news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
يا هيك الوطنية يا بَلا ، تساؤلات متواضعة عن مفهوم الوطنية...بقلم : د. عبد الحميد سلوم

أقرأ وأستمعُ لكثيرين يتحدّثون بالوطنية ،أو بالأحرى يبيضون وطنية ، ولكن لا يربطون بين الوطنية وبين السلوكيات والممارسات التي تتعارض مع مفهوم الوطنية ، تماما كما المسلم الذي يتحدُّث كثيرا عن الصلاة ويحثُّ عليها ولكن لا يُمارِسُ شيئا من معانيها ولا يربط بين الصلاة والسلوكيات التي تُناقضُ معاني الصلاة من فحشاءٍ ومُنكَر!.


*أعرفُ أن الوطنية هي حبُّ الوطن والدفاع عنهُ (حينما يتعرّض الوطن إلى عدوان خارجي) والسعي بكل السبُل لإطفاء أي حريق ينشب بداخله بين أبناء الوطن ، وخدمته دون تمييز ، ودون مُقابِلٍ بكلٍّ تضحية وأمانةٍ وإخلاص ودون امتيازات ومكاسب (يعني مقابل الراتب القانوني فقط) !. وهكذا فالوطني يستلِم السُلطة ويخرجُ منها وهو بذات الحال المادّي والاجتماعي!. وهناك قوانين في غالبية الدول تفرِضُ على كل شخص أن يُصرِّح بكل ممتلكاته قبل المنصِب وبعد المنصِب ، للتأكُّد من أنهُ لم يستغل السلطة والمنصب !.
 


*أكثر ما يُشعِرك بالغثيان في هذا الزمن ، أن تسمع البعض يُحاضرُ بالوطنية ، وهو للأسف لا ينطبق عليه تعريف الوطنية المُشارُ إليه !. ولا أدري إن كان للبعض تعاريف قانونية أخرى للوطنية !.

*يا ليتهم وضعوا بأي وقت معايير ومفاهيم للوطنية مُتّفَقا عليها لنرى على من تنطبق وعلى من لا تنطبق !. ولكن سأطرح بضعة تساؤولات في هذا الإطار وأترك الجواب لبيّاضي الوطنيات ليخبروننا بكلمةِ واحدة: نعم أم لا؟.
 


*فهل انعدام المعايير وسيادة الشخصنات والمحسوبيات والتنفيع للمُقرّبين والأزلام وإسناد المناصب لهم سنين وسنين، أو من منصِب إلى منصب، هل هذا يندرج في إطار الوطنية؟ وهل نقل الناس المدعومين بلا مسابقات لوزارة الخارجية ،مثلا، بقصدِ التنفيع، بعد أن شغِلوا لوقتٍ طويل المراكز في الدولة ، لأنهم مدعومون أيضا، هل هذا يندرج في إطار الوطنية ؟. قد تجد سفراء من خارج السلك في كل العالم ولكن يعودون بعد أربع سنوات إلى مكانهم الأصلي ، ولا ينقلونهم إلى الخارجية ليحتلُّوا مكان المحترفين من أبنائها ثم يقصون المُحترفين ليبقوا هم !.

 

 

هل هذا شغل وطنيات أم شغل شللية ومزارِع ؟ وهل احتكار المناصب والمراكز لشريحة من المدعومين هي من مظاهر الوطنية ! وهل القوانين العنصرية التمييزية الظالمة كما المرسوم 4 للعام 2010 الذي تمَّ تفصيله على قياس المدعومين هي حالة وطنية ؟. وهل من يثرَى على حساب الوطن وأبناء الآخرين في الوطن يكون وطنيا !. وهل من من لمْ يخدم أبناءه حتى الخدمة الإلزامية إلا على الورق، هو الوطني !. وهل المُزوِّر والمرتشي وطنيا ؟.
 


*وهل من يغضُّ الطرف عن ابن مدينته ويُبقيه بوجهك نكاية وجكارة يتحدّاك لزمنٍ طويلٍ ، وهو لا يحمل ذرّة من الشعور بالمسئولية المهنية ولا المسئولية الوطنية ولا التربية البيتية ، ولا يصلحُ مُسيلَمة الكذّاب سوى تلميذا صغيرا في مدرسته، وينحدر سلوكه لمستوى العمالة لسفيرٍ مُناصرٍ للقوات اللبنانية فينقلُ لهٌ أسرار سفارتهِ ، وكل حلمه هو الجنسيات الأمريكية لأبنائه الذي يُفاخر أنهم وُلِدوا جميعا بأمريكا ، ويرسلونه إلى السفارة ليتقاضى كل شهر عشرة آلاف دولار، على حساب دماء أولاد البشر الذين لا يعرفون ما هو شكل الدولار ، هل أولئك هُم الوطنيون ؟.
 


