news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
نعم إنها غياب الأخلاق والضمير يا سيادة الرئيس ... بقلم : د. عبد الحميد سلوم

تابعتُ وأصغيتُ ( كما كل أبناء الشعب ) باهتمام بالغ لخطاب القسم  في 16/7/2014 الذي دشّن  به السيد الرئيس بشار الأسد المرحلة الرئاسية القادمة وأرسى  ملامحها العريضة على كافة الأوجه ...  وأكثر ما شدّني في الخطاب هو الحديث عن  "الأخلاق" ، والربط بين الأخلاق وبين الوطنية... وبين الأخلاق وبين الفساد ..


فتذكّرت قول  الشاعر أحمد شوقي :

 

 إنما الأمم الأخلاق ما بقيت        فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهَبوا !!

وهناك من يضع (شدّة) على حرف الهاء لتصبح ( ذهَّبوا) !!..

 

نعم حينما تذهب الأخلاق ويغيب الضمير ، يغيب كل شيء ، ويصبح كل مُحلّل مّحرّم ، وكل مُحرّم مُحَلّل !!.. فالمجتمعات وقبل بناء الدول والقوانين كان يحكم علاقاتها مع بعض ( الأخلاق ) وهذه تشمل مجموعة الأعراف والعادات والتقاليد التي تتباين من مجتمع لآخر... ومفاهيم الصدق والأمانة والمحبة والإخاء والتعاون والابتعاد عن القتل والسرقة والإجرام ...... وهذه كانت تتقاسمها كل المجتمعات  كثقافة ومفاهيم فطرية طبيعية  يدركها البشر بالفطرة .. وقبل أن يأتي الوعّاظ  والشيوخ ليحدثونهم عنها وعن معانيها...

 

الأخلاق بالطبع لا يمكن فصلها عن التربية البيتية ، وهنا يأتي دور الأسرة ، وعلى رأسها ( الأم) التي قال فيها  الشاعر حافظ إبراهيم :  الأم مدرسة إذا أعددتها ---- أعددتَ شعبا طيب الأعراق ....

 

فخلال الأزمة السورية الحالية كم تفاجئنا بالكم الهائل  لانعدام الأخلاق !!  لم تكن المشكلة أن يكون الشخص معارضا ، فهذا حقه ، بل عليه أن يرفع صوته  مطالبا بحقوقه ، وبوجه الفساد والفاسدين ، سواء كان الفساد يتعلق ( بوساخة اليد ) أم بوساخة الضمير ، وهذا لا يقل خطرا ... وهنا سأبيّن أكثر ، مع أنني نشرتُ مقالين قبل موعد القَسَم وكان جلَّ تركيزي بهما على انعدام الضمير والأخلاق التي تجسدها شريحة من الناس أتقنتْ فن النفاق والانتهاز والكذب والوصولية والتلوُّن والتمسُّح والتملُّق ... وباتت تُمثِّل الأرض (الواطية) التي تشرب ماءها وماء غيرها ، فهم الأقل تأهيلا ولكن تراهم من خلال موهبة النفاق والإدّعاء والتملق والانتهاز ، يحصلون على ما كان يبدو حُلُما بالنسبة لهم ، على حساب أهل الكفاءة ، بل وأهل المهنة  أيضا ..!!.

 

ولكن ، أي يكن المعارض ، فلو تمتع بالتربية الصحيحة والسليمة والمبنية على الأخلاق ، فإن أخلاقه ستمنعه من أن يسرق كابلات الهاتف ويقطع الاتصال بالهواتف بين الناس .. ستمنعه من قطع الكهرباء وضرب كابلاتها ، ومحطاتها  وإغراق الناس بالعتمة ... ستمنعه من ضرب أنابيب الغاز ، ستمنعه من سرقة القمح والنفط والمصانع !! ستمنعه من ضرب معامل الدواء .. ستمنعه من تهديم البنية التحتية من مباني مدرسية وجامعية ، ومشافي ، وجسور ، وطرق !

