نعم كانت آخر المطاف , كانت آخر رميةٍ رميتها و سأرميها و لن أعود بعد ذلك , نعم سحقاً لحظي العاثر الذي أوصلني لهذه اللحظة , سحقاً لتلك الأيام التي أمضيتها و أنا أجني تلك النقود الوهمية , سحقاً لتلك السنين التي وصلتُ فيها النهارَ بالليل لأبني تلك الثروة الحقيرة . نعم لقد أصبحت مدمناً .
كنت ألعب حتى في عملي لم أوفر أي دقيقة منذ دخولي لعملي و حتى خروجي في وقتٍ متأخر منه , لم أكن أشعر بالملل حتى لم أكن استمتع , كنت فقط ألعب لاستمر في هذا الطريق الذي لا نهاية له
كان كل من حولي يرنو إلي مستغرباً بحالي , فتارةً مبتسم و تارةً أضحك و تارةً أعبُس و أنفُخ و أشتُم . لقد تجمد عقلي, تجمدت حدوده عند أبعاد تلك الطاولةِ المستديرة , حتى في صلاتي ما كان تفكيري منصباً على الكلمات التي تخرج من فمي كان تفكري فقط بالعودة لتلك الطاولةِ الحقيرة .
حتى في المنزل تغيرتْ طباعي , أصبحتُ أكثرَ انطوائية أكثرَ انعزالية بل أكثرَ عدوانية , ما عدت أنا أصبحت إنساناً آخر , نسيت تاريخي نسيت حاضري نسيت آمالي و وعودي التي قطعتها على نفسي .
و أخيرا توقفت عن الجري بحثاً الوهم و السراب , و أخيراً أعلنت إفلاسي .
في بادئ الأمر كانت صدفة , كانت مزحة ,أعرف أنها حرام لكن لعبتها و كان سببي الوحيد أنها مجّانية فالأموال التي تبدأ بها و تُنمّيها وهمية , كان صديقي يلعبها و أراه مستمتعا بها فجربتها ثم أدمنتها .
هذه قصة آلاف الشباب في هذا الوطن و في كل وطن يضيّعون أوقاتهم هباءً ويجرون بحثاً عن السراب.
إذا دخلت على ذلك الموقع الذي هو خدمة من موقع الفيسبوك فسترى عدد الزائرين في الساعة الواحدة يفوق الربع مليون مستخدم , و هنا تكمن الكارثة لأن من يمارس هذه اللعبة في الوطن العربي يفوق النصف .
و الكارثة الأكبر هي سوء استخدام التكنولوجيا في حياتنا , فقد تحول الشبكة العالمية للمعلومات من أداة للبحث و التعلم تحولت بأيدينا لأداة لتضييع الوقت و التسلية و الدردشة و ..... .
و بالنهاية يا عمي نحنا لابقلنا تكنولوجيا !!!!! لك يرحم أيام أتاري العلي بابا و الأونو و الأربع تربح , لك ما عاد في حدا عم يلعب رياضة كلّو قاعد متبسمر ورا هالشاشة , بالبيت بالشغل بالقهوة لك حتى بالحمّام , كلّو حاطط هاللابتوب و صافن أو هالموبايل و عم يعمل دردشة .
للتنويه........ طبعا في هذه المقالة لم أتحدث عن نفسي لكن أتحدث عن واقع يعيش فيه آلاف الشباب , و أن هذه الكارثة زادت عن حدها . ليس خطأً أن نجرب لكن الخطأ أن نعتاد فخير عادة أن لا يعتاد الإنسان أي عادة و السلام .