*وهل من لا يستسِغ الاعتماد إلا على أبناء مدينته ، هل هذا هو الوطني؟. في عام 1993 على ما أذكرُ، حينما كنتُ في البعثة في جنيف ، تمَّ تكليف القائم بالأعمال (ك. خوري) لينضمَّ إلى الوفد السوري في إحدى جولات المفاوضات مع الإسرائيليين في واشنطن ، وبعد أن عاد سألتهُ عن انطباعاته فقال بِغضبٍ : لن أعيدها !! فسألتهُ لماذا ؟ فأجاب بكل وضوح وصراحة : شلَّة (...) من أكبر واحد وحتى ضارب الآلة الكاتبة جميعهم من نفس المكان ، ولا يريدون لواحدٍ غريبٍ أن يكون بينهم ! هذا ما قالهُ حرفيا! وما زالَ على قيد الحياة على ما أعتقد!. فهل هكذا تكون الوطنيات ؟.
 


*وهل الوطنية أن تأتي بابنٍ مدينتك ، أو( من عائلة زوجتك لا أعرف) ، من موسكو ليُصبِح سفيرا في هافانا ، ثم تُقصي منها رئيس بعثة قائما بالأعمال من نفس المرتية ، ويفوقهُ كفاءة ومقدرة وعقلا منفتحا وله تاريخ في النشاط الحزبي والطلّابي، لصالح ذاك القادِم الجديد المُنغلِق عقليا ، هل هذه هي الوطنية ؟.
 


*هل الله خلقَ أحدا وكتب على جبينه هذا يجب أن يبقى دوما في مواقع السلطة ومن منصب لمنصب وغيره لا مكان له وإلى بيته وهو الأكفأ والأقدر بأضعاف المرات ؟. هل هذه حالة وطنية ؟ بعض بيَّاضي الوطنية لم يخدموا حتى الخدمة العسكرية الوطنية الإلزامية! بعضهم خدمها في مكتبهِ وفي عملهِ ومن مُهِمّة خارجية إلى أخرى ، هل هكذا تكون الوطنية ؟ بينما خدَمنَاها بالثلج والبرد والصقيع !! فهل الظلم حالة وطنية ؟ قولوا لي من هو المسئول العادل الذي لم يستثمر في السُلطة ويستغل النفوذ للمصالح الخاصّة من الماضي إلى اليوم ؟. هل هكذا يكون الوطنيون؟.
 


*وهل من يصرف في الشهر عشرات الآلاف من حساب الوطن (سيارات متعددة من الدولة وقسائم بنزين وتصليح وسائقين ..الخ ) هو المَثَل الوطني !! وهل من كان فقيرا من عامة الناس ثم بفضل استغلال المنصب والنفوذ راكَمَ ثروات لا تأكلها النيران له ولأولاده هو الوطني! وهل من يدعس في وزارته على كل معايير الدولة المؤسساتية ، وهو بذلك يدعس على مفهوم الدولة ذاتها ، هذا هو الوطني! هل الوزير الذي يسمح بأن يكون سائقه مُرادفا له في النفوذ بوزارته وينقله من سفارة لأخرى حسب رغبته وهو لا يحمل أي مؤهّل علمي، هل هذا هو الوطني ! وهل الوزير الذي يحاربُ خيرة وطنيي وزارته (أو مزرعته) وخيرة كوادرها وخبراتها ومؤهلاتها المنتمين لاُسَرِ شهداء، بشكلٍ لئيمٍ وحاقد وبدوافع شخصية صرفة، هل هذا هو الوطني !!

 

 

وهل من يسمح لنفسه وهو في أواسط السبعينيات أن يقصي من يصغرونه خمسة عشر عاما بالعمر وبكامل لياقتهم البدنية وبذروة خبرتهم ، هل هذا يفكر بمصلحة وطنية؟ وهل من يتعامل في مؤسسته على قاعدة هذا من مدينتي وهذا مدعوم من فلان وهذا ابن ست وذاك ابن جارية ، هل هذا مؤهّل للحديث بالوطنية؟.
 

