news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
غزوة باريس الثانية ، هذا ثمن ميوعة حكومات الغرب وانتهازيته ... بقلم : د. عبد الحميد سلوم

*لن أتناول هذه المرة (غزوة باريس الثانية) ، من منظور دفاعي إسلامي ، فقد مللنا من الحديث عن أن كل ما تفعلهُ الجماعات التكفيرية لا يمتُّ للإسلام بصلة ،، وما يقومون به لا يقرّه دين ولا أخلاق ولا قيمٍ ولا سلوك إنساني وبشَري ، وهؤلاء حالة شاذَة خاصة استثنائية في تاريخ الإسلام والبشرية !!.


*أوروبا ، والغربُ عموما ، تدفع اليوم ثمن ميوعة حُكامها وانتهازيتهم على حساب القيم الأوروبية في الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان !!. فرنسا باتتْ تُردد اليوم مُجدّدا شعارات ومبادئ الثورة الفرنسية عام 1789 في الحرية والعدالة والأخوّة .. بعد أن أصبحتْ العاصمة باريس ذاتها مسرح عمليات قتالية ليلة الجمعة 13/11/2015 !!.
 


*لم تكن أوروبا في أي وقتٍ جادّة في مكافحة الإرهاب ،، ولم تكن في أي وقتٍ جادة في محاربة أنظمة الاستبداد ، الوجه الآخر للإرهاب ، وأحد عوامل تفريخه !!. فقد كانت تستثمر بالأمرين بحسب ما يخدم مصالح بلدان الغرب !!.
 


*الغرب عموما يتحمل مسئولية وضع حجر الأساس للإرهاب ، حينما جنّدوا عشرات آلاف المقاتلين (المجاهدين) من كل أصقاع البُلدان الإسلامية وحرّضوهم على القتال في أفغانستان تحت شعار أن الإسلام في خطر من طرف السوفييتي المُلحِد وواجبُ الجميع أن يلتحق بجبهات القتال دفاعا عن دينهم الإسلامي ، فشكّلوا تنظيم القاعدة ودعموه من طرفهم بكل ما يحتاجه من سلاح وتدريب ، بينما كانت المملكة السعودية تتكفّل بكل الاحتياجات والتكاليف المالية !!.. ألَمْ تبدأ الأمور هكذا ؟؟. نعم هكذا بدأت الأمور قبل أن ينقلب السحر على الساحر !!. فقد كبُرَ الذئبُ وقويت عظامه وفلتَ من الأقفاص وفرّخَ عشرات آلاف الذئاب وانتشرت في كافة الأصقاع ، فما هو الحل ؟؟.

 

 

هذا هو الشوك الذي زرعتموه ، اقلعوهُ بأيديكم ، فلا وقتا للميوعة أكثر لا إزاء الإرهاب ، ولا إزاء الاستبداد ،، وليس قدَرُ الشعوب العربية هو إما الإرهاب وإما الاستبداد !! 99% من الشعوب العربية ترفض هذه المعادلَة لأنها تحنُّ وتتوقُ للعيش في ظل أنظمة ديمقراطية حرّة تحترم حقوق الإنسان وتلتزم بكل ما وردَ في صكوك حقوق الإنسان العالمية ، بدءا من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في 10 /12 عام 1948 ، والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في 16/ 12 عام 1966 ، والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية في 16/12 عام 1966 ، وإعلان طهران لحقوق الإنسان في 13 أيار عام 1968 ، وإعلان فيينا لحقوق الإنسان في 25/ حزيران عام 1993

 

 

 وكافة هذه الصكوك الدولية تُعتبَرُ جزءا من القانون الدولي ، إضافة لميثاق الأمم المتحدة ، وكلها مُغيّبة ومدعوسٌ عليها في المنطقة العربية !!. فالبشر هنا لا تُولَدُ جميعها أحرارا متساوين في الكرامة والحقوق ، ولم يهبهم الله جميعا عقلا وضميرا ، بخلاف المادة الأولى من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان !! وحدهم أهل السلطة والنفوذ أصحاب كرامة وحقوق وعقول !!.
 