 

ستمنعه من خطف الناس ومن الاغتصاب ومن النهب والسلب والقتل والإجرام ... ستمنعه من ضرب القذائف العشوائية لتحصد أرواح الأبرياء ... ستمنعه من تفجير السيارات  المملوءة بالمتفجرات بين الناس المدنيين والأبرياء ... ستمنعه من القيام بأي عمل شرّير أي يكن شكله ... هذا عندما تتوفر الأخلاق والضمير والوجدان ، فهذه تصبح رادع داخلي لدى الإنسان تردعه عن أي فعل شرّير ...!!. ولكن للأسف كم بيّنت الأزمة الافتقار لكل معاني الأخلاق على صعيد ( بعض) ممن ركب زورق المعارضة !!...

 

ولكن بالمقابل كم كان هناك غياب للضمير وللأخلاق لدى العديدين والعديدين ممن تبوئوا المناصب في الدولة ، ويُفاخر أحدهم أن يده نظيفة ، ولكنه ينسى أن ضميره وأخلاقه ليست نظيفة !!..

لقد جاء في الخطاب أن :( الأخلاق الحميدة والرفيعة تؤدي لحسن تطبيق القوانين) ... وهذا يعني أن الأخلاق غير الحميدة وغير الرفيعة تؤدي إلى سوء تطبيق القوانين !!.. وهنا بيت القصيد وبيت الداء !!..

 

فهل أدرك كل مسؤول لا يطبق القوانين والأنظمة والمعايير والقواعد والأسس على الجميع في مؤسسته ، إنما يفتقر للأخلاق الحميدة والرفيعة ؟؟ وهل أدركَ أحد ممن كانوا يجلسون ( ربما في نفس القاعة ،، لا أعرف) ويصغون للخطاب أن هذه العبارة تنطبق عليهم ؟؟ هل نخزتهم شوكة برقبتهم حينما أصغوا لهذه العبارة ؟؟ هل تذكّروا كيف أنهم موضع انتقاد وغضب من كل كوادرهم بسبب تغييبهم لكل الأسس والمعايير والقواعد وإسناد بعض مهامهم لمن لم يقطعوا مرحلة التعليم الإعدادي على حساب الكفاءات والمؤهلات والخبرات ؟؟

 

هل أدركوا أن محاربتهم لذوي الشهداء والمخطوفين والمُهجّرين ،إنما هو تحدِّ واضح لكل توجيهات السيد الرئيس ، وسلوكهم هذا هو جريمة بحق الوطن ؟؟ هل أدركوا أنهم بصرف خيرة كوادرهم والإبقاء على ( نوعيات معروفة بتواضع إمكاناتها) لمجرّد المحسوبية ، إنما هذا تخريب في الدولة ؟؟؟

 

هل أدركوا أن تقسيم الناس إلى فئتين : ( مدعومين وغير مدعومين) فالمدعوم يبقى بحكم القانون حتى الـ 65 وغير المدعوم حتى الـ 60 ، إنما هذا عودة للقوانين العنصرية التي كانت في أفريقيا تُميّز بين الناس على أساس أسود وأبيض ؟؟  هل أدركوا أن أنانياتهم بتظبيط أبنائهم وأقاربهم أولا وقبل كل شيء في المؤسسة التي يعملون بها ، على حساب أبناء الوطن الآخرين ، إنما هو ابتعاد عن الروح الوطنية التي تحدّث عنها السيد الرئيس ؟؟ فأصبحنا نرى بنفس المؤسسة الأب والأبناء ، والأخوة والأخوات ، والأهل والأقارب ...

 

 وهكذا  تحولت المؤسسة إلى مزرعة ..!! هل أدركوا أن التعامل على مبدأ ( وعين الرضا عن كل عيب كليلة – ولكن عين السخط تبدي المساوي) إنما هو تعبير عن ازدواجية المعايير ، وهذا بدوره ينضوي تحت عنوان ( فساد الأخلاق) ..  فهل يدري كل أولئك أنهم من بين المعنيين بافتقار الأخلاق والضمير ، وأن سلوكهم هذا يجعل الناس تنظر بسلبية وبغضب إلى الدولة  ؟؟ أي أن نوعيتهم مسئولة عن تفريخ غاضبين على الدولة ؟؟.       

