news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
قصص قصيرة
الهروب إلى لامكان ..بقلم : هديل خلّوف

تتعثر منال في مشيتها وهي تعاند الزحام , أحدٌ ما يدوس على قدمها بفظاظة وآخر يضربها في وجهها بكوعه .. الضوضاء البهيمية تملأ أذنيها فتشعر بأن تلافيف مخها تكاد تخرج منها .. أمّا عن رائحة الهواء فلكم أن تتخيلوا !

تركض وتركض وتركض والدوامات البشرية تتكاثر أكثر فتجذبها إحداها ذات اليمين وتطوح أخرى بكل جسدها فتشعر بالتداعي ..


.لاتعرف لمَ تتذكر الآن وبوضوح كل شيء .. تسترجع الآن مشهد تناثر أزهار الكرز في الهواء وتعلّق بعض البتلات بشعره الناعم فيصبح الجو العام جدير بإحدى مسلسلات المانغا اليابانية .. تتنفس ذاك الهواء الربيعي المنعش ثانيةً وترى الصدق في عينيه عندما يقول : أحبك منال ..

تمسح بكمها عينيها وتكمل الركض المتعثر ..

 

- منااال أنتِ لا تجيدين سوى "العلاك " ! تماماً كأبيكِ .. الكثير والكثير من الثرثرة على غرار  "سأفعل " و"سترون" لكنكِ في الواقع راسخة في مكانك رسوخ أبي الهول .. "منظرة عالفاضي ! "

- كفى تحبيطاً يا أمي أرجوك .. إنّها الظروف !

- الظرف الوحيد الذي يمكن أن نضعه بالاعتبار هو أنّكِ كسولة !

 

ياه كم موجعٌ هو حجم الصدق في كلمات أمها .. صدق مهيب مريع يجعلك عارياً تماماً ..

يتكفل الآن أحد البدناء بإطاحتها على وجهها لكنّها تنهض بمقاومة وتكمل محاربة الجموع ..

 

أشجار الكرز ثانيةً والرائحة اللطيفة للهواء .. مالك ياماهر ؟ لم هذا الفتور في عينيك ؟ لمَ لم تعد أنت ؟ .. لأنّ الناس يتغيرون يا منال .. يتغيرون ..

- وماذا عن عهود حبنا ؟ .. ماذا عن أحلامنا المجنونة ؟ .. ماذا عن أزهار الكرز التي شهدت كل شيء ؟

يشيح بوجهه بعيداً .. لم تعد عيناه ترى ما تراه هي .. لم يعد يبصر أزهار الكرز ..

الناس يتغيرون يا منال .. يتغيرون ..

 

عادت الدمعة إلى الإفلات , لكن لاوقت لديها ولا مزاج في الانخراط بالبكاء وسط الجموع .. الطقس العام يتنافى مع الرومانسية الحزينة في عينيها .. للجموع رهبة والحق يقال ..

- ماهي مخططاتك الآن إذاً ؟ هاتي مالديك ..

- أمي أرجوك .. أنا لست كالأخريات .. أحب الأطفال والمنزل المستقل السعيد نعم .. لكنه ليس طموحي ..

- وما طموحك إذاً ؟

 

- أ .. ممممم .. لم أحدده بدقة بعد .. لكنه لا ينتمي إلى هنا أبداً .. لا أعرف كيف أشرح لكِ الأمر .. حسنٌ .. إذا قلت لك أنّ هناك زهرة رائعة بنفسجية اللون زجاجية البتلات سماوية الرائحة ولا تزرع إلّا فوق الغيوم فهل لكِ أن تحددي اسم الزهرة بالدقة وإلى أي فصيلة تنتمي ؟ طموحي مشابه لهذه الزهرة !

 

- أحب أن أقول لكِ إذاً تهانينا .. طموحك يشابه الزهرة تماماً .. كلاهما سراب !

- أحب العيش في الخيالات والسراب .. هذا هو طموحي إذاً !

- أنتِ فاشلة يا منال .. فاشلة .. فاشلة .. فاشلة

 

فااشلة .. فاااشلة .. لااااا .. تسدّ أذنيها وتهز رأسها علّ الكلمات تتزحلق عن رأسها وتموت ..

 

أزهار الكرز .. صوت أمّها .. هدير الجموع .. نظرة ماهر الساهمة .. الناس يتغيرون .. لم بحق السماء يتغيرون ؟؟ .. فااشلة .. زهرة ثلجية .. نظرات أمّها خائبة الأمل .. أزهار الكرز مجدداً ..

تهز رأسها بقوة وتريد الهروب .. تريد الهروب بشدة من نفسها من ماهر من نظرات أمها من أزهار الكرز   .. تخرج من الجموع باكية وتلتفت إليهم وتقول لاهثةً : تباً لكم جميعاً .. تبّاً لكم !

لقد استطاعت الهروب من الجموع .. لكن هل تستطيع الهرب من ذاتها ؟

 
 

2012-07-11
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
المزيد