*المنطقة العربية ما لمْ تُصبِح جزءا من المنظومة الديمقراطية في العالم ، يسودُ بلدانها الحرية واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية ، والتداول السلمي على السُلطة ، فلا يمكن لها أن تشهد الأمن والأمان والاستقرار ، وهذا سينعكس مباشرة ودوما على الغرب ، وسيبقى الغرب عموما ، وأوروبا خصوصا ستبقى في خطر ، فبين شمال المتوسط وجنوبه هو بُحيرة كبيرة اسمها البحر الأبيض المتوسط يتشاطئ به الشمال والجنوب ، وإن انقلبت باخرة مازوت في سواحل شماله فإن التلوّث سيصل إلى سواحل الجنوب !!.
 


*الكثير كان يتابع ويرى كيف أن أوروبا تُسخِّر أنظمة الاستبداد لمصالحها من أقصى المغرب العربي وحتى مشرقه غير آبهةٍ بما تعانية شعوبها من قهرٍ وظلمٍ وطغيانٍ واستبدادٍ ونهبٍ لثرواتها ، وإفقارٍ لها ، طالما أن تلك الأموال المنهوبة وجهتها النهائية هي مصارف الغرب وبنوكه ، أو الاستثمار بها في بلدانهِ على حساب تلك الشعوب الضعيفة المُستعبَدة المنهوبة !!.
 


*لقد عشتُ في الجزائر ، وكنتُ أسمعُ كيف كان الجزائريون يترحمون على مرحلة الاستعمار(رغم كل البغض والكراهية للاستعمار) بعد أن اختبروا أبناء جلدتهم من أبناء الوطن فوجدوهم أكثر قسوة وقمعا وقهرا وفسادا ونهبا وثراء على حساب عامة الشعب ، من الاستعمار !!. لم تكن هذه حالة خاصة بالجزائر ، بل يمكن أن تسحبوها كما قطعة القماش الخام ، من أقصى غرب الوطن العربي إلى أقصى شرقه !!.
 


*هل فكّرت أوروبا ، والولايات المتحدة ، في أي وقت بمصادرة كافة أموال وثروات وحسابات المسئولين العرب من أعلى مسئول لأصغر مسئول ، سواء داخل القارّة أم خارجها، وإعادة الأموال للشعوب البائسة لإقامة مشاريع تنمية وتطوير في بلدانها وتحسين ظروف معيشتها ، حتى لا تضطر إلى الهجرة للغرب!!. *المسئولين الغربيين كانوا يسايرون أكثر الحكام استبدادا وقمعا ويستقبلونهم ، بل وينصبون الخيام لهم في عواصمهم ، لأن أولئك كانوا يشترونهم بالمال !!. ولكن أي مال ؟؟ إنه المال المنهوب من ثروات الشعوب المنكوبة بهكذا مسئولين وحُكاما ، الذين سطُوا على الحكم في بلدانهم بالقوة وكان همّهم الأساسي استغلال السُلطة والحُكم للثراء ، فكانوا يتصرفون بثروات البلاد ، وحتى بالعِباد وكأنها ممتلكات خاصة بهم موروثة أبا عن جَدْ !!. وما زالوا حتى اليوم يحتفون بالحكام الذي يعيش أكثر من 30% من شعوبهم تحت خط الفقر ، بينما ثروات بلدانهم تكفي لحياة باذخة لأكثر من مليار نسمة !! فلا مشكلة طالما أن الأموال المنهوبة تُصرَفُ في فنادق الغرب الفخمة ، أو على شواطئ بلدانهِ الرملية الناعمة المُشمِسَة !!..
 


*التباين الطبقي الكبير والهائل الذي تولّد في البُلدان العربية ، بين طبقة أهل السلطة والنفوذ من أصحاب الثراء غير المشروع ، وعموم أبناء أوطانهم وهم الغالبية الساحقة ، وصل إلى درجةٍ دفعتْ بأبناء تلك الأوطان للانفجار بالشوارع في وجه أنظمتها، ومن ثم ارتماء بعضهم في أحضان الإرهاب !!. هذا يجب الاعتراف به ،، وعدم نكرانه واستمرار الهروب للأمام لا يفيد !!.
 