 


*وهل من أوفَدوا الطلاب إلى خارج الوطن للحصول على الشهادات العليا ومعدلات تخرجهم هي الأقل بينما أصحاب المعدلات العالية لم يحظوا ببعثة خارجية لافتقادهم الدعم ، هل هذه حالة وطنية ؟ وهل من يتجاهل الأول والثاني على دورتهم في المسابقة ثم يأتي بمن بعدهم بأسماء بعيدة ليصنع منهم مدراء وسفراء استنادا للأمزجة الشخصية ، والمحسوبية،والكيد واللؤم ، هل هذا هو الوطني ؟. وهل من يُديرُ مؤسسته بالتقارير الكيدية مِمن حولهُ وبالنميمة والوشاية والهمس دون أن يستقصي الحقيقة ، ويرفع جُدرانا بينه وبين الكوادر كما جُدران الفصل العنصري فلا يجتمع مع كوادره ولا يُصغي لهم ولا يستقبل أيِّ منهم ليسمع رأيهُ في مسألة تعنيه مباشرة ، هل هذا هو الوطني ؟.
 


* فهل يكفي أن يرفع الشخص يافطة العِداء ضد إسرائيل وأمريكا وحُكام الخليج ، ويُناصِر فلسطين حتى يكون وطنيا ؟ ها هي داعش وجبهة النصرة تقولان أنهما ضد إسرائيل وضد أمريكا ومع فلسطين! وكل الحكومات بتاريخ سورية كانت مع فلسطين . وكل الأنظمة العربية تقول أن فلسطين في أولوياتها !!.
 


* الوطني ليس بالكلام وإنما بالأقوال والأفعال، فلنترك الأقوال جانبا ونتأمّل فيما تمَّت الإشارة إليه آنفا وإن كان صحيحا أم لا ؟ وإن كان صحيحا ــ وهو كذلك ــ فأين هي الوطنية من ذلك ؟ ألَم يكن الحديث لدى الكثيرين عن الوطنية وشعاراتها مُجرّد استثمار سياسي وإعلامي لم نرى في أي وقت ترجمة له في مؤسسات الدولة ولا في العفّة والزهد !. ألمْ يعُد عليهم هذا الاستثمار بالأموال والثروات والبيوت من الدولة، والسيارات والوظائف والمراكز لأهاليهم وأحبابهم ، وحياة الجخ والرّخ والأبّهة والوجاهة ، وغسلوا الفقر والحاجة نهائيا لِولد الولَد!. هل هكذا تكون الوطنية ؟.
 


*هناك من يخرجُ عليك ليُقنِعك أن كل ذلك لا علاقة له بمفهوم الوطنية وإنما هي أشكالٌ متنوعة للفساد! والسؤال : هل الفساد حالة وطنية ؟.
 


*الدولة التي لا تكون لكل أبنائها وإنما فقط لشريحة المدعومين وأولادهم ، هذه ليست دولة وإنما مزرعة ! الدولة التي تتخصخص مراكزها لشريحة المتنفذين ومن لفَّ لفيفهم ، هذه ليست دولة وإنما مزرعة ! الدولة التي لا تسودُ فيها سلطة القانون والأسس والمعايير والقواعد على الجميع ، ويتساوى أمامها الجميع ، هذه ليست دولة وإنما مزرعة !. لقد تشكّلتْ في سورية وعلى مدى عقود طبقة متخصصة بالسلطة ومراكز النفوذ والمناصب ، وحتى حينما تتغير بعض الوجوه فإنما يأتي البديل لها من ذات الطبقة ، ومن أهاليهم وأقاربهم أو المحسوبين عليهم ، وكأن المناصب باتتْ مِهنة مُقتصرةٍ على البعض ولا يحقُّ لأحدٍ ممارسة هذه المهنة سواهم !. (للموضوع تتمّة) ..
 


*في الخارجية كل من كانوا في مواقع مفصلية ومُتنفِّذين ورّثوا أولادهم وبناتهم وكأنه لا يوجد في الوطن سوى هُم !. لماذا ليس من حق كل الدبلوماسيين الآخرين ًأن يرثهم أبنائهم وبناتهم أيضا ؟ أليسَ هذا السؤال مشروعا ونحن نرى الأختين أو الأخّوين أو الأخ وأخته أو الأب وأبنائه كلهم يحقُّ لهم ؟.
 


