*لم نشعر بأي زمنٍ في وطننا الغالي أن هناك دولة لِجهة مجاراة هموم الناس ومشاكلها وإيجاد فرص عمل لأبنائها والاهتمام بلقمة عيشهم وأحوالهم ، والحرص على ثروة وطنهم ، ولكن كانت هناك دوما دولة لجهة كَمّ الأفواه والإقصاء والتهميش والعقوبة لكل من ينتقد السلبيات والأغلاط ويُطالِب بالمسائلة والمُحاسبَة ،، والشعار : الشاطِر يدبِّر راسو !!.
ولذلك لا يمكن الحديث عن دولة مؤسسات في أي
زمن وإنما يمكن الحديث عن دولة بوليس بكل الأوقات !. هذه حقيقة لا أعتقد أن أكبر
مسئول في سورية سابقا ولاحقا يستطيع أن ينكرها!. وهي ليستْ مُقتصِرة على سورية ، بل
هي نهجاً على امتداد الساحة العربية (ولكن ما يهمني أوّلا هو بلدي)، والدُّول
البوليسية ، كانت دوما القاسم الوحيد المُشترك بين الأنظمة العربية التي كان وزراء
داخليتها يتفقون بسهولة على كل شيء حينما كانوا يعقدون اجتماعاتهم السنوية !.
*للأسف في ظل الوضع الذي تعيشه سورية لا يشعر المواطن أن هناك مسئولين وإنما
سرابَاً ، إذ لا يعرف المواطن لِمن يشكو فقرهُ وبُؤسهُ وحرمانهُ ، وبطالتهُ ، وغش
الباعة والتجار ، والتلاعب بلقمة عيش الناس وارتفاع الأسعار اليومي الجنوني!! لا
نرى من المسئولين إلا سياراتهم الفاخرة وهي تتحرك في الشوارع بالطريق إلى المكتب أو
بالعودة منه!.
* وربما أنا محظوظٌ أكثر من غيري إذ أن بيتي يقعُ مقابل إحدى الصالات الشهيرة التي
تُستأجَر عادة للقيام بواجب التعزية، وحينما يتوفى شخصا مسئولا سابقا أو لاحقا ،
تُتاحُ لي فرصة مشاهدة المسئولين وسياراتهم الفارهة عبر الشارع مع المرافقين
المحيطين بهم حينما يحضرون لتقديم التعازي ، بعد أن ينتشر عناصر الأمن بكل الشارع
ويمنعون المرور به إلا للقادمين للعزاء !.
*الحكومة التي لا تعتني كما يتوجّب ويقتضي منها بلقمة عيش الناس ، فليس من حقها
الاستمرار في مكانها !! الوطن مليء بالوطنيين الذين على استعداد أن يعملون ليلا
نهارا في سبيل المواطنين والوطن ولا يريدون جزاء ولا شكورا ، ولا مكاسب ولا
امتيازات ، فلماذا لم يبحثوا عنهم في أي وقت ، ولا يعنيهم وجود هذه النوعيات
الوطنية ؟؟.
*الحكومة العاجزة دوما عن توفير أدنى حدود مستوى العيش بكرامة لمواطنيها ،عليها من
تلقاء ذاتها أن تبتعد عن الساحة !! المناصب في الوطن ليست مُلكا لأحدٍ حتى يحتكرها
إلى ما لا نهاية لمصلحة هذا وذاك !! لماذا حتى تُفرَضُ علينا شريحة من الناس تعمل
القليل القليل من أجل البشر والكثير الكثير من أجل جيوبها ومصالحها ؟؟ لماذا تنقطع
الطرقات أمام أشرف أبناء الوطن لأن واحدهم لا يعرف الانبطاح والتملق والمُراءاة
والكذب واللعق لحذاء هذا وذاك !!. أهكذا يكون الوطنيون ؟؟.
*المسئول الذي يهتمُّ بتوفير فرص العمل لأولاده وحدهم ، وتأمين مستقبل أبنائه
وبناته قبل كل شيء ، وعدم الاكتراث بأولاد وبنات الآخرين ، هذا لا يمكن أن يكون
وطنيا حتى لو ظهرت كلمة وطنية بتحليل دمه !.