*لم يُولَد أحدا من رحْمِ أمِّهِ إرهابيا ، وإنما هناك أسبابٌ وظروفٌ وأحوال وأوضاعٌ ، صنعتْ منه لاحقا شخصا إرهابيا !!. قد تكون أسباب تربوية وتعليمية وتثقيفية ، وقد تكون عقائدية ودينية ، وقد تكون اجتماعية وسياسية ، وقد تكون حياة الظلم والقهر والتهميش وانسداد آفاق المستقبل ، وقد تكون الفروقات الطبقية الحياتية الهائلة في مجتمعهِ ، حيث يرى من يلهث طوال النهار ليجني ثمن ربطة خبز ، ومَنْ يصرف باليوم الواحد ثمن مليون ربطة خبز !!. وقد تكون أسباب أخرى عديدة !!.

 

 ولكن بكل الأحوال فلا يمكن ولا بشكلٍ من الأشكال تبرير الإرهاب وقتل الناس البريئة ، فهذا جريمة بحق البشرية جمعاء ويجب إبادته من جذوره، والقضاء على كل مسبباته !!. كما لا يجوز ولا بشكلٍ من الأشكال تبرير أي شكلٍ من أشكال الاستبداد والطغيان ، فكلها وجوه لذات العِملة ، وكلها تنتج أخيرا ذات المصائب والكوارث في المجتمعات!!.
 


*اليوم ينقلب السحر على الساحر ، فها هي ألمانيا والسويد ، وكافة بلدان أوروبا تغرق بزحوفٍ من المهاجرين الهاربين من أوطانهم : إما بسبب الإرهاب ، وإما الاستبداد ، وإما الفقر والبطالة بعد أن فشلت أنظمة وحكومات تلك الزحوف في تنمية بلدانها وتطويرها !!. ولو أن أوروبا سعتْ بشكل جدِّيٍ وبعد انهيار منظومة أوروبا الشرقية لخلق أنظمة ديمقراطية في جنوب المتوسط ، ودُولٍ ديمقراطية تحكمها مؤسسات ديمقراطية تستطيع محاسبة أكبر مسئول ، لوفّرت على نفسها الكثير والكثير مما تعانيه اليوم من مشاكل هجرة أو إرهاب !!. ولكن الغرب وقف لجانب شعوب شرق أوروبا وخذل شعوب العرب !!.
 


*الغرب عموما ، وفرنسا المُستهدَفة خصوصا ، هم اليوم أمام تحدٍّ كبيرٍ وخطير ، وينطبق عليه قول شكسبير (أكون أو لا أكون) ، فلم يتبقّى وقتا لمزيدٍ من الميوعة والتراخي والغموض !!. فعلى الجميع أن يحزم أمره نهائيا ويرفع بيد شعار القضاء على الإرهاب واستئصال جذوره ، سواء كانت فكرية أم ثقافية أم تربوية أم تعليمية أم عقائدية أم دينية أم فقر وبطالة ويأس وتهميش واحتكار الثروات والسلطات ، والاستهانة بكرامة العباد وثروات البلاد ووووو الخ ...

 

 

 وبيدٍ أخرى شعار التحوُّل نحو الديمقراطية التعددية والعَلمانية والتداول السلمي على السلطة وخلق دول مؤسسات ، وإغلاق الستارة نهائيا على دول المزارع والإقطاعيات والعصابات واحتكار المناصب والسلطة والنفوذ لشريحة متنفِّذة على حساب عامّة أبناء وطنهم !!. فهل هذا ما سوف نشهدهُ بعد (غزوة) باريس الثانية !!. شعوب المنطقة العربية زهِقت ، ولم تعُد قادرة على المضي في هذا الواقع : الإرهاب من طرف والاستبداد من طرف آخر .. حان الوقت لتحطيم المطرقة وكسرِ السَنَدان وانطلاق هذه الشعوب نحو المستقبل بحرية وكرامة وبأجنحةٍ عريضةٍ واسعة تُمَكِّنها من التحليق عاليا دونما أن يتمكّن أحدٌ من تكبيل أجنحتها !!. فهل من ضارّةٍ نافعة ؟!.






https://www.facebook.com/you.write.syrianews

 

2015-11-17
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
مساهمات أخرى للكاتب
المزيد