يبدو أن قروض التمويل الصغير أصبحت قيودا تكبل من يحتاجها , وتزيد من همه وبؤسه وفقره ليبقى الدين ملازما للفقير في كل خطوة يخطوها .
سوف أسرد لكم قصة أحد الأشخاص الذين تنطبق عليهم الآية الكريمة (( للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربا في الأرض , يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافا وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم )) صدق الله العظيم .
هو من الأشخاص العفيفين والذين لا يشتكون ولا يتذمرون , ولكن يعيش في ضائقة لازمته منذ قترة ليست بقصيرة , ومع تزايد متطلبات الحياة ومستلزمات تعليم أولاده وكثرة الفواتير , تراكمت عليه الديون , فقرر في النهاية - مكرها ومضطرا - أن يقترض قرضا صغيرا, ولسان حاله يقول : صبري على حالي ولا صبر الناس علي , مع علمه أن دينا لا يسد دين .
توجه هذا المواطن إلى دائرة التمويل الصغير , وطلب قرضا فعلم أن هذا القرض في مرحلته الأولى لن يتجاوز سقفه العشرين ألف ليرة سورية , وسوف يخضع لدفع نسبة فائدة خرافية مقارنة مع المبلغ ومدة سداده - مع الطوابع ورسوم كاتب العدل - و عليه أن يسدده بأقساط شهرية خلال ستة أشهر.
من شروط القرض – توقيع سندات أمانة مصدقة عند كاتب العدل – و خضوعه لدراسة عن وضع عمله للتأكد من إمكانية سد القسط الشهري , وأمور أخرى مثل أن يلتزم بالدفع في اليوم المحدد وإلا خضع لغرامة مالية وعقوبة أن لا يمكنه الاقتراض مرة أخرى....... إلخ , ولشهرين لم يوافق على القرض - هنا أذكر مثل شامي يلاءم هذا القرض وهو( رضينا بالبين , والبين ما رضي فينا ).
أقول : إذا كان هذا القرض لحاجة ملحة مثل دفع فاتورة الكهرباء الخيالية - باعتباره شريفا لا يسرق كهرباء - أو لإجراء عملية جراحية – هو غير مؤمن صحيا - أو لكي يسد حاجات العيد أو افتتاح المدارس , فهذا القرض لن ينهي مشكلة هذا الفقير , بل سيزيد في بؤسه بؤسا وفقره فقرا .
وإذا كان القرض وحسب ما يطلق عليه لتمويل المشاريع الصغيرة , فكيف سيمول هكذا مبلغ مشروع يفترض أن يكون ناجحا ,على كل لا أظن أن هكذا مبلغ(العشرين ألفا) سوف يقوم بتمويل مشروع قائم – اللهم سوى مشروع وليمة لعدة أشخاص –
أرجوا أن تتوفر قروض للمواطنين المحتاجين حقا ( بدون فائدة ) تكون بضمان المواطنة , فمن هم في حاجة للقرض الاجتماعي كثيرين , والدليل هو العدد الهائل من المواطنين الذين ينتظرون موظفي مركز التمويل الصغير أن يتكرموا بالموافقة على طلبهم - مع كل ما ذكرته آنفا
سأقولها وبصوت مرتفع الآن , إذا كان هذا المواطن شريفا ؟ وعفيفا ! وما يجنيه لا يسد حاجاته المعيشية , وشروط المعونة الاجتماعية لا تنطبق عليه ؟!
فماذا سيفعل ؟هل هناك من مجيب ؟؟؟.