*لماذا من حق السفير السابق بطهران والحالي ببيروت والوزير بالقصر، ومستشار الوزير، ومعاونِيهِ المُتتالين ، ومُدراء رقابته المتتالين ومدراء مكتبه المتتالين ومدراء شؤونه الإدارية المتتالين ووووو أن يكون لبناتهم وأولادهم مكانا وشاغرا فورا بالخارجية ولا يوجد لأبناء غيرهم ؟. ألا يكفي أن منهُم من جاءوا للوزارة بمظلّة ودون مسابقة كما ينصُّ القانون وحصل فورا على ألقابٍ دبلوماسية يحتاج في الوضع الطبيعي (وليس الشاذ) ربع قرن ليصل إليها !. هل من جواب ؟. وهل هكذا تكون الوطنية والوطنيين؟. وألا يحقُّ لأبناء الوطن في ظل هكذا دولة أن يخرجوا للشوارع زرافاتٍ ووحدانا ليطالبوا بدولة للجميع ؟.
 


*لماذا جِيء بابنة أحد السفراء السابقين في باريس من خارج السلك (لا أدري من أين) لتُشغِل موقع والدها وتُصبِح سفيرة بباريس أيضا كوريثة له ؟. ألا يكفي ما حصل عليه والدها من تكريم بِخلاف غيرهِ (وهو أساسا من خارج السلك)!.
 


*لماذا المتنفذين على مدى تاريخ الوزارة كلهم ورّثوا المهنة لبناتهم وأبنائهم ، ولماذا لا يحق لغيرهم ذلك ؟.هل هذا يحصل في دولة مؤسسات وقوانين ومعايير أم دولة مزارع وإقطاعيات وغابات ؟. وهل أولادهم أكفا من أبناء الآخرين؟. ألا يكفي ما حصل عليه آبائهم من امتيازات ؟ عقُمَت أرحام الأمهات بالوطن ، أم أن أبناء الآخرين ليسوا من الوطن، وإنما لاجئين أو هاربين من جحيم الحرب الأهلية بألمانيا لينعموا بالأمن والأمان في سورية؟
 


*ابنة عميد كان قائد لواء، وشهيد منذ صيف عام (1995) تدْرس الماجستير في الحقوق بجامعة دمشق .. كانت وأخيها طِفلان حينما رحلَ والدهما دون أن يترُكَ لهما ، ولبقية أخوتها من أبيها، حتى بيتا .. تقفُ كل يوم ذهابا وإيابا لوقتٍ طويلٍ على موقفٍ للميكروباصات مُكتظّا بالمُنتظرين في منطقة الشيخ سعد بحي المزة حتى تجِد ميكرو باصا تنحشر به مع بقية الرُكاب ، كما الصيصان ، لِتصِل إلى بيت خالتها التي تستضيفها في بيتها في حي الـ 86 في المزّة ، بينما والدتها وأخيها يعيشان في بيتٍ متواضعٍ بالأجرة في مدينة جبلة بعد أن تهجّروا من بيتهم في منطقة المُخالفات في المعضمية قرب دمشق !!.

 

 

 شقيقها يذهب لجامعته في اللاذقية ويعودُ كل يوم بالميكروباص إلى جبلة ! وأخيها الأكبر من أبيها تم اختطافهُ منذ العام 2011 وله ثلاث طفلات وطفل وحتى اليوم لا يُعرَفُ مصيرهُ ، ولكن الترجيحات أنه لم يعُد على قيد الحياة ، مع أنه لم تكن لهُ علاقة بالدولة وتمّ اختطافهُ على الهوية المذهبية!!. المرحوم الشهيد والدهم (وهو اخي) قدّم للوطن كل ما يستطيع بشرف وأمانة وإخلاص ، وقاد أكبر وأشجع وأنجح عملية إنزال في تاريخ الجيش السوري في منطقة البقاع الغربي لدى عدوان إسرائيل عام 1982 وعاد مع كل زملائه بسلامة بعد أن لاحقتهم طائرات الفانتوم الإسرائيلية حتى مشارف دمشق!.
 

