news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
المرسوم رقم 4 للعام 2010 مثلٌ لافتقار العدالة وتكافؤ الفرص في وزارتيْ السابقة ... بقلم : د. عبد الحميد سلوم

لقد أثرتُ مُسبقا هذا الموضوع بالتوجّه مباشرة لمن يعنيهم الأمر ، وسأثيره اليوم ثانية من خلال هذه الصفحة .. لأنني أؤمن بأن الدولة يجب أن تكون للجميع ولا يجوز أن تكون هناك قوانين أو مراسيم أو ممارسات تتناقض مع هذا المفهوم وتخلق غُبناً لدى قسمٍ من أبناء الوطن!!.


وإنَّ كتاباتنا عن الإرهاب والإرهابيين والتآمر والمتآمرين، وشؤون المنطقة ومصائبها وبلاويها، وعن ماضي الأمة وحاضرها ومستقبلها ، وعن الإسلام الذي بات بلا مسلمين إلا فيما قلَّ ونذَر .. لا ينسينا ، ولا يجوز أن ينسينا تسليط الضوء على قوانين أو مراسيم أو غيرها في بلدنا العزيز ممّن تحتاج إلى إصلاحٍ اليوم قبل الغد لما يعتريها من عيوب ونواقص لا تليق بدولةٍ كما سورية ولا يجوز أن تبقى كما وُضِعت بالأساس لخدمة أهدافٍ خاصة وشخصيةٍ ، كما هو حال المرسوم 4 للعام 2010 المتعلق بوزارة الخارجية !!. وأعتقد هذا ما ترنو إليه قيادة البلد ويطمحُ له أبنائه !!.. نعم هذا واجب أصحاب الخبرة والغيرة الوطنية والضمير الحي الذين يهمهم مستقبل وطنهم وتصحيح مكامن الخلل التي تنعكس سلبا على كوادر الدولة وعلى الوطن !!..

ومن هنا أقول أن المرسوم رقم 4 للعام 2010 المتعلق بوزارة الخارجية السورية لا يليق بدولةٍ تطمحُ لتحقيق العدالة حتى بين أبناء كوادر المؤسسة الواحدة ، بل أبناء الدورة الواحدة ، لِما ينطوي عليهِ من ثغرات وسلبيات ومواد غامضة أو ناقصة، أو تفرز أبناء المؤسسة الواحدة ، بل أبناء الدورة الواحدة ، إلى فئتين : فئة المدعومين ، وفئة غير المدعومين وكأننا في زمن البِيضْ والسُوْد في القارّة السمراء ، وينسف كل مبدأ تكافؤ الفُرَص ،وهذا ما يخالفُ كل التوجيهات الرسمية بهذا الخصوص ، وفي مقدمتها توجيهات رئيس الجمهورية !!..

 

 1-هذا المرسوم التشريعي، تمييزي جدا.. وقد صيغ في بعض موادّه لخدمة فئة ضيّقة مدعومة!! مرسوم ينص في مادته 30 ( من حصل على لقب سفير فتنتهي خدمته حين إتمامه الخامسة والستين من العمر ويجوز بناء على اقتراح الوزير تمديد خدمته سنة فسنة بما لا يتجاوز سن السبعين )!! أي أن المرسوم يسمح لمن يحمل لقب سفير أن يبقى بقوة القانون خمس سنوات زيادة عن زملائه الذين لم يتوفّر لديهم الدعم ليحملوا لقب سفير !! وإن كان مدعوما بسكّر زيادة يتم التمديد لهُ حتى السبعين ، يعني عشر سنوات زيادة هذه المرّة ، وإن كان مدعوما بِعَسل زيادة يتم الاحتفاظ به بعد السبعين مع كامل صلاحياته السابقة ، كما هو جارٍ !!

