news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
لماذا أقدمتْ تركيا على خطوتها الحالية وهل هي حصيلة التفاهمات الأخيرة على حصة كل طرف ...... بقلم . د. عبد الحميد سلوم

*اليوم تتضّح تماما نتائج الأنشطة الدبلوماسية التي حصلتْ في الآونة الأخيرة بين تركيا وروسيا وإيران ، والتي بدأت بزيارة أردوغان لموسكو في 9 آب 2016 ، ثم تبِعها زيارة وزير خارجية إيران جواد ظريف لأنقرة في 12آب ومبالغتهِ في التغزُّل بتركيا خلال المؤتمر الصحفي وفي مديح رجب طيب أردوغان دون حسابٍ لمشاعر دمشق التي لا تطيق أردوغان ولا يطيقها أيضا !!. ثم زيارة وزير خارجية تركيا شاويش أوغلو إلى طهران في 18/آب بشكلٍ خاطفٍ ومفاجئٍ ..


*ما تقوم به حكومة أنقرة منذ صباح 24آب 2016 داخل الحدود السورية تحت عنوان "درع الفرات" لِتنظيف المنطقة من تنظيم الدولة ، وحزب الاتحاد الديمقراطي وجناحه العسكري ــ وحدات الحماية الشعبية ــ ووضع حد للهجمات عبر الحدود ... ما هو سوى ترجمة للتفاهمات التي حصلت خلال كل تلك اللقاءات .. فأنقرة تقبض حصّتها في سورية مقابل بعض التنازلات التي لا تعدو حتى اليوم كونها تنازلات كلامية إزاء العقدة الأصعب في الملف السوري ، ولكن على ما يبدو فإن موسكو وطهران راضيتان عن توجهات أنقرة الجديدة (الكلامية ) والموقف من الحل في سورية ، وها هي تقطف الثمار برضا كلٍّ من موسكو وطهران وبدعمٍ مباشرٍ من واشنطن ..

 

 

 ولكن هل يا ترى ستقبل دمشق بإعادة التعامُل مع أردوغان رغم كل اتهاماتها لهُ بالوقوف خلف الدمار والدماء السورية ، حتى لو تغيّر موقفه اليوم من الحُكم السوري؟. إذا أين كل تلك الوعود برفض التعامل مع كل الدول المتهمة بتدمير سورية وأولها تركيا والسعودية وقطر !!. وهل كان الصراع شخصي بين أصحاب الحُكم في العاصمتين والحل شخصي والدماء التي سالتْ ذهبتْ بِحسابِ أهاليها !.

 


*لم نلحظ بعد كل تلك اللقاءات والأنشطة الدبلوماسية قيام أي مبعوث روسي أو إيراني في زيارة دمشق لشرحِ نتائج ما جرى في تلك الاجتماعات والمشاورات ، مع أن سورية كانت العنوان الأبرز في كل تلك اللقاءات !!. لماذا ؟؟ هل لأن الجميع بات لا يقيم وزنا لردود فعل دمشق ويعرفون أن كافة أوراق اللعبة باتت خارج دمشق في موسكو وأنقرة وطهران وواشنطن ، والمهم هو توافُق هذه الأطراف وتقاسُم المصالح والنفوذ فوق الأرض السورية ، وأن دمشق ليس بإمكانها القيام بأي فعلٍ يؤثِّر على تلك التفاهمات الإقليمية والدولية ولم يعُد بيدها من الأمر حيلة وتسمع الأخبار من وكالات الأنباء كما الآخرين ؟.

 


*جون كيري يلتقي وزراء دول الخليج في مدينة جدّة الأربعاء 24 آب ، وكان الملف السوري هو الثاني على جدول الأعمال بعد اليمن .. وربما قد طمئنَ حكومات الخليج ، لاسيما السعودية على دورها في سورية كونها تُمسكُ ببعض خيوط اللعبة وبإمكانها أن تلعب دورا ما إما سلبا أو إيجابا !.

 


* تركيا لم تخفي قلقها بعد تحرير منبج والتقدم المحتمل للأكراد باتجاه جرابلس قرب الحدود التركية !!.والهجوم التركي على جرابلس صبيحة 24/آب 2016 وخرق الحدود السورية بدخول الدبابات والقوات الخاصة التركية ومشاركة المجموعات الأربعة : لواء "صقور الجبَل" و " نور الدين الزنكي ، و "لواء السلطان مراد " و "فيلق الشام" ، كل ذلك ما كانَ يمكن أن يحصل لولا الضوء الأخضر الروسي والأمريكي ، بل والإيراني أيضا .. وهذا كان حصيلة المشاورات وتبادل الزيارات في الآونة الأخيرة بين مسئولي هذه البُلدان .. ومباركة الأمريكي كانت واضحة بتصريحهم أنهم أخبروا الأكراد بعدم التجاوز إلى غرب الفرات ، بل شاركت طائراتهم مع الآخرين في التحالف بهذه المعركة ، ونائب الرئيس الأمريكي جو بايدن كان مؤيدا بقوة لأنقرة خلال زيارته لها وتصريحاته في المؤتمر الصحفي يوم 24/آب !.

