الوطن....
آه يالوطن
نحتاج الكثير لنعرف ما معنى الوطن
نحتاج للخوف من بعضنا لندرك ماذا كان يمنحنا الوطن
نحتاج للسير خائفين نتلفت يمينا وشمالا ونشك بكل شخص نراه لندرك كيف كنا نمشي مغمضي العيون
نحتاج ألا يسكت جهازنا الخليوي عن الرنين كل لحظة للاطمئنان أننا بخير
نحتاج ألا نبرر أي تصرف لبعضنا ... و أن تلفت انتباهنا أي كلمة فنفكر في أبعادها ونسقطها على ما يحدث حولنا
نحتاج أن ننظر في العيون الغريبة المريبة و أن نغلق الأبواب وراءنا بعد أن كنا نفترش الشرفات وأسطح المنازل في السهرات المقمرة
أكنا نحتاج كل هذا لندرك بأية نعمة كنا نعيش
لم نكن ندرك يوما أننا سنمتحن بهذا الشكل القاسي
وأن الحياة ستمتحن فينا تمسكنا بالأمان الذي منحنا إياه الوطن
ستمتحن ولاءنا لقضيتنا الكبرى وتجاوزنا للأمور التافهة التي حاولوا إيقاعنا بها ..
لم تتعود عيوني على دواليب للحريق ... وحجارة لقطع الطريق ....
لم تتعود قدماي على الشوارع العريضة والرئيسية ... بعد أن اعتادت الطرقات الفرعية
اشتاقت قدماي للأسواق ... للنزهات ...
لم تتعود خطاي على السرعة لأصل إلى دوامي أو لأعود إلى بيتي
لم أعتد الرجوع إلى بيتي في موعد محدد ... لم أتعود أن يرتبط وصولي إلى المنزل براحة بال أمي
لم أتعود على القلق في صوت أبي وهو يوصيني أن ألازم البيت ولا أخرج حتى إلى دوامي
لم أكن أحتاج قبل اليوم إلى مبرر لأخرج من بيتي ... فلا مبرر بنظر أهلي لخروجي
ولا مبرر بنظري لبقائي بين أربع جدران للخوف وباب مقفل للمفاجآت
يؤلمني وجعك يا وطني
تؤلمني الدماء التي دفعناها
وتؤلمني زغاريد الأمهات
ودموع الأطفال ووعيهم المبكر
لا تتأخر أكثر يا وطني
عد سريعا كلنا ننتظرك