 

 طبعا لا يخفَى أن التمديد بعد 65 لهذه الشريحة يكون حسب المحسوبية (تماما كما الحصول على اللقب) !!! يعني لا يكفي أنهم تكرّموا بالألقاب دون سواهم ( وليسوا بالأفضل ولا الأكفأ ولم يتم اختيارهم بناء على مسابقات وإنما على محسوبيات ) ، بل يجب أن يبقوا من خمس وحتى عشر سنوات زيادة عن زملائهم !!.. هذا ليس عدلا !!.فماذا يعني ذلك ؟ إنه يعني تقسيم الناس على أساس تمييزي إلى مدعوم وغير مدعوم !!! فمعروف للجميع أن المدعوم فقط هو من يحصل على لقب السفير وغير المدعوم لا نصيب له في ذلك مهما كانت مؤهلاته !! فهل لهكذا أمر شبيه في مكان آخر حتى بأفريقيا المعروفة كانت بأنظمة التمييز !!

 

 بكل وزارات العالم تقريبا ، لقب السفير هو امتداد للقب وزير مفوّض ويأتي بعده طبيعيا ، إلا في بلدنا فهو لغز لا يحل طلاسمه إلا الله والعالمين بالغيب !! فترى من يحمل ألقابا صغيرة يقفز فورا إلى منصب سفير بينما يبقى (وزيرا مفوّضا) عدة سنوات رئيس بعثة ، ولا يمنحونه اللقب مع أنّه قد يحمل مؤهلات ولديه من الخبرة والكفاءة والمقدرة الشخصية ما لا تتوفر إلا عند من ندَرَ من السفراء !!. بل تبقى سفارات سنين طويلة بلا سفير ويرأسها قائمٌ بالأعمال ريثما يأتي من هو مدعوم ويتعيّن سفيرا !! هذا حصل في بعثات كثيرة أذكر منها على سبيل المثال فقط (كوريا الشمالية – كوبا – أرمينيا) وهذه مُصنّفة كبلدانٍ صديقة !!...

 

فألمْ يكن ممكنا وضع مادة في المرسوم 4 تنص على أن كل من وصل إلى لقب وزير مفوض يحصل بشكل طبيعي بعدها على لقب سفير ، وكل حسب دوره ، حسب ما يحصل في غالبية البلدان ، بدل هذا القفز غير العادل ، وخلق الغبن والشعور بالظلم لدى الغالبية العظمى من الكوادر وإشعارهم وكأنهم ليسوا من الوطن، وأن الدولة للمدعومين وبس !؟. أم أن المسألة شطارة ، والشاطر يدبَّر رأسه !!... والمفارقة أن من يحمل لقب سفير يبقى بالبعثة 6 أو 7 أو 8 أو 9 أو 10 سنوات أو أكثر ولا يقول : انتهت مدتي وعليكم أن تنقلوني ! ولكن بعد أن ينتقل ويمكث بالوزارة سنتين يقلب الأرض ويتوسل الأيدي وغيرها كي ينتقل تحت أية صفة ( إلا إن وُجِدَ من يحترم نفسَهُ) ودون أدنى احترام للقب السفير ، إذ لم يعد الأمر يهمه بعد أن سوكرَ على البقاء حتى الـ65 مبدئيا !! ..

 

 فما بين ما يعادل 150 دولار وأقل بالشهر ،وعشرة آلاف دولار بالشهر في البعثة يتهافتون للظفر بالانتقال للخارج ويأخذون دورهم ودور غيرهم ممن لم يحملوا لقب (سفير) وعليهم بالتالي أن يتقاعدوا في الـ60 وبينهم من هم أكفأ أبناء الوزارة !! وتفريغ الوزارة منهم هو كما تصريح خيرة المقاتلين من الجيش، فمن يفعل ذلك بهذه الظروف ؟؟ .. ولو ساد المنطق والعدل لتمَ سحب لقب (سفير) من كل من سعى بعدها لينتقل بأية صفة لأهداف مالية صرفة وليس سواها ، وبعد أن ضمن البقاء للـ65 بحسب المرسوم المذكور!! ومن ثم تطبيق نظام الـ60 عليه!!.. هذه سابقة غير مسبوقة بأي مكان: أن يكون الشخص سفيرا ثم يستقتل بعدها ليشغل قائما بالأعمال من أجل المنفعة المادية..داعسا على لقبه الذي أقسم عليه أمام رئيس الجمهورية !! فماذا يعني ذلك ؟؟!. الوضع الطبيعي أن يبقى السفير يعمل بالوزارة حتى تحين له فرصة أخرى بتعيينه سفير مجددا ، وإن لم تحن هذه الفرصة فيبقى مديرا بالوزارة ، لأن فرَصه أخذها مُسبقا ، ومن حق غيره أن يأخذ فرصه أيضا ، إلا إن كانت الدولة لناس دون غيرهم .. والمرسوم رقم 4 يرسّخ هذا المفهوم بكل أسفٍ وأسىً !!...