*غلاء الأسعار في سورية بات يحتاجُ إلى هدنة كما وقف الأعمال القتالية ، وهذا لا
يحتاج إلى أمم متحدة ولا إلى مجلس أمن دولي ، ولا إلى وزيري خارجية أمريكا وروسيا ،
وإنما يحتاج إلى مسئولين تعنيهم لقمة عيش البشر ، وليس لقمة عيش عائلاتهم الرغيدة
فقط !. بل إلى مسئولين لا يقطعون بلقمة عيش البشر وأبناء الشهداء كما أحدهم الذي
يحمل صفة وزير ونائب رئيس وزارة !.
*الحكومة التي لا يعنيها أن ينحدر راتب الموظف من ما يُعادل 800 دولارا إلى ما
يعادل 80 دولارا فقط بالشهر ويجب ان تعيش من ذلك عائلة من خمسة أو ستة أفراد في ظل
أسعار لا توجد في لندن وباريس وجنيف ونيويوك (وهذه مدن خبِرتُ أسعارها بالماضي)
فإنما هذه الحكومة تقول لكل مواطن : روح دبِّر راسك بشتّى الأساليب والطُرُق!!.
يعني على المواطن أن يلجا لكل أشكال الفساد والنصب والاحتيال والرشوة والتهريب
والتشليح والسرقة وووو كي يُدبِّر رأسه ويعيش مع أسرته !. إذا لماذا تُوجَد
الحكومات ، وما معنى وجودها إن لم يكُن خدمة كافة أبناء الوطن والاعتناء بجدِّية
بحياتهم ومستقبلهم ومستقبل الشباب والشابّات في الوطن ؟!. هل يكفينا توفير فُرص
العمل لِإبن فُلان وإبنة علتان من أصحاب النفوذ والسُلطة ؟. بل هل أبنائهم يحتاجون
للوظائف وهم من أصحاب الثراء والمكاسب وغير محتاجين ؟. ألَن ينظر شباب الوطن
للحكومات الخارجية الغريبة بأي مكان ، باحترام وتقدير أكثر من حكومة بلدِهم ، حينما
توفِّرُ لهم تلك البُلدان فُرص عملٍ افتقدوها في بلادهم التي تخلّت عنهم وتركتهم
بالطرقات ، حتى وجدوا خارج الوطن ضالّتهم ولقمة عيشهم ؟!.
* سيقولون لك هذه حالة طارئة فرضتها ظروف الحرب ولكن متى لم يكن المواطن السوري
يعاني من الفقر والحرمان والبؤس والبطالة، والاستغلال والمهانة ، والحروب وانعدام
الاستقرار؟. ومتى كان راتب الموظف يتناسب مع أدنى حدود المعيشة والأسعار ؟.
* ثمَن روح المواطن السوري لم تعُد تساوي ثمن ليتر نفط واحد، رغم كل هبوط سعر النفط
!. فَسِعر برميل واحد من النفط ، بعد هبوطه الشديد، يعادل سعر أرواح 120 مواطنا
سوريا ، هذا إن كان سعر برميل النفط يعادل 30 دولارا ، بينما ثمن روح المواطن
السوري هو طَلَقَة لا يعادل سعرها ربع دولار !!. وإن كانت شظية فقد لا تعادل روحهُ
خمس ليرات سورية !.
* حينما نتحدث عن غلاء الأسعار الكافر مقابل فقر الناس الكافر ، ورفاهية أهل المال
والسلطة ، فنحن نتحدث عن حاجيات البشر الأساسية التي لا يمكن لِبيتٍ أن يستغني عنها
من مواد ضرورية للأكل والشرب !! لا نتحدث عن التفاح والموز والخيار والبندورة
والكوسا والفليفلة والجوز واللوز والفستق والبندق وجبنة القشقوان ، ولا حتى عن
البصَل والثوم ووو ، فكل هذه باتت للرفاهية لدى الطبقة الواسعة من أبناء الشعب !!.
لا نتحدث عن لحمة الغنم ولا عن الفراريج المشوية ولا عن الكيوي والمانغا التي لا
تخلو منها بيوت المسئولين والمتنفذين واهل السلطة والمناصب !! نتحدث عن الحاجيات
الأساسية الضرورية للعائلة وأفرادها التي باتت الغالبية عاجزة عن تأمينها !!.
