يقال أن المتشائم ينظر للنصف الفارغ من الكأس , والمتفائل ينظر للنصف الملآن ,و في هذا لا يختلف الاثنان على محتويات الكأس , فكلاهما يتكلم الصحيح ولكن النظرة مختلفة.
ما استجد مؤخرا على الساحة السورية يدعوا الجميع لتحمل مسؤولياته اتجاه وطنه وضميره , فكلنا أبناء هذا الوطن العزيز , ولن نسمح لأحد أن يهدد أمننا واستقرارنا , ولكن يجب أن نقر أن هناك أمور لابد من نصلحها لنتدارك الرياح التي تهب على المنطقة بحكمة لا نعدمها , و إجراءات إسعافية ليست مستحيلة .
بداية للأمانة أقول إن العشر سنوات الماضية مرت على العالم بشكل عام وعلى سوريا بخاصة شديدة على كل المستويات ولم تتح المجال للقيادة فيها من أن تنفذ ما أعلن عنه السيد الرئيس في خطاب القسم , ولأسباب عديدة , منها هجمات 11أيلول على مركز التجارة العالمي وما تبعها من حرب على الإرهاب , وفترة الرئاسة البوشية وما حملته من ضغوط سياسية , أضف إلى ذلك الحرب على العراق , واغتيال الحريري وما تحملته سورية من ضغوط تجاوزتها بحكمة قيادتها ومتانة جبهتها الداخلية , كذلك الحرب على غزة ودعم سورية للمقاومتين الفلسطينية واللبنانية في تلك الفترة , وما تحملت راضية من جراء تلك المواقف القومية , مما لا شك فيه أن مواقف سورية تشرف كل عربي , فما بالكم نحن في سورية .
كل هذا أخّر أو أجلّ أو بطّأ مسيرة التطوير والتحديث في سورية , مع أننا لا ننكر الحاجة إلى تسريع عملية مكافحة الفساد والإصلاح الإداري وتحسين المستوى المعيشي للمواطن السوري , هذا المواطن الذي تحمل وعانى من تبعات مواقف سورية المبدئية بكل شهامة وصبر , دفاعا عن كرامة الأمة التي لم يبقى في الفترة القريبة الماضية في الساحة سوى سورية وبعض أصدقائها ممن هم شرفاء الأمة يقومون بذلك الشرف الكبير
هنا لست في موقع الدفاع عن أحد , ولكن للتاريخ يجب أن يعطى كل ذي حق حقه .
مما لاشك فيه أن ما حصل في بعض البلدان العربية كان صحيا لتلك الدول , ولكن هذه ليست سنة متبعة ولا موضة مصطنعة , بل هي حاجة كانت ملحة بحسب الوضع السياسي والاقتصادي لتلك البلدان – كأسهم كانت فارغة –مع أنني لا أنكر الحاجة الملحة للإصلاح ومكافحة الفساد كما سبق وذكرت آنفا , للأمانة أقول نحن في سورية لدينا أكثر من نصف الكأس ملآن .
للحكومة أقول : نحن بحاجة لسرعة التغيير في أمور كثيرة تكلم عنها السيد الرئيس , ونائب رئيس الجمهورية , والسادة وزراء الخارجية والمالية لتلبي متطلبات المواطنين (( ونحن بحاجة لضبط النفس))
وللمواطنين أقول أيها الأخوة : نحن في سورية يضرب المثل فينا في حكمة قيادتنا والتعايش وتلاحم جبهتنا الداخلية , أرجوا أن نقف لحظة تأمل وننظر للكأس بموضوعية , لكي نحافظ على بلدنا سالما أبيا , فالمطالب ليست مستحيلة وهي من صميم اهتمامات القيادة , وإذا كان ولا بد فلنطلب بمحبة وموضوعية , وليكون حب سورية وتطورها وأمنها واستقرارها هدف الجميع , أقول للجميع ما هكذا تحل الأمور , فكلنا سوريون .