2- الفقرة (آ) من المادة 40 تمنح وزير الخارجية (طبعا أي وزير خارجية) ، حق ترشيح السفراء ، وهذه المادّة أثبتت عدم موضوعيتها، وباعتقادي من الأسلم والأصح أن يكون القرار جماعيا حتى يبتعد عن الشخصنة، من خلال تشكيل لجنة من عدة جهات بالدولة والترشيح يتم وفق معايير وشروط مُعلنَة وواضحة ومعروفة للجميع، ومُعلَنة بالمرسوم، وكل من يشعر أن هناك معيارا أو شرطا ينقصه فعليه أن يسعى لاستكماله ، ولا تبقى الأمور حزازير وبهلوانات ودعم وواسطات ومحسوبيات!!. (فالبعض) ممن صاروا سفراء(إناث وذكور) لو كانت هناك معايير صحيحة وموضوعية لرأينا غيرهم وأكفأ منهم بأضعاف المرّات ...

3- المرسوم 4 لم يحدد فترة زمنية لبقاء السفير بالبعثة ( وكأنه من غير طينة ، أو كأن النساء عقمت ، وهذا عهدناه فقط ببلدان موصوفة بالرجعية) ..بينما حدّد فترة لبقاء أعضاء البعثة .. ولذا شاهدنا بقاء البعض لأكثر من عشر سنوات وهُم من سفارة لأخرى وأهل الكفاءات والخبرة يتفرجون !! ، وهذا يتعارض مع مفهوم تكافؤ الفرص والعدالة ..

4- المرسوم لم ينص على أن كل دبلوماسي يجب أن يخدم في منطقة صعبة وبعيدة ، ولذا بقيت مسألة توزيع الناس على البعثات خاضعة لمستوى المحسوبية والدعم والأمزجة .. فالبعثات في البلدان المرغوبة والمُريحة للمدعومين ،وغير المرغوبة ، في البلدان الصعبة المسكونة بالكوليرا والملاريا والإيبولا ، لغير المدعومين .

5- المرسوم لم ينص على أنه لا يجوز للمتنفذين بالوزارة أن يستغلوا نفوذهم لتظبيط أبنائهم وأقاربهم ، على حساب أبناء الوطن الآخرين ، ولذلك لم نشهد متنفذا واحدا بالوزارة على مدى عقود إلا واستغل نفوذه لمصالحه ومصالح أبنائه ، فبتنا نرى الأب والأبناء ، والأخوة والأخوات ، والأهل والأقارب ، بينما عدّة أخوة وأخوات في بيت واحد لا يجدون عملا وبينهم من ينتمون لذوي شهداء ،وبفضل دمائهم ما زال أولئك يقبضون بالعملة الصعبة.. (يعني ما يعادل مليوني ليرة سورية بالشهر الواحد) !!.. فقد تعودوا على القبض بالعملة الصعبة وهذا لا يلبق إلا لهم ولأولادهم !!. والمُضحِك أن أولئك أكثر من يزايد على الآخرين بالمصلحة العامة وانتقاد الفساد ، وكأن توظيفهم لأبنائهم وأقاربهم بالوزارة أو البعثات باستغلالهم لنفوذهم لا ينضوي تحت أحد عناوين الفساد !!..

6- المادة 36 من المرسوم رقم 4 تنص على أنه لا يجوز النقل أو التعيين في السلك الدبلوماسي والقنصلي إلا عن طريق المسابقة حصرا ... ولكن هناك العديدين ممن تم نقلهم لملاك الوزارة – من الإعلام— ولو خضعوا لمسابقات (ربما) لانحرجوا !!... وليس المقصود هنا من كانوا وزراء ورؤساء منظمات ، وإنما إعلاميون عاديون جدا ، ومنهم من تقاعد !!...