 


*ابنتهُ هذه ،وشقيقها، (وأخوتهم من أبيهم) هذه تنتظر لأوقات طويلة في البرد والحرّ بانتظار ميكروباص ، بينما أبناء آخرين (العفيفين جدا)من دورة والدها ، أو أقل منهُ ، ولم يقدموا للوطن واحد بالمائة مما قدّمهُ ، أولئك يمرُّون من أمامها بسياراتهم الفارهة ، أو بسيارات الدولة!. لماذا؟. لأنّ ذنبها وشقيقها وأخوتها أن والدهم كان نزيها شريفا نظيفا ، لم يُفكِّر باللصوصية واستثمار السُلطة واستغلالها وجمع الأموال كما غيرهِ ، ولذا عليهم أن يدفعوا ثمن نزاهة ووطنية والدهم ، بينما أبناء (العفيفين جدا) يتنعمون بما لطشهُ آبائهم من خلال استغلال النفوذ والسُلطة دون أن يقول لهم أحد : من أين لكم هذا ؟.
 


*كنتُ في وقتٍ ما قادرا على تقديم بعض العون والمساعدة المادية لهم تُخفِّفُ عنهم شعورهم بالقهر والحرمان ، ولكن لئيميْ الخارجية السورية في آخر طابق ، أولئك الحاقدون الذين لا يعرفون كل معاني الحرمان والشهادَة لأنه لا أحدا بينهم فقدَ أخا أو ابن أخ وتركوا أطفالا زُغبَ الحواصل خلفهم ، أولئك حاربوننا حتى بلقمة عيش المحتاجين الذين رحل عنهم آبائهم من أجل الوطن!. ومع ذلك لا يخجلون وهم يحاضرون بالوطنيات!.
 


*هذه البنت لا تستحقُّ عقدَا بالخارجية السورية، بينما أبناء الثراء غير المشروع وأبناء التُجّار وأبناء المتنفذين بالخارجية وفي الدولة ، كلهم يستحقون ! بل لا يكفي توظيف أبناء الأثرياء في الخارجية وإنما يجب توزير آبائهم أيضا مرتين ، في حالة غير مسبوقة وهي أن يستلم شخصا منصب وزير ثم يُعفى لأنه لم يكُن كما كان متوقّعا ، لِيعود بعد أكثر من خمسة عشر عاما ويتعين وزيرا من جديد بذات المهمة !. فالثروة والنفوذ يجبُ أن تبقى مُحتكَرة للبعض ولأبنائهم!. أي لِطبقة معيّنة مهنتها المناصب !.
 


*الدولة التي يتكرّم فيها أبناء الثراء غير المشروع ، ومُستغلِّيها ، وتُجّارها الذين أثرُوا باستغلال أبناء الوطن بالمبالغة في الأرباح والهروب من الضرائب، ويُهانُ ويُقهَر فيها أبناء وطنييها وشهدائها، هذه ينطبق عليها كل شيء إلا اسم دولة !.
 


* أمضيتُ 34 سنة بوزارة الخارجية، تنقّلتُ خلالها بين نيويورك وبودابست وأثينا وجنيف والجزائر وبروكسل وأبو ظبي ويريفان وأبوجا ، ولا أملكُ ما يملكهُ أصغر أصغر(مناضل ومقاوم وممانع)ُ في الجمارك ولم يتغرّب يوما واحدا ، حتى لا أتحدّثُ عن غيرهم من للمقاومين والممانعين !.هل يحقُّ لأولئك المزايدة بالوطنيات؟.
 


*مسئولون ومسئولات حصلوا على بيوتٍ من الدولة بسعر التكلُفة بينما كان سعرها الحقيقي خمسة أضعاف ، واليوم 35 ضعفا ، وكل ما قدّموه هو الزعيق من خلفِ الميكروفونات في الأماكن الفارهة!. فنّانين وفنّانات أثرياء حصلوا على بيوت بنفس الطريقة ، كي يكسبوا ولائهم! بينما أبناء وذوي شهداء لا يملكون بيتا!.
 


*الدولة لا يمكنُ أن تكون شرِكة مُساهِمة خاصة يتصرّف فيها مالكوها كيف يشاؤون ولا علاقة لأحدٍ بهم !. الدولة تكون للجميع ومن حق الجميع رفع الصوت والسؤال : لماذا، ولماذا، ولماذا، وإن لم يجدوا الجواب الشافي فمن حقهم أن يقفوا بوجه مسئولي هكذا دولة وينزلوا للشوارع !.
 


