news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
سؤال لِمن يرون الحسم بسورية فقط بالميدان ما هو مشروعكم لسورية بعد هذا الحسم ؟.. بقلم د. عبد الحميد سلوم

**يقول أحد أطراف الحرب السورية يوم الثلاثاء 27 أيلول : ( أنْ لا آفاق للحلول السياسية في سورية ، والكلمة الفصل للميدان ) !.. لا يسعنا سوى أن نقول لهُ شكرا لهذه البُشرى ، التي تُبشرنا أن القتال والموت والدمار والنزوح والتشرُّد والفقر والجوع ، وكل ذلك مستمر إلى ما شاء الله 


(هذا إن كان الحسمُ في الميدان مسموحٌ به من القوى الغربية العظمى ولن تقُمْ بإدخال أسلحة خطيرة ومتطورة على الميدان تُطيلُ أمد الحرب  أيضا إلى ما شاء الله ، وتستنزف سورية وجيشها وحلفائها حتى النهاية) ، والسؤال لِمنْ لا يرون الحسمَ إلا في الميدان : ما هو مشروعكم لسورية بعد الحسم في الميدان ؟. لم نسمع في أي وقتٍ أي تصوُّرٍ  منكم لمشروعكم في سورية لاحقا !!.  هل ستسعون إلى إقامة دولة المؤسسات والقانون والعدالة وتكافؤ الفرُص ؟. هل ستقضون على دولة المزارع والإقطاعيات والظلم والقهر واحتكار السُلطة والمناصب لِطبقةٍ في سورية باتت كما طبقة البراهما لدى الهنود ، خلقها الله من فمهِ واعتبَرتْ ذاتها من الُصفوة ويحق لها ما لا يحقُّ لسواها من أهل الوطن الذي تسيّدتْ عليه إلى ما لا نهاية ؟.

 

**هل ستسعون لخلق دولة الديمقراطية والتعددية وحقوق الإنسان والحريات العامة والتداول على السُلطة عن طريق صناديق الاقتراع كل أربع سنوات ؟. هل ستحاسبون مَن أثْرُوا على حساب الشعب وثرواته على مدى عقود وأنتم الأدرى بهم واحدا واحدا ؟.  هل ستحاسبون عديمي الضمي والوجدان الذين أغرقوا مؤسساتهم بالفساد الإداري ، كذاكَ الذي كنتُ أعملُ في مزرعة آبائه وأجداده ، وسمح لنفسه بأن يدعس على كل شيء اسمهُ معايير مؤسساتية ، وقانون وتكافؤ فُرص ، ويدعس بوزنهِ "الرشيق جدا" على التراتبية والأقدمية والأحقية ، ولا تحكمه سوى أمراضهِ وعُقدِهِ  وأمزجته المنحرفة ، دون أن يحاسبه أحد بالدولة ، وهم جميعا يعرفون كل فضائح وزارته؟. برلمان العراق رغم كل مشاكل العراق لم يسكت على أمثالهِ في العراق فاستدعاهم واستجوبهم وحجب الثقة عنهم ، بينما عندنا تكتب للبرلمان عدة كتُب للإقتداء ببرلمان العراق في المحاسبة والمساءلة ، ولكن يتصرفون على مبدأ : (أسمعتَ لو ناديتَ حيّا ولكن لا حياة لِمن تنادي) ..هل هذا ما يُعجِبكم ؟.

 

**هل ستسعون لوضع الرجل المناسب بالمكان المناسب وتعيدون الاعتبار لكل ضحايا الظلم والقهر في الدولة السورية الذين صرفوهم لبيوتهم رغم كفاءاتهم وخبراتهم ومؤهلاتهم العالية ، لافتقارِهم للدّعم والواسطة ، وتركوا أشباه المتعلمين الذين احتاجَ بعضهم إلى 7 أو 8 أو 9  سنوات حتى حصل على الإجازة الجامعية  بدرجة تشحيط دون أن يعرف كلمة بلغة أجنبية في الدنيا ؟.

 

**هل ستحاسبون مسئولين (وطبعا المقصود مسئول بعينهِ) منحوا صلاحياتهم للسائقين من حولهِم ، وسمحوا لهم بإدارة وزارات سيادية بكل ما تحتويه من كفاءات ومؤهلات ، وأداروها بكيدية ولؤمٍ وطائفية وعصبيات جغرافية ؟.