7- المادة 47 تنص <على أنه لا يجوز نقل الزوجين العاملين في الوزارة للعمل في بعثة واحدة ويُحال أحدهما حكما على الاستيداع في حال مرافقته للزوج الآخر > ... فبات ينتقل الزوج وزوجته كل منهما إلى بعثة (وقد تكون سفارة ، وقنصلية عامة بنفس البلد كما أبو ظبي ودبي مثلا ، أو بعثة في نيويورك وسفارة بواشنطن..أو بعثتين في أوروبا (وهكذا دواليك) ويتقاضى الزوجان في الشهر الواحد ما يقرب من عشرين ألف دولار ، يعني ما يقرب من أربعة ملايين ليرة سورية بالشهر ( بالشهر وليس بالسنة) وهذا شهدناه ... فكم عائلة شهيد تتقاضى هذا المبلغ ؟؟ يمكن أكثر من مائة عائلة شهيد !!..أعتقد بهذه الظروف هذا الأمر غير مقبول...

8- المادة 54 تشترط بزوجة العامل بالخارجية الإلمام بإحدى اللغات الأجنبية الحية ... فما بالكم إن كان دبلوماسي أو رئيس بعثة لا يعرف كلمة واحدة بلغة أجنبية، لا حيّة ولا ميّتة؟!....

9- المادة 55 تقضي بإنهاء خدمة كل عامل في الوزارة إذا تزوج من أجنبية ( أو تزوّجت من أجنبي) ...والكل يعرف أن هناك العديدين مخالفين لهذه المادّة ، والتفّوا على المادة بعدم تسجيل زواجهم في السجلات السورية ... بل العديدون يحمل أولادهم الجنسيات الأجنبية..

10- المرسوم 4 لم ينص على أن التراتبية والأقدمية هي معايير أساسية في عمل الوزارة كمؤسسة من مؤسسات الدولة وفي توزيع العمل ، وإسناد المهام , وهذا يعني فسح المجال للشخصنة والمحسوبية وشوربة الأمور... وهذا ما شهدناه ..

11- المادة 35 تعطي الحق للوزير بما يلي : (أن يرفض بدون بيان السبب، وقبل إجراء المسابقة، طلب أحد راغبي التعيين في وزارة الخارجية وهذا الرفض التقديري غير تابع لأي طريق من طرق المراجعة القضائية أو الإدارية ) . هذه المادة لا يجوز أن تكون بهذا الغموض والشمول، وإن كان المقصود وضع صحي مُعيّن كأن يكون الشخص أعور أو أكتع أو أعرج أو بدين جدا مما يؤثر على حركته، وشكله غير لائق للمهنة ، فيمكن تضمين شروط المسابقة شرطا يقتضي بأن لا يكون الراغب بالتعيين يعاني من أية عاهة جسدية .. وإن كان الأمر مسألة أمنية أو محكومية أو غير ذلك ،فهناك جهات أمنية وهناك ورقة ( لا حكم عليه)..

12- المادة 45 تنص على أنه لا يجوز وجود أكثر من محاسب واحد وإداري واحد بالبعثة ، ولكن تأتي مباشرة مادة بعدها لتنسفها وتنسف بعض المواد قبلها بإعطاء الوزير الحق بوقف مفعول تلك المواد.. ماذا يعني ذلك ؟ يعني يمكن أن يكون هناك أكثر من إداري بالبعثة ، بحسب .......... (وكنا نرى أحيانا ثلاثة إداريين) ...

13- المادة 80 تنص على أنه < لا يحق للعاملين في الوزارة وتحت طائلة العقوبة نشر مؤلف أو مقال أو إلقاء محاضرة في موضوع سياسي إلا بموافقة خطية مسبقة من الوزارة>. هذه المادّة هي تكتيف للدبلوماسي ، وقد ثبت مدى خطئها في الأحداث التي مرّت وتمر بها سورية. وأعرف أن الوزارة لا تعطي موافقة على مقال أو محاضرة أو مقابلة صحفية ( ذات مواضيع سياسية) ، وإن أعطتْ فتأتي متأخرة بعد فوات أوان الموضوع وهذه قمة البروقراطية والروتين ، أو انعدام الثقة بكفاءة رؤساء البعثات .. وهذه المادّة تُستَخدم كذريعة لعدم القيام بنشاط إعلامي ( لان فحوى النشاط الإعلامي هو سياسي)!!.

