على ما يبدو أن كل من يتحدث عن الرقي و الحضارة التي وصل إليها الغرب , و تعجُبه كيف وصلت تلك الأمم إلى القمر و نحن ما زلنا على حالنا , ينظر بنظرة المتعجب عن ما هو الشيء الذي جعلهم يصلون لما هم عليه و جعلنا نقف مكاننا .
ستتم تلك المحاكاة العقلية :
ربما سيتم التفكير في العقل , هل الغرب أكثر ذكاءً من العرب ؟ و الجواب الطبيعي هو لا لأن العرب معروفون بأن لديهم نسبة ذكاء جيدة بالنسبة لباقي الأمم وتفوق كثير من الأمم خصوصاً إذا ما قارناها بأكثر الشعوب إنتاجاً للتكنولوجيا و هي اليابان فهم من الشعوب المتوسطة الذكاء , إذا ما السبب ؟ ...
ربما يتم التفكير في الأخلاق , هل الغرب لديهم أخلاق و نحن لا نملك ؟ الجواب البديهي لا , لما هو واضح من الانحلال الأخلاقي عند الغرب و نحن أمة الأخلاق أصلاً ديننا دين الأخلاق و المعاملات , إذن أين تكمن المشكلة ؟؟؟؟؟؟
تكمن المشكلة حتماً بالنظام الذي نعيش عليه , فما زالت الفوضى تغمرنا في جميع مناحي الحياة , نحن أمة تحب الاتكال على الآخرين , نحن أمة تحب الوصول بأسهل الطرق لحاجاتها دون التفكير بطرائق بديلة للحياة , لم تصل تلك الدول للتقدم التي هي عليه إلا بالنظام و احترام الوقت , في جميع دول العالم المتقدم يحترمون الوقت مثل احترام النفس , عدا عن ذلك أن كلمة الإرادة للتغيير ألغيت من قاموسنا لأننا نحب ما اعتدنا العيش عليه , و التغيير لا يحصل طالما أنت مرتاح على وضعك الحالي و لو كانت السبل متاحة لذلك لأننا نحب الفوضى.
كل هذه المحاكاة جرت و أنا أصعد جسر المشاة للعبور إلى الطرف الآخر و أنا أنظر إلى الذي يقطع الشارع بين السيارات و الذي يقفز فوق الحاجز رغم علوه و باعتقادي أن الصعود فوق الجسر أهون بكثير من الصعود فوق الحاجز .
إلى متى سنظل لا نحترم النظام , كيف سنقنع كل هذه البشرية أن ما يفعلونه خاطئ , كيف سنعدل عاداتهم التي ترعرعوا عليها و وجدوا آباءهم يفعلون ذلك , إلى متى سنظل نتبع سياسة القفز فوق الحواجز دون أن نأبه أن الذي نفعله هو خطر علينا قبل غيرنا , يجب أن لا ننسى أن اليابان تحتفل منذ أكثر من عشر سنوات بإزالة آخر إشارة مرورية , لأن كل من في الشارع يحترمون نظام السير سواء المشاة أو السيارات , و دائما نقول نحتاج لمائة عام لنصبح مثلهم .
يا عمي نحن شعب لا نحب أن نقف بالدور و لا نستطيع الانتظار ولا نحب أن نقف خلف بعضنا , نحن شعب يحب الوقوف بجانب بعضه البعض أو فوق بعضه البعض , هذا ما تعودنا عليه و هكذا سنبقى .
لن يبقى أن نقول أن الأمور لا تحتاج إلا لشوية نظام و السلام .