 

**هل ستعملون لتغيير الناس في المناصب كل أربع سنوات  لتحقيق العدالة وتكافؤ الفُرص ، بدلَ أن تتحول المناصب إلى حيازات مملوكة لأصحابها ونرى سفيرا هنا وهناك لا علاقة له بالسلك وجاءوا به بالواسطة من خارج السلك ليبقى سفيرا مدى الحياة من دولةٍ إلى أخرى ؟

 

*هل ستعملون على القضاء على الإقطاع السياسي بالدولة السورية ، التي يتنقل بها البعض من 40 سنة من منصب لآخر ، على أساس القرابات والمصاهرات والمحسوبيات والشخصنات ، وكأنّ أرحام الأمهات في سورية عقُمتْ ؟.

 

**هل ستعملون لتأسيس القضاء العادل وليس المُسيّس والمُسيّر ؟.

 

*هل ستعملون لتأسيس الإعلام الحر والنقابات الحرّة والمنظمات الحرّة ، وليستْ المُسيّرة بالقرارات الرسمية ؟.

 

*هل ستعملون لانتخاب مجلس شعب جدير بأن يحمل هذا الاسم ، ويمثل إرادة الشعب الحقيقية والفعلية ولا يتمُّ تعيين أعضائه بالقرارات  والمحاصصات الطائفية والمذهبية والجغرافية ؟.

 

*هل ستعملون ليكون القانون فوق أكبر مسئولي الدولة ويُحاسبُ أي مسئول مهما علا شأنه ويُستجوَب ويخضع للمحاكمة ؟.

 

*هل ستسألون المسئولين السابقين واللاحقين ، من أين لكم هذا الثراء والأموال والعقارات والمصانع والممتلكات والاستثمارات بالداخل والخارج ، مع أنكم قبل السُلطة كنتُم من أفقر الناس ؟. هل ستقولون لهُم طفحَ الكيل والدولة ليست مُلكا لكم فقط أنتم وأبناؤكم حتى تشغلون فيها المناصب ثم تأتون بأولادكم من بعدكم ، كما هو حاصل في وزارة الخارجية ، حيث الأب والأبناء ، والأخت وأختها والأخ وأخوه وأقاربه ، وحيث السفير ترثهُ ابنتهُ كسفيرة ، كما هو حاصل في باريس مثلا  (حيث كان السفير عسكري من خارج السلك ، ثم جاؤوا بابنته لِترثهُ سفيرة من خارج السلك أيضا ) ، بينما أصحاب المهنة الأساسيين مُهمّشين ومقصيين وأكفا من ذاك السفير وابنته سوية ،، و بينما أبناء وبناتُ الآخرين لا مكان لهُم بالدولة ، وبينهم من ينتمي لذوي شهداء يحتفلون بهم على الشاشات بينما يهينوهم على أرض الواقع ، ولا يعيرونهم اهتماما ؟.

 

**مائه سؤالٍ وسؤالٍ علينا أن نسألكم إياهُ بعد "الفصلِ في الميدان " عن سورية التي هي بأذهانكم وما هو مشروعكم السياسي لها ؟. والواجب يقتضي منكم أن تخصصوا  ولو ربع ساعة  لتشرحوا لنا كل ذلك على التلفزيون !.. فهل هذا يدورُ في خلَدِكم ؟. يعني بعبارة أخرى هل ستبقون " بعد الفصلِ بالميدان" تتفرجون على الدولة السورية التي لا علاقة لها بمفهوم الدولة إلا بالاسم ، وتحرصون على حمايتها وحماية نهجها ، وتتابعون وتراقبون ذلك فقط ؟. هل هناك أي تَصوُّرٍ لسورية الجديدة أم هدفكم الحفاظ على سورية التي عرفناها لأنها الأفضل للمستفيدين منها حاليا بالداخل والخارج ؟.

 

** إن كان الأمر كذلك فمائة حسم بالميدان اليوم لن يحلّ المشكلة ويبقى حسما مؤقتا ، لأنه ستندلع بعدهُ ميادين وميادين !. الحسمُ لا يكون بالميدان فقط ، وإنما يكون بكلِّ ما تقدّم ذكرهُ !.. وهنا الجهاد الأكبر !.