14- لا توجد في هذا المرسوم أية مادة تتعلق بذوي الشهداء وأفضليتهم، وهذا ما يجب تلافيه في هذا المرسوم وكافة التشريعات الأخرى في الدولة !!..

هذا المرسوم تسبب بامتعاضٍ كبير وهو عامل تحريض لأبناء الخارجية من غير المدعومين (وهم الغالبية العظمى) للنقمة على الدولة ، ويحتاج إلى إعادة نظر وتعديل لاسيما في مادته 30 التي لا سابقة لها بما تنطوي عليه من تمييز .. وإضافة مادّة صريحة لصالح ذوي الشهداء!!.. فالشهداء ليسوا (شمّاعات) بحسب وصفِ بعضهم ممّن لا يعرفُ قيم الشهادة ، بل هم شموع .. وهم أكرمُ من في الدنيا وأنبل بني البشر ... وبفضلِ دمائهم ما زالت توجَد دولة وما زال هناك من يقبضون بالعملة الصعبة بما يعادل مليوني ليرة سورية بالشهر !! وحتى لو كانوا (شمّاعات) فعلى هذه الشمّاعات تعلّق مصير وطن ، ومن العيب إطلاق أوصاف لا تليق بمقامهم !!...

بعد هذا العرض أنتقل للتساؤل ، إن كانت هناك من أجوبة:

كيف لشخصٍ بأواسط السبعينيات أن يتبوّأ أعلى المناصب ولا يحقُّ لمن أصغر منهُ بـ 15 سنة وبكامل صحته ولياقته البدنية ، وبخِبرةٍ ومقدرةٍ كبيرة أن لا يصلح مدير إدارة ؟؟. إلى متى ستبقى المؤسسات خاضعة لأمزجة المسئول ، وتبقى الأمزجة والشخصنات تتقدّم على مصلحة الوطن ؟؟. على أي أساس أناسٌ فوق السبعين ببضع سنوات يقصون من هم أصغر منهم بأكثر من عشر سنوات في العمر ، وأكفأ منهم ، وهم يبقون في المواقع ؟!..

ما هي المعايير التي بموجبها حصل البعض (مِمّن هم من مِلاك السلك أو انتقلوا بلا مسابقات لملاك السلك) على لقب سفير دون غيرهم من ذات السلك ؟؟ ما هي المعايير التي تَعيَّن بموجبها البعض مدراء وهناك من هم أقدم منهم بعشر سنوات على الأقل بكل ما تعنيه هذه من خبرة وكفاءة ومقدرة شخصية ، وتمّ تهميشهم !!.

ما هي المعايير حتى يبقى البعض بشكل متواصل 12عاما أو 13 عاما في البعثات ، ويتقاضى كل شهر عشرة آلاف دولارا من ثروة الوطن ،، بينما أصحاب الشهادات العليا والمؤهلات اللغوية مُهمّشين ، وهم من دخلوا الوزارة بمسابقات وليس بمظلات كما البعض الآخر !!. أليس ذوي الشهداء هم الأحق ؟؟ لماذا لا نأتي بهم إلى الخارجية ؟؟. بل لماذا يُهان بعضهم بالخارجية وعلى معرفة من أصحاب القرار ؟. لدى أقوى دولة بالعالم ،الولايات المتحدة ، ولدى أكبر دولة عربية ، مصر، مدة السفير لا تزيد عن الثلاث سنوات ، وهكذا يتسنّى للجميع نيلَ فُرصِهم ولا يتندّرُ أحدٍ على نفسه وأنّهُ من دولةٍ أخرى !!...

ما هي المعايير للتمديد للبعض وعدم التمديد للبعض الآخر ؟؟ ما هي المعايير لإبرام عقود مع البعض دون سواهم ؟... هل هناك سوى المحسوبيات ؟؟.

