news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
قصص قصيرة
فيمينست ! ...بقلم : هديل خلّوف

لرائحة الكولونيا تلك ألف حكاية وحكاية عند بيترا , يشابه تأثيرها تأثير عبق أوائل الربيع برائحة نسغ عشبه المجزوز مختلطاً بالرطوبة الناتجة عن مطر الصباح ..

أفاقت قبله - كما كل يوم - بنصف ساعة , وهي المدة التي تكفيها لكي تعد له الفطور .. قبل أن تنهض من السرير تحب مراقبته وهو نائم , ثم تبدأ بالنظر إلى أشيائه الكثيرة ..  شرائط ألعاب الفيديو .. كتبه المبعثرة .. نظارته ذات الإطار الفضي والموضوعة بعناية على الكومود بجانبه .. لا تصدق إلى الآن أنها أصبحت جزءاً من عالمه !


معه فقط تعلمت أن تترك كل الهراء الذي كانت تنادي فيه عن ضرورة مساواة المرأة بالرجل تماماً وعن إلزام الرجل بالعمل داخل المنزل مثله مثل المرأة .. لو أنّ إحدى صديقاتها قالت لها قبل سنة من الآن أنها تستيقظ قبل زوجها لتعد له الفطور لصدعت رأسها بمحاضرات من طراز " كرامة المرأة " و " محو ثقافة الجواري من العقل اللاواعي عند المرأة " وبلا بلا بلا ..

 

ابتسمت وهي تقشر له التفاح - ثمار الخطيئة الأولى - ستقدمها له بعد قليل كما فعلت أولى جداتها .. ستبتسم له عندما يبدأ بالتذمر بخصوص الشاي الساخن الذي أحرق فمه وربما ستؤنب الكوب الشرير أمامه كما تفعل أمام أي طفل يقع في هذا الموقف .. ألم تقل لها جدتها يوماً أن الرجال ليسوا سوى أطفال كبار ؟ وقتها احتجت وقالت للجدة : بل هم مشاريع قتلة .. جميعهم ..

 

رائحة الكولونيا تلك .. كم تثير في نفسها من ذكريات !

عادت إلى الغرفة وهي تحمل الطعام , بدأت إيقاظه بطريقتها ذاتها .. خللت أصابعها بخصلات شعره الثائرة أبداً .. وبدأت بهمس اسمه مع كلمات التدليل .. يستيقظ هو دوماً هكذا ..

 

قبل سنين عديدة عرفت هذه الرائحة للمرة الأولى عندما كانت في بريطانيا , وجدتها رائحة غريبة عن المكان وقتها .. بريطانيا حيث كانت تحضر رسالة دكتوراة حول قضية من تلك القضايا المتعلقة بالمرأة .. كان هناك الكثير من المؤتمرات حول المرأة في الشرق الأوسط والعنف النفسي الذي يمارس ضد المرأة في العالم بشكل عام .. في هذه المحافل كانت بيترا دائما هناك .. وفي تلك المحافل كان هو هناك أيضاً !

 

في أوائل العشرينيات من عمرها كان هناك سامي الذي أحبته لكنها لم تستمر معه بسبب طموحها بالسفر وإكمال الدراسة .. في الثلاثينات أصبحت من أولئك النسوة اللواتي وصلن إلى مرحلة من كره الرجال تصل إلى أن يكرهن أنوثتهن بسببها .. ثم ظهر هو ..

لا تعرف كيف استطاع شاب مثله جذب اهتمامها وقلب مفاهيمها ..

 

راقبته وهو يأكل وابتسمت .. لم تكن تعتقد يوما أن أشياء مثل إعداد الفطور لرجل وترتيب أشيائه قد يجلب لها السعادة .. اكتشفت في نهاية نضالها أن الحب عند الأنثى هو شكل من أشكال الأمومة التي لا تستطيع معه المرأة مقاومتها عندما تكتشف ذلك الطفل الموجود في رجل ما تلاقت حياته بحياتها في إحدى نقاط الزمان والمكان المشتركة .. فكرت في أن عليها إعادة النظر في شهاداتها التي حصلت عليها سابقاً .. !

2013-08-14
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
المزيد