 

**سورية وشعبها يدفعون ثمن الخلافات والعداوات السعودية – الإيرانية ، وثمن الخلافات والصراعات الروسية – الأمريكية والغربية .. فإيران تخشى أن يتأثّر نفوذها بسورية ويضعف لصالح السعودية التي تدعم المعارضة ... وروسيا تخشى أن يضعُف نفوذها في سورية لصالح الولايات المتحدة وحلفائها الأطلسيين الذين يتقدمون في أوروبا نحو الشرق باتجاه روسيا !.. السعودية وإيران لا تجرؤان على مواجهة بعضٍ مباشرة عبر الخليج العربي .. وروسيا والأطلسي لا يجرؤان على مواجهة بعضٍ بشكلٍ مباشر في أوروبا ، ولذا الجميع يواجهون بعضا بالوكالة فوق الأراضي السورية !. وهم لا يتقاتلون فوق أرضنا من أجل مصالح سورية وشعبها وإنما من أجل مصالح كلٍّ منهم!. 

 

** لا أعتقد أن الفصل في الميدان بالحالة السورية مسموح به  أو ممكنٌ، لا إقليميا ولا دوليا ، والأهم دوليا ، (وهذا الحديث ليس أكثر من زيادة صب الزيت على نيران الطائفية بين السنة والشيعة ) ،، وحتى إيران ذاتها تقول على لسان رئيسها السيد حسن روحاني أنه لا يوجد في سورية  حل عسكري وإنما حل سياسي .. وهذا ما يقولهُ الرئيس بوتين ذاتهُ أيضا .. والفصل في الميدان لا يعني أكثر من فصل سورية إلى شطرين ، واحدٌ تحت سيطرة الحكومة وآخر تحت سيطرة المعارضة وتعميق الصراع الطائفي السني -- الشيعي !. وأول المتضررين من استمرار الحرب ، بعد الشعب السوري والجيش السوري ، سيكون حزب الله وإيران وروسيا ، لأن الغرب الخبيث ، وفي مقدمته سيدتهم واشنطن ، هُم من خططوا منذ البداية لاستنزاف هذه الأطراف إلى ما لا نهاية في سورية .. وهل من أحدٍ يستطيع ان يجادل بأن الجيش السوري وحزب الله وإيران وروسيا لا يُستنزَفون في سورية ؟. بينما ماذا خسِر الغرب حتى اليوم ؟. لا شيء !. وكلما شعر الغرب أن الكفّة تميل لصالح الأطراف المذكورة ، ضخُّ موجة جديدة من الأسلحة المتطورة تطيل أمد الصراع ، دون أن يزجُّوا بجيوشهم وأبنائهم في أتون المعركة !. وها هُم اليوم يَعِدون المسلحين بصواريخ مضادة للطيران  (وقد تكون باتت بين أيديهم وينتظرون الأوامر لاستخدامها)  ويدرسون كل الخيارات العسكرية والأمنية والسياسية للتعامل مع الوضع المُستجد في سورية بعد انهيار اتفاق وقف العمليات العدائية !. وقد نقلتْ صحيفة التايمز البريطانية يوم الجمعة 30 أيلول  عن مسئولين أمريكان ، أن واشنطن "تفكِّر" باستخدام القوة ضد القوات السورية كردٍّ على الحملة العسكرية لروسيا على مدينة حلبْ  .. (أي تضربون حلفاؤنا فسوف نضرب حلفاؤكم ) .. فضلا عن إرسال أسلحة جديدة !.. فماذا لو تحوّل هذا "التفكير" الأمريكي إلى قرارٍ على الأرض وتأكّدَ أنه ليس مجرّد تهديدٍ وابتزاز كما تعتقد موسكو ؟.

 

 

*لقد جاءت روسيا إلى سورية  للقيام بعمليات عسكرية لبضعة أشهر في البداية ، ومضى عاما ، وها هو الناطق الصحفي بالكرملين يقول في 30 أيلول ، بعد عامٍ ، أنه لا حدود زمنية للعملية العسكرية الروسية في سورية ... فهم باتوا يدركون أن الولايات المتحدة وحلفائها لن يسمحوا لهم بالحسم ولذا فالاستنزاف مستمر .. وربما كان هذا فخْ الرئيس أوباما لِبوتين .. فلا هو قادر على الحسم ولا هو قادر على التراجُع !.. فضلا عن أنه بات واضحٌ جدا أن روسيا تريد مقايضات في أوكرانيا وجزيرة القرم ، وجورجيا وتوسيع الناتو شرقا ، والدرع الصاروخي ، فضلا عن العقوبات الإقتصادية .. ويبدو أن الغرب حتى اليوم ليس بوارد المقايضة ولذلك ما زال يمدد العقوبات.. بل كان اتهام موسكو أخيرا من طرف لجنة التحقيق الدولية بأنها المسئولة عن إسقاط الطائرة الماليزية شرق أوكرانيا عام 2014 بصاروخ روسي ، صادِمة ومزعِجة لهم ، واتهموا هولندا بتسييس التحقيق ، بينما سارعت واشنطن للتأكيد على أنّ قناعتها كانت صحيحة بمسئولية روسيا !.