 


*ما تقوم به تركيا اليوم هو تنفيذ للمشروع الذي طالما سعوا لتحقيقه ، وهو خلق منطقة عازلة على الحدود مع سورية وتسليمها لأطرافٍ سورية مدعومة من أنقرة ، الأمر الذي كانت تتحفّظ عليه واشنطن ، وترفضه طهران .. ولكن يبدو بات اليوم مقبولا في ظل تخوُّف طهران أيضا من تزايد قوة الأكراد وتبِعات ذلك مستقبلا على الأمن القومي الإيراني ، وانعكاس ذلك على أكراد إيران !.

 


*دمشق وعلى لسان مسؤول في وزارة الخارجية السورية (أدانتْ عبور دبابات ومدرعات تركية عند الحدود السورية التركية إلى مدينة جرابلس تحت غطاء جوي من طيران التحالف الأميركي الذي تقوده واشنطن واعتبرتهُ خرقا سافرا لسيادتها مؤكدة أن محاربة الإرهاب ليست في طرد "داعش" وإحلال تنظيمات إرهابية مكانها مدعومة مباشرة من تركيا( .. . وكررتْ الخارجية ذات التصريحات الإنشائية المملة التي ما زالت تكررها منذ خمس سنوات دون أن يصغي لها أحد .. ودون أن تقترن بأية أفعال رادعة .. فأضاف المصدر : " أن الجمهورية العربية السورية تؤكد أن محاربة الإرهاب على الأراضي السورية من أي طرف كان يجب أن يتم من خلال التنسيق مع الحكومة السورية والجيش العربي السوري الذي يخوض هذه المعارك منذ أكثر من خمس سنوات .. ودَعت سوريا الأمم المتحدة إلى تفعيل قراراتها الخاصة باحترام سيادة الدول ووحدة أراضيها في مواجهة العدوان التركي " ..

 


*لا أعتقد أن أحدا أصغى لهذا التصريح السوري ولا اكترثَ به أو كلّفَ نفسهُ بقراءته .. ولكن نقلتهُ بعض وسائل الإعلام الإيرانية والروسية ... دون أن تصدر أية ردود فِعل رسمية من طهران أو موسكو مُستنكِرة هذا التدخُّل التركي ، بينما صدر ذلك عن كمال كيليتيشدار أوغلو" رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض في تركيا ، حيث صرّح في مقابلةٍ مع قناةٍ تركيةٍ الأربعاء 24 آب ، أن " القانون الدولي يمنعنا من أي عمل عسكري داخل حدود دولة أخرى ولذلك بأي حق نتدخل في جرابلس وهي مدينة سورية "، منتقدا تصريحات مسؤولي الحكومة التركية حول ما يجري !!.

 


*يشعر الإنسان بالأسى والحزن حينما يقرأ لإحدى السوريات البارزات كلاما في السياسة يبدو بمنتهى السذاجة ، ومتناقضا مع بعضه 180 درجة .. فتطلقُ وصفَ الثورات والربيع العربي على ما حصل في تونس ومصر العام 2011 ، وتشيدُ به أيّة إشادة ثم تعودُ هي ذاتها وتصفهُ لاحقا بالمؤامرة والكارثة ... وما زالت تعتقد أن الدول جمعيات خيرية وتُقدِّم لوجه الله ولا تريد جزاء ولا شكورا ، في تناقضٍ صارخٍ لكل مفهوم العلاقات بين الدول والذي يقوم على أساس المصالح وليس على أساس المبادئ ، فتعتقد أن موسكو تقدم لوجه الله وليست لها مطامع كما غيرها ، بينما حقيقة الأمر فإن موسكو وطهران هي كما واشنطن وأنقرة والرياض ،، وسواها ، والكل ينطلق من مصالحه أولا ، وأعتقد لن يطول الوقت حتى تنقلب تلك السيدة على موقفها هذا كما انقلبت على موقفها مما أطلقت عليه هي بنفسها وقبل الجميع (ثورات عربية وربيع عربي ) ...

 


*تركيا لن تتوقف في عمليتها العسكرية هذه حتى تحقق مشروعها الذي طالما طرحتهُ منذ زمنٍ طويل بمنطقة آمنة (كانت تريدها أحيانا بطول مائة كيلو متر ، وأحيانا بطول سبعين كيلو متر ، وعمق خمسين كيلو متر، وأحيانا بعمق 18 كيلو متر وأحيانا بعمق عشرة كيلو متر) فأيٍّ من هذه المشاريع سوف تُطبِّق اليوم لاسيما أنها مدعومة أمريكيا ، ومرتاحة روسيا وإيرانيا ، ولا يوجد من يردعها أو يخبط على الطاولة بوجهها!!

 

 

 فما هو السر حتى يصبح المرفوض سابقا مقبول اليوم ؟. وهل ستكون هذه المنطقة ملاذا للسوريين الهاربين من جحيم النيران بدل دخولهم الأراضي التركية أو توجههم إلى أوروبا ؟؟ وهل سنشهد بعد ذلك وضع الأرجل على الخطوة الأولى باتجاه تسوية القضية السورية ، وكيف ؟. وهل بات ينطبق على دمشق المثل الشعبي ، "كما الزوج المخدوع" ، آخر من يعلم !.

 

 


https://www.facebook.com/you.write.syrianews/?fref=ts

2016-09-01
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
مساهمات أخرى للكاتب
المزيد