                     

قال السيد الرئيس في نهاية الخطاب : ( سأبقى الشخص الذي ينتمي إليكم يعيش بينكم يستدل برأيكم ويستنير بوعيكم ... ) .. فهل سمع هذه العبارة أولئك الذين لا يصِلون ( لكعب حذائه)  ويغلقون أبوابهم بوجه الناس ، يستصغرونهم ويستصغرون آرائهم ، ويتعاملون معهم بمنتهى الوقاحة وانعدام التربية والأخلاق ، وينكرون عليهم حقوقهم وكأنهم أبناء جواري بينما هم أبناء الأسياد ؟؟..  

                                                   

هذه النوعيات لا يحتاجها الوطن لأنها نوعيات منافقة ، مهما تشدّقت بالوطنية! .. وأنا أتحدّثٌ بشكل عام ، ولكن من سيقرأ وينزعج فكأنما يقول للناس : أنا ممن ينطبق عليه هذا الكلام !! فهل هناك من سينزعج ؟؟.. أم أن لا أحدا يعترف بأن هذا الكلام ينطبق عليه ، فالكل ملائكة ، وغيرهم هم الشياطين؟؟!.  

                     

خطاب القسم تناول مسائل عديدة ، ومنها الفساد والإصلاح الإداري وغياب الأخلاق .. وهذه مسائل مهمة في حياة كل مواطن ، ولكن الجميع يسال : ما هي الآليات للقضاء على الفساد ، في شقيه ، المادي والأخلاقي .. وإلزام المسؤول باحترام القوانين والأسس والمعايير وتطبيقها على الجميع ، وليس بشكل انتقائي ،، وتحقيق تكافؤ الفرص ، والقضاء على كل أشكال الشخصنة والمحسوبية ، وإعطاء كل ذي حق حقه ، واحترام الكفاءات والمؤهلات ...

 

ما هي الآليات لتطبيق ذلك كله ، لا سيما أننا ما زلنا أمام ذات الحقيقة المُرّة ، وهي أن من يقف ويرفع صوته للإصلاح وضد الأخطاء والنواقص ، ويطالب باحترام الأسس والمعايير والأنظمة ، إنما تنصبُّ عليه نقمة الله  ويتم تهميشه وتحطيمه ، بينما من يمارس سياسة  النعامة ، أو يتمثل اللوحة السيريالية الصينية : ( فلا رأيت ولا سمعت ولا حكيت ) إنما هذه هي النوعية المرغوبة والمطلوبة !!.. فكيف بهذه النوعية سنحقق إصلاحا ؟؟ .

 

 نعم جميعنا يطمح ويصبو لتحقيق ما قاله السيد الرئيس ، ولكن نحتاج لآليات واضحة وجلية نرفعها مباشرة بوجه المسئول حينما يفتقد ( للأخلاق الحميدة والرفيعة التي تؤدي لحسن تطبيق القوانين)، ودون أن يتمكن المسئول بحكم صلاحياته ،من تهميش ومحاربة وتحطيم من يرفع صوته ، وإلحاق الأذى والضرر به وبلقمة عيش أولاده ، أو عيش الأقارب الذين يساعدهم أيضا !!..

 

فما هي هذه الآليات ؟؟  أترك الجواب لكل أصحاب الضمائر الحيّة ، وهم كثُر ، والرهان على أصحاب الضمائر الحية الغيورة ،فهم من يحتاجهم الرئيس لتطبيق مشروعه ، وليس أصحاب الضمائر المُحنّطة والميتة ..   

 

https://www.facebook.com/you.write.syrianews

2014-07-22
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
مساهمات أخرى للكاتب
المزيد