لم يكن في نيتي أن أتبناها لكن قلبي الممتلئ بها فتح لها قيدا في نفوسه .. و لحق بها وهي تركض فرحة بفستان وجدته ذات عيد مرميا مع بضعة خروق أمام باب عوزها وحاجتها كان منظرها غريبا وهي تركض بفرح وتتجاوز أبواب البيوت التي تدقها كل عيد دون أن تمد يد الحاجة إلى أحدهم بل تمدها فقط لتسلم عليهم من بعيد نعم كانت فرحة لأنها أحست للحظات مسروقة من الفقر أنها مثل هؤلاء الناس ...
يمر عليها العيد .. وتفرح بفستانها الجديد حتى لو لم يكن بمقدورها أن تشتري الحلوى كباقي الأطفال .. كنت مصرة على اللحاق بها إلى بيتها ولدي قليل من الأمل ألا أجد تلك الثقوب بباب بيتها الخشبي على حالها كلي أمل أن أجد بابا متينا لا تدخل من شقوقه سيوف فصل الشتاء لتقطع كل طريق للدفء إلى أحلام كتل لحم تستلقي بجانب بعضها وتحاول أن تتدفأ بغطاء لم أكن أتوقعه غطاء للنوم.
ثقوب ذلك الباب حفرت نخرا بعظامهم الصغيرة فلا تقدر مدفأة تقتات من الحطب أن تنشر عليهم ما يمنع ذلك النخر من الازدياد في أكل عظامهم وأكل قلوبهم . ولكن يال الصدمة ... الصدمة ليست بالواقع وإنما بأملي وبحلمي ..
أدركت أنني أحلق بعيدا بخيالي فكيف لهذا الواقع من الفقر والحاجة والتسول أن يتغير بين ليلة وضحاها .. وصلت الطفلة إلى بيتها قبل أن تصل إلى الفرح , وجدت والدها ينتظرها على باب البيت , يتكئ على عربة يعرض عليها بضع قطع من الملابس البالية ليبيعها في سوق البالة لأشخاص أقل درجة في الفقر منه ,تخلصوا حديثا من شقوق أبوابهم وقفت أتفرج كيف ستتمرد تلك الطفلة على والدها وستأبى أن تخلع الفستان الذي حلمت به عمرا لكنها وقفت قلبلا نظرت إلى العربة ووسعت بيديها الصغيرتين مكانا لفستانها , ودخلت إلى المنزل لدقائق , ثم خرجت تحمله بيدها ووضعته ليصبح من جديد حلما لها ...