ها هو شهر آخر يمر , وهذا العارض الذي تتعرض له بلدنا الحبيبة سورية لم ينتهي
هذه الرياح التي بدأت إرهاصات نسائمها بمطالب عادلة ومشروعة , فأحدثت حالة غريبة في مجتمعنا , وأجدها كانت في البداية حالة تعبر عن وضع صحي للمجتمع , وبدأت الإصلاحات بزيادة رواتب الموظفين واستقالة الحكومة وتشكلت حكومة جديدة , ورفعت حالة الطوارئ , ووضع قانون جديد للتظاهر , وتعكف الحكومة على دراسة قوانين الانتخابات والإعلام والأحزاب .
الكثيرين مع أصحاب المطالب أملوا خيرا برياح تصقل الجوهرة السورية وتزيل عنها الطفيليات , لكن هناك من أرادها إعصارا مدمر , يضرب الوحدة الوطنية والعيش السلمي والأمان , ليأتي الغربان من الخارج ليجلسوا ولو كان على تله خرابها , ولكن هيهات ...فسوريا كانت وستبقى عصية على الأعداء , تمتلك قرارها وتملك الكثير من الأوراق التي تصون أمنها , أسوارها منيعة وعالية , وكنزها الأكبر هو شعبها الذي أدرك المؤامرة التي تحاك له منذ بدايتها.
إن المتابع للأحداث يجد ومما لا يدع مجالا للشك أن هناك أيادي كثيرة تلعب على الساحة السورية , وكل حسب أجندته الخاصة .
هنا أسأل رجل الشارع أو اللذين يخرجون للتظاهر ويهتفون بشعارات مثل (حرية – سلمية )...إلخ
لماذا تجعل من نفسك جسرا لتنفيذ مخططات من يعملون لضرب سورية من الداخل – آخر أسلحة أعداءها - باعتراف كل المراقبين لا يمكن لأحد أن يضغط على سورية , لأنها ليست من حزب المعتدلين ,وهي آخر قلاع الصمود العربي , وحجر العثرة لتحقيق الشرق الأوسط الكبير أو الجديد , ولأنها الداعم لحقوق الشعب الفلسطيني لاستعادة أراضيه وعودة اللاجئين الفلسطينيين لوطنهم , وهي من تدعم المقاومة اللبنانية التي سببت الأمراض النفسية للسياسيين الصهاينة والاكتئاب لجنوده .
لماذا تجعل من نفسك أداة لخدام أعداء بلدك من جهة ,وللحاقدين الانتقاميين ووسائلهم الإعلامية من جهة أخرى .
إنني شخصيا أتفهم من يحصل على رخصة للتظاهر ويخرج للمطالبة بمكافحة الفساد , أو بفرصة عمل , أو للمطالبة بالإصلاح الإداري, أو حتى التخفيف عن كاهل المواطن من أعباء الفواتير من هاتف وكهرباء وخليوي التي تبتلع وارده الشحيح أصلا.
أيضا أتفهم من يطالب بالحوار الوطني أو بقانون انتخابي جديد , أو بأي إصلاحات سياسية وخدمية واقتصادية , على أن تكون هذه المطالب نابعة من صميم نفسه .
- وعذرا من القول – لا أن يردد بشكل بغبغائي ويسير منوما , ليكون - بحسن نية - أداة بيد من يريد الشر لبلده , فيصحوا ليجد أن الرسالة التي يريد إيصالها لم تصل , والمطالب التي ينشدها لم تتحقق , وجهده ذهب لحساب الآخرين .
أقول :
إن الحكومة تدرك مطالب الشعب وتعمل جاهدة على تلبيتها , نظرا لأن هذه الإصلاحات أصبحت ضرورة مرحلية , بغض النظر عن أي شيء آخر .
إذا كان من حق المواطن على دولته أن يعيش حرا وكريما و مكتفيا تحت سقف الوطن وضمن الحرية الاجتماعية ؟
فأين حق الدولة والمجتمع إذا كنا نؤمن بالعقد الاجتماعي والمواطنة ؟
أما يجب علينا جميعا أن نصون أمن وسلامة دولتنا عند المحن ؟
أما يجب علينا جميعا أن نعمل على أن نرتقي ببلدنا في كافة المجالات ؟
وبالأحرى ..أما يجب علينا أن نبدأ بالإصلاح في أنفسنا أولا ؟
ليراجع كل منا نفسه فسيجد أنه بحاجة لمعالجة وتقويم لكثير من الأمور
قال تعالى : (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) صدق الله العظيم
لنعمل على ترسيخ مكارم الأخلاق , لنرد الحقوق إلى أصحابها , لنتسامح مع الآخرين ولنتصالح مع أنفسنا .
إخوتي لا تدعوا الغريب يدخل بيننا , فتباشير الإصلاحات بدأت.
من كانوا قبلنا قالوا ( في التأني السلامة و في العجلة الندامة) الإصلاحات تحتاج للوقت , والأشياء يجب أن تأخذ مداها , فقط هم الأطفال من يطلبون حاجة ما , ويريدون تحقيقها على الفور .
أخيرا ...أيها الأخوة : نحن أمة ولدتنا أمهاتنا أحرارا , لا نستجدي الحرية من أحد ,
فنحن - خاصة في سورية - أحرار بالفطرة , ولن ندع أحدا يوهمنا بأننا غير ذلك .