذه المدينة الغريبة .. لم أكن أعلم أبدا أنها من طائفة المهاجرين ولم أتوقع يوما أن تكون .. أستطيع من موقعي هذا أن أرى ياسمين الجميلة التي زادتها الأربعينات شيئا محببا لا أستطيع وصفه .. خطوط الضحك حول عينيها قد أصبحت أوضح الآن فزادت وجهها إشراقا وجعلته مبتسما دون أن تضطر لافتعال الابتسام والضحك .. ياسمين الآن امرأة مكتملة .. أتساءل إن كانت لا تزال محتفظة بجنونها الشاب الذي قادني للجنون يوما أنا الآخر ..


--------------------------------------


لقد تزوجت من أوربية إذن أيها الشقي .. قال لي هذا شعر طفلك الأصفر جدا .. ألا تزل ذلك المتحذلق المتمرد الذي يرفض الإيمان بأي شيء حتى حبنا في تلك الفترة ؟ مالذي علمتك ياه السنون العشرين الماضية ,ها ؟
كم أود لو أترك ما بيدي الآن وأركض لأعانقك وأتعلق بك بكل جسدي كما كنت أفعل سابقا .. كنت تقول لي بهلع : يا مجنونة , ألا تخافين من عيون الناس حولنا ؟ من أين تأتين بهذا الجرأة كلها يا فتاتي الشرقية ؟
كم أود .. كم أود أن أمتلك عصا سندريلا السحرية الآن , أو .. أو جني علاء الدين ..أو أية وسيلة أخرى لتعيدني إلى ياسمين أوائل العشرينيات .. لو كنت أعرف أني سألتقي بك هنا وفي هذا السن بالذات لارتديت غير هذه الملابس التعسة على الأقل .. لا أريد أن ترى من ياسمين ربة منزل اعتيادية بعدما كنت تراها ربة الجمال والشباب والجنون .. أو بس علي أن أترك علبة الحفاضات هذه من يدي على الأقل .. !


------------------------------


طفلتك التي تجلس في عربة المشتريات جميلة مثلك ياسمين .. ومظهرك وأنت تتبضعين وترمين علبة حفاضات الأطفال بشيء من العجلة والحرج يعزز في ذهني أنك أنثى حقيقية حقا .. أنثى قادرة على أن تكون عاشقة وحبيبة وزوجة وأما .. إمرأة حقيقية أنت ياسمين .. إن كان هناك ما ينقص في حياتي الماضية فهو رؤيتي لك بالفستان الأبيض .. من الوغد المحظوظ الذي تزوجك ؟ إن التقيت به يوما ما فسأقول له : وغد محظوظ أنت .. حافظ على الياسمين واعتن به ..
كم كنت أحمقا أنا إذ لم أفهم علم الأزهار .. أنا لا أستحق الياسمين ولا الجوري ولا أية ورود محلية ..
رفعت نظارتي إلى فوق أنفي وتظاهرت بالوقار والتحذلق .. ألم تعشق هي هذا يوما ما ؟


....................................


في أحد المراكز التجارية , وفي قسم الألعاب بالذات , مرت عربتا تسوق باتجاهين متعاكسين وتلامستا للحظة عابرة من جانبيهما .. كان وراء الأولى رجل وسيم أشيب الفودين يركض ابنه وراءه حاملا لعبة .. الثانية تدفعها امرأة اعتيادية المظهر يبدو أنها تتسوق تسوقها اليومي ولا تعير انتباها كبيرا لبكاء طفلتها المزعج ..
في لحظة تلامس العربتين التقت أعينهما وأعطى كل منهما ابتسامة راشدة مهذبة مع هزة بالرأس تفيد بأن كل منهما قد عرف الآخر .. ثم مضى كل واحد بطريقه يلوك خيالاته الشابة وأسئلته التي استيقظت دون أن ترى النور أو الإفصاح !

 

 

https://www.facebook.com/you.write.syrianews
 

2013-12-15
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
المزيد