لم أكن أعرف قبل اليوم عن قيمة الشهادة إلا ما حفظته من آيات قرآنية كريمة عنها وما تعلمته من كتب التاريخ والقومية وما كتبته في مواضيع التعبير والإنشاء على مقاعد الدراسة عندما كنت طالبة .
لم أكن أعرف قيمة هذا الفعل الذي يسمو بالإنسان ليكون رسولاً للأمان و عراباً للحرية والكرامة على أرض الوطن .. حقا أنا أحني رأسي أمام نعوشكم الغالية .. أمسح جبيني برائحة العلم الذي تلتفون به فأمتلئ عزة وكرامة
أنتم الذين ترجمتم قول القائد الخالد ( الوطن غال والوطن عزيز ... لأن الوطن هو ذاتنا ... فلنحب وطننا بأقصى ما نستطيع من الحب ... وليكن وطننا هو المعشوق الأول الذي لا يساويه معشوق آخر )
أنتم أسمى من كل قول ... فماذا أقول ؟
ماذا أقول لبطل ختم مسيرة نضاله وهو يقول لرئيسه موصياً ومودعاً :
الوداع ... لقد نفذت ذخيرتنا سيدي .. سلامي لكم جميعا
سلامي للقائد المفدى ... سلامي لقادتي في الجيش وزملائي في السلاح
عملت ما أملته عليَ عقيدتي .. عقيدة الوطن
أترك لكم سوريا الطاهرة ... أتركها طاهرة .. وأموت سعيدا بطهارتها
أموت وكلي أمل أن دمي لن يذهب سدى
وأن أولادي سينعمون بالكرامة التي لا تنضب من أرض سورية
سلامي لكل من يقف موقف الشرفاء في الوطن
سلامي لكل أم تنتظر .. سلامي إليك يا أمي ...
اليوم اكتمل مشروع التخرج يا غاليتي
بقي أن أكتب الإهداء على الصفحة الأولى
أهدي هذه الشهادة أولا وأخيرا لكل من يدافع عن تراب هذا الوطن وأولهم القائد الأعلى للجيش
أهديها إلى تلك الجبهة السمراء الشامخة التي ترعرعت في الحقول
إلى تلك اليد الطاهرة التي علمتنا طعم اللقمة الحلال ومعنى العيش بكرامة ... إليك يا أبي
أهديها إلى ذلك القلب الذي أضناه همي مذ ولدت .. إليك يا أمي وكم أشفق على دموعك الغالية
فلا يؤلمني في موتي هذا إلا دموعك مع أني أعلم أنك تسترخصين أغلى ما لديك لأجل الوطن
فاليوم جئتك مشتاقا لأسمع زغاريدك لتكتمل فرحتي يا أجمل الأمهات
أهديها أيضا إلى من أمضيت معهم أجمل لحظات حياتي .. إلى من ضحكت معهم من كل قلبي
إلى من قاسموني الهم ... إليكم إخوتي وأوصيكم ألا تترددوا في اللحاق بي
وأخيرا أهديها إلى من شاركوني ساحات التدريب واللحظات الصعبة التي أتذكرها الآن وأحن إليها
إلى من وجدتهم أمامي بعد أن تركت أهلي وإخوتي ليكونوا هم إخوتي في الوطن الأم .. إليكم يا رفاقي في القوات المسلحة الشريفة فباستبسالكم سيكون لدماء الشهداء المعنى والقيمة الأعظم فالنصر لا يتحقق بشهادتنا فقط بل باستبسال من بقي يقاتل بشرف في ساحات القتال .
وأهديها أولاً وآخراً إلى كل من يفتخر : بأنه عربي سوري