*سعر سندويشة الفلافل ، وهذه أرخص أكلة شعبية بتاريخ سورية ، مائة وخمس وسبعون ليرة
سورية!! وإن افترضنا أن العائلة المكونة من أربعة أفراد فقط (وهذه أصغر عائلة
سورية) لا تأكل إلا الفلافل، فهذا يعني أنها تحتاج على مدى ثلاث وجبات في النهار
إلى 12سندويشة فلافل ، وهذه ثمنها 2100 ليرة سورية كل يوم ثمن سندويش فلافل فقط لا
غير !! وفي الشهر 63 ألف ليرة ثمن فلافل فقط ، بينما أعلى راتب يعادل 40 ألف ليرة ،
فمن أين سيأتي رب الأسرة بباقي ثمن الفلافل ؟. وهل بالفلافل وحدها تحيَ البشر ؟؟
ألا توجد أية مصاريف أخرى؟. ألا توجد فواتير منزلية وخرجية أولاد وتكاليف مدارس
وجامعات وأثمان ألبسة وأحذية وأدوية ونفقات أخرى عديدة جدا يحتاجها المنزل والمطبخ
وووو الخ !.
*هل تعي الحكومة السورية ومسئولي الدولة كل هذه المسائل ؟؟ . إن كانوا يدركون ذلك
ولا يتحركون لتغيير الواقع فهذه مصيبة ، وإن كانوا لا يدركون فالمصيبة أعظمُ !!.
*وبالمقابل هناك من مازال يعمل سفيرا أو سفيرة في السفارات منذ 10 سنوات ومنهم منذ
13 سنة ومنهم منذ 15 سنة .. ولو حسبنا الراتب والاغتراب الذي تقاضوه بالعملة الصعبة
ويعادل 10,000 دولارا بالشهر ، لوجدنا أن من أمضى عشر سنوات قد قبض من ثروة الشعب ،
1.200.000 مليون ومائتي الف دولارا ،، وهذه تعادل بالسوري 516 مليون (خمسمائة وستة
عشر مليون ليرة سورية ) !! ومن أمضى 13 سنة قبض من ثروة الشعب 1.560.000 مليون
وخمسمائة وستون ألف دولارا !! وهذه تعادل بالسوري أكثر من 670 مليون ليرة (ستمائة
وسبعون مليون ليرة سورية ) ومن أمضى 15 سنة قبض من ثروة الشعب ما يعادل 1.800.000
مليون وثمانمائة ألف دولارا !! أي بالعملة السورية تعادل 775 مليون ليرة سورية !!.
فماذا قدّم أولئك للوطن والشعب حتى يستحقوا كل هذا التكريم والامتيازات ؟؟. هل
بينهم من هو خارق وليس لهُ ألف بديل من أبناء الوطن ؟. وهل غيّروا موقفا واحدا
لدولة في هذا العالم أو لحزبٍ أو منظمّةٍ ، مما يجري في سورية ؟؟ أوَليسَ شهيدا
واحدا أفضل منهم جميعا وأحقّ منهم جميعا ؟؟. هل لدى أيٍّ منهم إبناً يقاتلُ على أية
جبهة ؟.وهل لولا الروسي كان من أحدٍ قدّم أو أخّر بشيءٍ ؟. إذا ليس هناك أساطير حتى
نبقيها بالمناصب ونمنحها كل هذه المكاسب على حساب الفقراء ودماء أبنائهم !.
* أهكذا يكون توزيع ثروات الوطن ؟ ثلاثة أشخاص فقط يتقاضون رواتب من الوطن ومن ثروة
شعبه الجائع والمحروم ، ما يعادل ملياري ليرة سورية لوحدهم ؟؟ هل قبضت عائلات 4000
أربعة آلاف شهيد مبلغ ملياري ليرة سورية ؟؟ ألا يندرج هذا تحت عنوان النهب القانوني
لثروة الشعب ؟؟ ألا يستحق هذا لوحده انتفاضة ضد هكذا حكومة وهكذا مسئولين ؟. شعبٌ
جائعٌ وآخرين مُتخمين من أموالهِ وثرواتهِ وكل "تضحياتهم" بضع عبارات وكلمات
وجُمل في المديح والثناء والإطراء يرددونها بكل مناسبة داخل المكاتب المريحة!. ثم
تسمع من يقولون لكَ نحن دولة القانون والدولة للجميع !! من سيُصدِّق ذلك ؟.