ما هي المعايير التي انتقل بموجبها البعض لمِلاك الوزارة بدون مسابقة وأصبحوا سفراء ،، وأبن المهنة لعقود من الزمن لا مكانة له لأن فلان أو علتان التئم منه !! أو لأن شَوَارعي أو شوارعية كتبوا ضدّه لأنه أراد وضعهم أمام مسئولياتهم الوظيفية ، وفضَحَ عمالتهم !!. ومنْ هو أو (هي) في الدولة الذي سَلِمَ من الكتابة والاستهداف؟؟. المُضحِك أحيانا أن ترى من كان يُغيِّر جِلدهُ بحسب المواسم ومنذ صبيحة 16 تشرين ثان 1970 وحتى اليوم، يعطي لنفسه الحق بإعطاء شهادات لغيره!! فكان في عديد المرّات يتّخذ موقفا سلبيا ومعارِضا لموقف سياسي ما ، ثم ينقلب على ذاته ويعود ليتّخذ موقفا مناقضا حينما يشعر أن موقفه الأول لا يعود عليه بالمصلحة والمنفعة الشخصية!!..

 

 أو قد يكون ممّن لم يرغب بالعودة للوطن في يومٍ ما وأراد الإقامة في الولايات المتّحدة !! أو ممّن يمتلك فيلا بكندا وأبنائه يحملون جنسيتها !!. أو ممَن يمتلك المطاعم في أمريكا ويحمل هو ومعظم أقاربه جنسيتها !! أو قد يكون سائق لم يتجاوز الصف التاسع ...... الخ .. سبحان الله لا أحدٍ يرى الخشب في عينيه !! والجَمَل لا يرى ماذا يوجد بأعلى ظهرهِ !!..

كيف يستحق مَن نُقِلَ من البعثة قبل أوانه لأسباب (.......) ، مدير إدارة ، ومكتب مجهّز بكل شيء ، من تلفزيون وانترنت وهاتف مباشر ، وباب خاص للدخول والخروج ، وإعفاء من المناوبات ، وسيارة وقسائم بنزين ( تكفي لسيارتين) ، وكيف لا يستحق من ينتمي لأهل الشهداء والمخطوفين ( لاسيما إن كان أحدهم الأكفأ على كافة الأصعدة) ، أن يكون مدير إدارة، ولا يستحق شيئا من الميّزات السابقة ؟؟ بل ممنوع إدخال راديو لسماع الأخبار أو حتى موبايل ليتصل الشخص إلى بيته ويسأل ما هي الأخبار !!. سمعنا كثيرا أن من يُعطي أكثر للوطن يُكرّم أكثر، ولكن لدى البعض القاعدة الحقيقية : من يُعطي أكثَر يُحَاربُ ويُهانُ أكثر !!.

لم أعهد في تاريخ هذه المؤسسة أن استلم شخص مدير إدارة وهناك من هو أقدم منه ولو بيوم واحد !! كانوا ينشئون إدارات جديدة حتى تُغطّي كل ذوي المراتب العليا !! يعني كان هناك (رغم كل السلبيات والمصائب والنرجسيات والتفاهات) احترام للتراتبية والأقدمية !!. على الأقل لم يكن المرسوم 4 للعام 2010 الذي يفرز الناس في المادة 30 وبشكل فاضح إلى مدعومين وغير مدعومين !!.

ما هي المعايير حتى يتم توزيع قسائم البنزين على المدراء في العام 2012 و 2013 و 2014 بينما تمَّ وقف توزيعها في العام 2008 وما بعدهُ بقصد ضغط النفقات ولأن الإمكانات لم تكن تسمح ، وهي اليوم تسمح!! أليسَ الأمر غريبا !!. بل اليوم تسمحُ الإمكانات لتوزيع السيارات أيضا ، وتسمح بمنح بدل تصليح كمان، الأمر الذي لم نعهده بالماضي!! ولذلك يجب أن يكون المدراء دوما من المقربين، أو المفروضين بحكم لقب(السفير) حتى يحصلوا على هذه الامتيازات دونما أدنى احترام لمعايير الأقدمية والتراتبية والحق !!. كيف سيشعر الإنسان أن الدولة للجميع في ظل هكذا مفارقات !!