 

*هذا ، بينما أردوغان قلبَ الطاولة في سورية لمصلحتهِ واقتطعتْ تركيا جزءا من سورية وخلقتْ به منطقة عازلة ، وخرجَ أردوغان مُرتاحا ليقول : هذا هو الوقت الأفضل للحل السلمي في سورية !.. بينما خرج وزير دفاعهِ لِيُعلن يوم الخميس 29 أيلول أن الحدود التركية مع سوريا والممتدة بطول 911 كيلومترا ، سيتم إغلاقها  تماما بحلول الربيع المقبل 2017، وذلك بعد الانتهاء من تشييد جدار لهذا الغرض ..

 

**أما إسرائيل فموقفها واضح ومُعلن ، وهي  لا تريد انتصار طرف في سورية على الآخر وأن تستمر الحرب ضمن هذه المعادلة ، التوازن ، وأن يستمر الدمار والموت والقتل والتفتيت ، والأهم ، يستمر استنزاف حزب الله وإيران والجيش السوري ، فهذا هو ما يخدم إسرائيل !. فألَم يكُن من الأفضل تأكيد الجميع على  تصريحات السيد حسن روحاني لشبكةNBC الأمريكية يوم 25 أيلول 2016 في نيويورك أن : ( الأزمة السورية لا يمكن حلها بالسبُل العسكرية ومن المؤكد أنه ينبغي حلها عبر الطرق السياسية وحسب ) ...

 

**طبعا ليس بِخافٍ على أحدٍ أن هناك في إيران تيارين : أحدهما يمثلهُ الحرس الثوري وهذا يدفع نحو الحل العسكري ويَعتقد أن هذا ممكنا .... وآخرٍ تمثلهُ حكومة الرئيس روحاني وموقفها يمثله تصريح السيد روحاني لشبكة   NBCالأمريكية المُشار إليه ...

 

*بل وصلَ الأمرُ بأحدهم في طهران (.....) إلى حدِّ توجيه الانتقادات اللاذعة لقائد فيلق القدس الإيراني بسببِ إصراره على تنفيذ " استراتيجية الحرب في سورية " وطالبَ بوقف النزيف المادي والبشري .. وتحدّى إن كان قائد فيلق القدس يقبل مواجهتهُ في مناظرة على التلفزيون الإيراني !..

 

**لستُ متحدثا باسم الشعب السوري ، ولا يمكن لِأحدٍ احتكار الحديث باسم الشعب السوري في هذه الظروف ، ولكن بتقديري فهذا الشعب تعِب كثيرا من "الميادين" .. ميادين الحروب وليس قناة الميادين .. فهو يعيشها منذ اغتصاب فلسطين عام 1948 ، وحان الوقت لهذا الشعب أن يرتاح قليلا ، ويعيش في بلدهِ دولة المؤسسات والقانون والمعايير والمساواة والسلام ، وينعم بمعاني الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان والتداول على السلطة !!. باتَ يتضايق من الخطابات الثورجية البعيدة عن الواقع ولا يرى فيها إلا الأحلام والمزايدة وخدمة الأجندات الخاصّة ، التي يعيشُ أصحابها وأبناؤهم في عزٍّ ورخاءٍ واسترخاءٍ بينما يعيش الآخرون وأبناؤهم في الميادين ، وفي الفقر والجوع والحرمان ، وما أن يدفِنوا أحد الأبناء حتى يفتحون قبرا جديدا للآخر !. لماذا ؟. إن كانَ الأمرُ فعلا دفاعا عن الأوطان فأليسَ من الواجب ممن أكلوا ويأكلون البيضة وقشرتها بالأوطان أن يكونوا هم وأولادهم في المقدمة بساحات القتال ،على الأقل للدفاع عن مصالحهم ومكتسباتهم ونفوذهم ؟. لماذا لا يكونون ؟. ألا يحبون أوطانهم ؟. إذا لماذا لا يُترجمون هذه المحبة إلى فعلٍ ويكونون هُم وأولادهم بالمقدمة بدلَ دفعِ أولاد الآخرين للميادين ، وإبعاد أولادهم عنها بشتّى السُبُل ؟!.  هل يعتقدون أن أحدا لم يعُد يفهم أبعاد اللعبة ؟.


 
2016-10-13
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
مساهمات أخرى للكاتب
المزيد