* على أهل السُلطة أن لا يلوموا البشر إن انتفضت بوجههم ، بل أن يلوموا سوء
تصرفاتهم وسوء حساباتهم ومقارباتهم وتعاملهم وسوء توزيع ثروات الوطن ، والتمييز بين
البشر وتنفيع الأصحاب والأهل والأقارب والأحباب بمئات الملايين على حساب لقمة الشعب
المفجوع البائس ، وعلى حساب دماء أبناء الوطن !. كيف ستقتنع الناس أن من يحصلون على
هكذا امتيازات هم يدافعون عن وطن؟؟ كلّا هذا غير صحيح هم يدافعون عن مكتسباتهم ،
ولو أُعطيَتْ هذه الامتيازات والمبالغ لشخصٍ غريبٍ من أي مكان في هذا العالم لهرعَ
للقتال بجانب من يدفع له !. وبمبلغ ملياري ليرة سورية يمكن تجنيد ألف مقاتل !.
*أليسَ الانشغال بأوضاع البشر المعيشية ولقمة عيشهم هو أهم لهُم من الانشغال بتوزيع
اتهامات الخيانة والعمالة وتوزيع الوطنيات وشهادات حسن السلوك ممن يمتلكون ثروات أو
مبانٍ لوحدها ، بعشرات مليارات الليرات السورية وواحدهم لم يكن أكثر من موظف في
الدولة يشغل منصبا ما ، أو مدير مكتب عند مسئول!!.
*دعُونا مما حصل في 2011 وحتى اليوم !! سورية اليوم تحتاج لثورة حقيقية ضد الفقر
والفساد والبطالة وأمراء النهب والسلب والسرقة والتهريب الذين اغتنوا في هذه السنين
وانضموا لطبقة أهل الثراء السابقين ممن استغلوا السلطة وحلبوا الدولة للأخير قبل أن
نسمع بداعش والنصرة وأخواتهم وبنات أعمامهم وخالاتهم !! وضد كل من استغلوا هذه
الظروف وتلاعبوا بلقمة عيش البشر ، أو من شيّدوا المخالفات العمرانية بشكل وقح
بالاعتداء حتى على الوجائب العامة (يعني الممتلكات العامة) في العاصمة ذاتها وعلى
مقربة من مقرات البلدية وأقسام الشرطة !!.
*أخبروني عن مسئول واحد عمِل من أجل أبناء الآخرين قبل أبنائه !! بل عمِل من أجل
غير أبنائه !!. فكفانا توزيع وطنيات وشهادات حسن سلوك على البشر ، المسألة ليست
مسألة عمالات وخيانات ، وإنما خلافٌ حادٌّ بوجهات النظر والمقاربات للأوضاع تحوّل
من خلافات إلى مواجهات وصدامات ثم إلى حربٍ سُرعان ما استدعى فيها كل طرفٍ أنصاره
الإقليميين والدوليين لدعمه والوقوف إلى جانبه ، وبهذا المعنى ينطبق مفهوم التُهَم
على الجميع !!.
*التعامل داخل الأوطان مع الشعوب هو غيرهِ مع البُلدان الأجنبية !!. ففي السياسة
الخارجية يقوم التعامل على أساس المصالح ، وهذه متغيرة ، وعادةً يسودها الّلف
والدوران والتحايل والغموض ولا تحكمها أية مبادئ !! أما داخل الأوطان مع الشعوب
فيجب أن تكون السياسات دوما مبنية على المبادئ وعلى الصدق والصراحة والوضوح
والشفافية في كل شيء ، وإلا تهوي الأوطان والشعوب ويهوي معها الساسة والحكام !!.
*المطلوب اليوم من قيادة الدولة ، ومن أعضاء الحكومة ، أن ينظروا لأبناء الناس على
أنهم من الوطن كما هم أبنائهم وبناتهم من الوطن ، وأن يسعُوا بكل السُبُل لتوفير
فُرص العمل لأولاد الناس الذين هم أكفأ من أبناء المسئولين والوزراء !. لا يُعقَل
أن ترى حالا ابن هذا السفير أو ابنة هذا المعاون للوزير أو ابنة الوزير الفلاني
الذي كان البارحة من مستوى مرؤوسيك وفجأة باتَ في منصبهِ على خلفية المحاصصات
المذهبية والطائفية ، أن ترى بناتهم وأولادهم يشغلون فورا الوظائف بالدولة وأبناء
الآخرين يتفرّجون !. هذه هي الخيانة وهذه هي العمالة ، أن تكون في موقع المسئولية
والنفوذ وتدير الظهر لأبناء الوطن وتخطف لقمة عيشهم لِتُجيِّرها لأبنائك وبناتك فقط
!.