 

كيف ستكون مشاعره إزاء الدولة حينما لا تكون له حقوق غيره في ذات المؤسسة وهو الأكفأ والأحق ؟!!. بماذا يمتاز من حصلوا على ألقاب السفراء والسفيرات، من مِلاك الوزارة عن زملائهم الآخرين سوى أنهم ملتمسين دون الآخرين !! بل لو كانت هناك معايير موضوعية ، هل كُانتْ غالبيتهم حلُمَتْ بذلك ؟!. أهكذا يكون تكافؤ الفُرَص الذي أرادهُ رئيس الجمهورية حينما قال : "سنعزز العمل المؤسساتي عبر تكافؤ الفرص وإلغاء المحسوبيات" .. لماذا لا يعيرون اهتماما حتى لتوجيهات رئيس الدولة؟؟.

هل المشكلة أن هناك من عمِل في أمريكا وأوروبا ولكنه لا يشتري كل أمريكا بحبة تراب من وطنه ولم يتقدم بطلبات للحصول على الجنسية الأجنبية لأولاده كما سواه !!. ليست وسائل الإعلام فقط هي من تقلب الحقائق، بل الأشخاص أيضا هم من يقلبونها ويشربون سيجارة أو نَفَس أركيلة على صدرها مع فنجان قهوة سُكّر وسط !!.

ناس تحصل على لقب سفير بالمحسوبية ، وهذا يسمح لها بموجب مرسوم تمييزي البقاء حتى الـ 65 وهي تترأس بعثات (وقد تُمَدَّد حتى الـ 70 ، وحتى بعد الـ 70 بعقودٍ كما هو حاصل اليوم وبكل الصلاحيات) بحسب الدعم والمحسوبية، وآخرين ( أكفأ وأقدر) إلى بيوتها لأنها تفتقر للدعم !! وقد يكون برقبتهم أمانةً : أبناء شهداء ومخطوفين !!. كلّا ليست هكذا تُبنَى المؤسسات ولا الأوطان !!..

الحديث عن كل ما تقدّم من سلبيات وغياب المعايير وتكافؤ الفرص والشخصنات بالمؤسسات ، ينطلق من مبدأ وشِعار محاربة الإرهاب بيد، والإصلاح وإعادة البناء باليد الأخرى الذي أطلقَتهُ قيادة الدولة ، ومسئوليتنا مساعدة الدولة !! والإصلاح لا يكون إلا بتفنيد السلبيات وتشخيصها أولا .. إنها أمراض ، والمرَض لا يمكن علاجه قبل تشخيصه !! ولكنها تبقى طامُّةٌ كبرى إن لم يتجاوب المسئول لأن وجود الأمراض يخدم نفسيته ..... !!.. وبالنتيجة فإما هناك دولة أوْ لا ... فإن كانت هناك دولة فإن البرهان هو تساوي الجميع أمام الأنظمة والقوانين والمعايير، واحترام التراتبية والأقدمية والخبرات والكفاءات والمؤهلات وإعطاء كلٍّ حقه وفسح المجال لتكافؤ الفُرَص دون شخصنات ومحسوبيات وكيديات، ودون الحاجة للدعم والواسطات والالتماسات .... ولكن إن افتقدنا لتلك المفاهيم، وعِشنا تلك الممارسات، فكيف سنقتنع أن هناك دولة ؟!. وخاتمةً أقول : أتمنى أن لا يزايدنَّ أحدٌ وإن كان سيفعلها فليكتب اسمه الصحيح حتى نعرف كيف نجيبهُ ... فمعرفتنا وخبرتنا بالناس واسعة !!.....

******************************************************************************

** الكاتب يحمل ماجستير بالعلوم السياسية ودكتوراه في التاريخ العام – مدرس بكلية الآداب بجامعة دمشق بين 1978-1980 – دبلوماسي سابق مرتبة وزير مفوّض ...

 

https://www.facebook.com/you.write.syrianews

 

2014-12-14
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
مساهمات أخرى للكاتب
المزيد