لا بد أن رحلة المواطن السوري من منزله إلى مكان عمله في كل يوم تزيد فوق همّه هماً , فمنذ نزوله الشارع تبدأ رحلة المعانة مع وسائل النقل , فبعد حين من الانتظار يقف ذلك الميكرو ذو الخدمات الاستثنائية مؤشراً بيده بتلك الحركة الاستفزازية و التي تعني ( عل الواقف ) فيبدأ العقل الباطني بالتحدث مع نفسك ( منيح أحسن من النطرة ).
و من هذا المقام يبدأ أول التخمير بعد ما ترى أحدهم على يمينك و الآخر على شمالك و أنت في وضعية القرفصاء فما عليك إلا أن تقول (حسبي الله و نعم الوكيل ) , و بعدها تصل إلى عملك في غرفة بثلاث طاولات و ستة موظفين و محشر من المراجعين يلي فوقك.
و هنا تصبح بالمرحة الثانية من التخمير , و بعد انتهاء الدوام الرسمي تبدأ رحلة المعاناة للعودة للمنزل مع إلغاء فكرة ركوب الميكرو و بهذه الحالة ما عليك إلا ركوب الباص , حيث تصل إلى المحطة و ترى تلك السفينة الخضراء بانتظارك , تصعد , تقطع تذكرة , تقع عينك على مقعد فارغ , تنهال إليه مسرعا و نتقض عليه و تجلس مع تمتمة ( أوووف قعدنا) تنظر إلى الساعة (3.30) تظل منتظراً أن يسير الباص , و بعد 15 دقيقة (شو يا معلم , خلّصنا) طولوا بالكن باقي في مطرح بالباص , و بعد حين يغلق السائق أبوابه و يبدأ برحلة الانطلاق كتمساح يسير على صوت الخرير , شي واقف , شي قاعد و شي ....
بعدها ترى الباص وقف عند الموقف التالي فتح الباب ( يا معلم ما في مكان) يصعد بعض الركاب , ترى امرأة كبيرة في العمر تصعد ( تفضلي حجة محلي) و ترجع بالوقوف مع زحمة الواقفين و إذا بالموقف التالي تُفتح الأبواب و تصعد شحنة جديدة من الركاب ( لك يا معلم والله ما في مكان ) فيرد السائق ببرود ( طولو بالكن ) , و بعد شي نص ثلاث أرباع الساعة تصل إلى حالة التخلل وتصل إلى منزلك و تنزل من الباص بثغرك الباسم مع سيل من النعرات و كم دفشة و كم ....إذا كان النازل من الجنس اللطيف و بعد هذه المراحل تصبح مخللاً جاهزاً للأكل .
ربما هذه القصة تحدث مع 90% من الشعب السوري و خصوصاً في دمشق , لكن ما الحل , أمامك ثلاث حلول ..........
الحل الأول : هو التكسي , و تعريف التكسي :
هو وسيلة نقل ترغبها النساء كثيراً تحولت في دمشق إلى ميكرو بعدما أصبح السائق هو الذي يقرر أين هو ذاهب و أنت مخير إذا كنت بطريقه يوصلك و إن لم تكن لن تركب أصلاً , و هذه الوسيلة رغم انتشارها إلا أن في ساعات الزحام مثلها مثل الباص بالنسبة للوقت عدا أن هذا السائق ينتقي زبائنه كما يريد بحسب البعد و المكان , ولن نتحدث عن مشكلة العداد و اللعب فيه و إطفاؤه أو تغطيته بدرج السجائر .
الحل الثاني :
اشتري سيارة ,و هذا الحل هو أيضاً غير مناسب لذوي الدخل المحدود و لو بالتقسيط بغض النظر عن مصاريف السيارة , عدا عن ذلك الوقت الذي ستضيعه لإيجاد مكان لركن السيارة بجانب عملك و هو وقت يزيد عن وقت ركوب الباص للوصول , كما لا ننسى أن الأسواق التجارية أصبحت ممنوعة من وقوف السيارات بشكل مجاني مما أدى إلى أن أصحاب المحال التجارية يركنون سياراتهم أمام منازلهم و ينزلون بوسائل النقل العامة .
الحل الثالث :
العودة لركوب الحمير , حل منطقي توفيري محافظ على البيئة يمكن ركنه في أي حديقة أو مكان عام .
كل هذا و لم نتحدث عن كبس المخلل داخل الجامعات والمدارس و الوزارات و الشوارع و الأسواق والمطاعم و....... .