يقول مثل دمشقي معروف ( عطي الخباز خبزه , ولو أكل نصه) ما استدعى ذكر هذا المثل متابعتي لإعلامنا في هذه الآونة والذي أقول عنه مع كل الحب للعاملين فيه : إنه لا يرتقي لمستوى مكانة سورية الحضارية ومواقفها المبدئية , ولمستوى ثقافة شعبها , وفكر قيادتها .
لعل من المسلمات أن أي عمل ليكون متقنا ,على صانعه أن يحبه أولا ليبدع فيه , ويجب عليه بالضرورة أن يمتلك أدواته بالتعليم والتدريب الجيد , ويعرف مراحل إنتاجه من ألفها إلى يائها , وسوف أتكلم عن واحدة من وسائل الاتصال الجماهيرية المرئية منها ( التلفزيون ) وفن الإنتاج التلفزيوني يحتاج كما أي عمل لمختصين بداية من الفكرة (الرسالة) إلى أن تصل هذه الفكرة للمشاهد (المتلقي) .
حقيقة أقولها كمشاهد لا كإعلامي , أن ما أشاهده على قنواتنا التلفزيونية السورية , ليس له علاقة بإعلام هذا القرن الذي نعيشه .
السؤال هنا : ماذا استفاد تلفزيوننا من التقنيات الإعلامية الحديثة في تحسين وتطوير وتحديث الإنتاج التلفزيوني ؟
(وهنا ليس القصد الإنتاج الدرامي , ولا الإنتاج بمعناه المادي , بل القصد هو صناعة المادة الإعلامية وخاصة البرامجية منها )
للأمانة أقول هذه التقنيات يملكها تلفزيوننا , وخاصة القناة الإخبارية .
ولكن كلمة السر هنا من يستخدمها؟ وكيف تستخدم ؟ وما حجم الهامش المستخدم في التلفزيون ؟
بداية من يستخدمها ؟
هنا سوف أتطرق إلى الفنيين , هل هم من الخبرات الأكاديمية ؟ أم هم دخلاء على هذا الفن الذي لا يقبل التجريب والواسطة !
هنا أتكلم عن كل ما تحتاجه المادة الإعلامية وما تحتويه من فنون إخراجية (الصورة , والصوت , والإضاءة , والمكياج , والمونتاج , والمكساج ....إلخ )
أيضا المذيعين ومقدمي البرامج الذين هم واجهة الوسيلة الإعلامية وسر نجاحها , هل هم من الإعلاميين الأكاديميين ( درسوا الإعلام )
أم هم موظفين خدمتهم الواسطة أو الجمال للوصول لهذا العمل , فإذا كانوا كذلك , فهذه السمات لم تعد كافية لتلبية متطلبات الجمهور المثقف الواعي ( المتلقي ) مع هذا التقدم الهائل في تكنولوجيا وسائل الاتصال وتنوعها وكثرتها , وخاصة أجهزة الاستقبال البث الفضائي , التي مكنت كل من هب ودب أن يدخل بيوتنا دون استئذان.
كيف تستخدم التقنيات الحديثة ؟
أكاد أجزم أن هذه التقنيات لا يستخدم 50% من إمكانياتها , والدليل أن مثل هذه التقنيات موجودة في قنوات فضائية رائدة مهنيا , في حين من يتابع شاشتنا لا يميزها عن فترة السبعينات إلا بالألوان , وبعض الفزلكات التلفزيونية الخجولة .
ما حجم الهامش ؟
كل من تابع الشاشة السورية لمس الفرق واتساع الهامش في الآونة الأخيرة , في حين لم يحسن القائمون على تلفزيوننا استخدامه بالشكل الأمثل.
أخيرا أتوجه بالقول للقائمين على الإعلام عموما والتلفزيون بشكل خاص ,: أيها الزملاء نحن نتعرض لمحنة أرجوا من الله أن تمر بسلام , ولكن علينا أن نكون جميعا على مستوى المسؤولية الوطنية الملقاة على عاتقنا كإعلاميين .
أقول نحن في إعلامنا يجب أن نعمل لنكون فاعلين لا متفاعلين , مبادرين بالجديد لا مدفوعين أو مندفعين , ولا عيب من أن نستفيد من خبرات من سبقونا لنرتقي بمستوى إعلامنا للدرجات التي نطمح إليها ونستحقها , فمثل هذه العمليات الاتصالية الجماهيرية ( التلفزيون ) بحاجة إلى حرفية بالفرجة ( الإبهار) بقدر ما هي بحاجة لخبرات في علوم الاتصال والاجتماع والسياسة والتربية والفن بمعنى آخر هي بحاجة إلى حرفية في صناعة الرسالة الإعلامية , فإذا كان من يمارس مهنة الإعلامي يعتبرها وظيفة تضمن له راتبا فقط ؟!
أقول له : عذرا ....هذه مهنة بحاجة إلى خبير يعشقها ويمارسها بشغف ليصنع رسالة تحدث بالنهاية أثرا في المتلقي , وهذه الرسالة لن تحدث ذلك الأثر إلا إذا مرت جميع مراحل إنتاجها بفحص الجودة , والتي تتطلب من مرسلها أن يكون محترفا وعاشقا لمهنته , ومؤمن برسالته , و محب لوطنه.