*الأسباب ذاتها التي دفعت البشر للانتفاض في وجه الحكومة قبل 5 سنوات ، تعمّقتْ
أكثر وزادت سوءا ولم يتعلّم مسئول واحد من هذه التجربة المأساوية التي تعطي دروسا
للحجارة !. فكيف يمكن لأي سوري أن يشعر بذرة من التفاؤل والأمل ؟. من هنا سأعود
للقول من جديد ، الدولة السورية سيارة مهترئة بالكامل ولا يصلحُ معها أي إصلاح أو
تحسين أو تلميع ، بل يجبُ استبدالها بالكامل بسيارة من طراز حديث ذات مُحرِّك جديد
وعجلات جديدة وهيكل جديد ومقاعد جديدة،، الخ ! .
*سورية تحتاج لِعقلٍ يُفكِّرُ بطريقة مختلفة ، بِعقلٍ مؤسساتي ، ومعايير وعدالة
وتكافؤ فُرص واحترام الكفاءات والمؤهلات والخبرات ، ودولة للجميع وليس لشريحةِ أهل
النفوذ والسُلطة .. تحتاج لِنهجِ جديد ونِظام حُكمٍ يقوم على أساس الديمقراطية
والتعددية والتداول على السلطة وقوانين وأنظمة جديدة ، ومسئولين جدُد يعملون لكل
الوطن ولكافة أبناء الوطن وليس لبناتهم وأبنائهم وجيوبهم فقط ، دولة يسودها حكم
القانون على الجميع وتُطبّقُ فيها معايير على الجميع ،ويتوفّر فيها تكافؤ الفُرص
للجميع !. لقد مللنا من شعار : الشاطر يدبِّر راسو !. ومعروفْ كيف بيكون الشاطر!.
* لم تعُد البشر ، حتى الموالية ، تحتمل هذه الطريقة الفوضوية ، وعقلية المزارِع
وشريعة الغاب في الدولة !! فهذه دولة وليست مزرعة حتى يتمَّ التصرُّف بها بالأمزجة
والمحسوبيات والشخصنات التي كنتُ أراها على مدى عقودٍ من عملي بالدولة ، وخاصّة
الخارجية!. بل حتى من يمتلك مزرعة لا يُوكِل أمرها إلا للناس المقتدرة والأمينة ،
ولا يزرع بها إلا ما يعود عليه بالفائدة ، ولا يبخلُ عليها بكل الأسمدة والمياه
واليد العاملة والخبرة، حتى تكون من أفضل المزارع وأنجحها وأكثرها عطاء ً!. هذا
حينما تكونُ مزرعتهُ فهو يحرص عليها، ولكن حينما تكون مزرعةً مشاعا فمن المؤكّد أن
لا أحدا سيهتمُّ بها ، وإنما سيسعى فقط إلى قطفِ ما يستطيع منها من الثمار ، دون أن
يعيرها أي عناية أو اهتمام !. وهكذا فهناك من نظروا دوما للدولة السورية وكأنها
مشاعا نقطفُ منها ما نستطيع من الثمَر ونتركها لحتفها من تخلُّف إلى تخلُّف ومن
تراجع إلى تراجع ، ومن ترَهُّل إلى ترَهُّل ، ومن فساد إلى فساد ، ونقتسم خيراتها
مع الأصحاب والأهل والأحباب !.
*هناك من يلومونك على أحاديثك هذه ويريدونك أن تطمر الرأس بالرمال وتتجاهل كافة
الأسباب التي دفعتْ البشر للانتفاض في الشارع قبل خمس سنوات ، ومن ثم حصلَ ما حصل
!. ما أشيرُ إليه ، وما أشرتُ إليه في الماضي ، هي الأسباب الأولية التي جرّتْ
لاحقا لِكل مآسي الوطن ،، ولذلك تقتضي المسئولية الوطنية إثارتها والتذكير بها ،
وليس تجاوزها ونسيانها ، وكأن البشر اندفعت للشوارع من فراغ !. كيف سنعالجها
مستقبلا إن اعتبرناها مسائل ثانوية ، وأرجَعنَا كل شيء للمؤامرة فقط !؟. ألا نقفزُ
عن الواقع والحقيقة حينئذٍ ؟.
https://www.facebook.com/you.write.syrianews/?fref=ts