*أرسلنا قبل أشهرٍ طَلَبا لجهةٍ مسئولةٍ بالدولة ، بِحُكمِ معرفةٍ طويلة تمتدُّ لأيام الجامعة، للمساعدة في إيجاد فرصة عملٍ بِعَقدٍ لفتاة جامعية متفوقة ومؤهَلة جيدا (وأكثر من بناتْ تلك الجهة)، ولكن كان الجواب متعاليا ومتغطرسا وصادما وهو : (لسنا مكتب خدمات)!. بينما رضِيتْ تلك الجهة أن تكون مكتب خدمات لِمَن هم من عظمِ رقبتها ووفّرت لهم مستقبلا لِولد الولَد .. ولا أعرف ماذا أعطت تلك الجهة للوطن ، بلْ هل أعطتْ مجّانا كما أعطيتُ أنا خلال عقد السبعينيات كله حينما كنا سوية في الجامعة !!. أبدا!.
 


*هل يجرؤ أحدٌ من أصحاب وصاحبات النفوذ والسلطة سابقا ولاحقا، أن يكشف عن أملاكه وثرواته هو وزوجته وأبنائه وكيف جمعها، ومن ثمّ نفرز بين الوطني وغير الوطني؟.
 


*لقد طردوا الإقطاع والبرجوازية وأمموا ممتلكاتهم، لِتُصبِح الدولة عادلة وللجميع، وإذ هناك من يحلُّون محلَّ أولئك ويفوقونهم ثراء وممتلكات ورفاهية !.فألا يعطي هؤلاء المبررات للبشر لتنقلِب عليهم كما انقلبوا هم على غيرهم ولذات الأسباب أو حتى أقل ؟.
 


*الكلُّ يتغنّى بحب الوطن ولكن هل هذا كافٍ لتكون وطنياً؟. هل يكفي أن تتحدّث عن إرهابيين وتكفيريين وعملاء وخونة ومأجورين وووو كي تكون وطنيا؟ وماذا عن خدمة الشعب بشرفٍ وأمانةٍ ونزاهةٍ وإخلاص، ومن دون مُقابِل أو مكاسب أو امتيازات، كما تقتضي الوطنية ؟.
 


*فحينما تعرف أن هناك طبقة أو شريحة من الناس كانوا من أصحاب السُلطة والنفوذ وقد حلَبُوا الوطن للأخير باسم الوطنية، ولم يُقدِّموا شيئا مجّانا، ولم يخدموا دون مُقابل (والمُقابِل هنا ليس رواتبهم القانونية) وإنما استغلال السلطة والنفوذ للثراء وللمصالح الشخصية ، ومصالح الأبناء والبَنَاتْ على حساب الوطن وأبناء الوطن ، فماذا نُسمِّي هذه الظاهرة ؟ هل هي ظاهرة وطنية ؟.
 


*من يعتقد أنه ترموميتر لقياس الوطنية عند الناس ، فليقُل لنا مَن هُو ؟. هل هُم المتنكِّرون والغدّارون وعديمو الوفاء لرفاقهم وأصدقائهم مِمن ناضلوا وأعطوا مجّانا أكثر منهم ؟.
 


*لقد دمّروا(جميع الأطراف المتحاربة) الوطن باسم الوطنية، وهدروا الدماء باسم الوطنية ، وامتلأت المقابر بالموتى باسم الوطنية، وتولّدت الكراهية والأحقاد باسم الوطنية، وجاءت كل القوات الأجنبية لتصول وتجول في سماء سورية وعلى أرضها باسم الوطنية، لم يبقى بيتا (إلا بيوت البعض المُزايد) إلا ودفع الضريبة من دم أبنائه باسم الوطنية، (وقد دفعناها من دماء الأهل والأقارب ومن صواريخ المُسلّحين التي طالتْ حارَتُنا وبيوتنا في القرية على الهوية المذهبية) ،وانقسم السوريون بين كل الدول الإقليمية والدولية باسم الوطنية !! ويا سلام على هيك وطنية وعلى هيك وطنيين !.


https://www.facebook.com/you.write.syrianews
 

2016-01-01
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
مساهمات أخرى للكاتب
المزيد