مرت أشهر ونحن نسمع من الحكومة أن للشعب مطالب مشروعة , ونسمع من المعارضين أنهم لن يسمحوا بتدخل خارجي في شؤون سورية , فماذا يريد الجميع ؟
قالوا جمهورية جديدة ! فما هو المراد بالجمهورية الجديدة ؟
أعتقد أنه في حال قيام جمهورية جديدة , يتغير الدستور أو يعدل , ويرفع قانون الطوارئ في حال كان مفروضا, أو تسن قوانين جديدة للأحزاب والإعلام وللانتخابات البرلمانية والمحلية , وربما تزيد الرواتب أو تشكل حكومة جديدة , أو يعقد مؤتمر وطني يتحاور الجميع فيه ليصلوا لصيغة أو دستور جديد يوافق عليه الجميع أو الأغلبية , وهذا ما تم تحقيقه أو السعي لتحقيقه .
يحدث هذا في حال كان التحول سلميا , أما إذا لم يكن كذلك , فستكون هناك ثورة وصراع على السلطة ويكون في الغالب صراع دموي ( هذا إذا افترضنا وجود قيادة للثورة تحمل برنامج بديل ) وبقيام الثورة تستنزف مقدرات البلد , وتدمر بنيته التحتية (لا سمح الله ) , وتخضع قراره السياسي للابتزاز من قبل دول دعمت أو ساندت هذا التحول الذي يخدم مصالحها أولا , في النهاية يتمكن طيف واحد من الاستفراد في السلطة , فيفرض منهجه على الجميع , ويعود بالبلد إلى المربع الأول , فيتخلف عقود إلى الوراء , ويخرج من الخارطة الجيوسياسية للمنطقة , لعل هذا ما يحلم به الرجعيين والحاقدين والحاسدين والانتقاميين , فيعملون عليه بمنهجيه وأدوات أصبحت لا تخفى سوى على الأغبياء , إرضاء إلى أسيادهم ممن يحمون عروشهم وكراسيهم .
نحن في سورية ربما يكون اللقاء في منتصف الطريق بين مختلف ألوان الطيف السياسي هو الحل الأمثل لما نحن نتعرض له الآن , فنبني على ما أنجز ونضع نصب أعيننا مصلحة البلد أرضا وشعبا وقرار سيادي .
مما لا شك فيه أن الجميع يدرك أن البلد يسير باتجاه تغيير جدي , وهو بحاجة لجميع أبنائه بأطيافهم وطوائفهم , فالتنوع يغني الحياة السياسية وينضجها , ويجعل من سورية قبلة العرب والمنطقة إذا حسنت النوايا, وستكون تجربتها رائدة بالتأكيد , ونصيحة قلتها من قبل وأعود لأكررها مرة أخرى ( أيها الفاسدون باروود اهربوا) فالمرحلة الجديدة لن تقبل بالفاسدين والمفسدين وأصحاب المصالح الضيقة , ولن تقبل بالاتجاه الواحد لأننا بصراحة تخطينا هذه المرحلة .
أيها السوريون : إن دماء السوريون أغلى من أي عرض دنيوي , وبنيتنا التحية قامت بسواعد وأموال وعرق السوريين , دعونا نحافظ على لحمتنا الوطنية ومنجزاتنا, ونذهب لجمهوريتنا الجديدة بشفافية , وبرقي وأخلاق الشعب السوري الواعي لحجم المؤامرة , والذي لم ولن يكون أي من مواطنيه الشرفاء أداة تخدم غير سورية .
تعالوا بنا جميعا وكل منا من موقعه يفكر ما هو الحل السلمي والدواء الناجع لما نحن فيه ؟
من تشاوروا لم يغلبوا .
إن ما أنجز للآن كبير وكبير جدا , ووصل لحد يجب أن نقيمه بموضوعية وبإحساس عال بالمسؤولية الوطنية فلا ندع المكتسبات تهدر بمطالب سقفها عال بحيث لا يمكن تلبيتها , فينساق البعض ويركب العناد لتصبح المطالب غير منطقية أو مستحيلة واقعيا .
أيها الأخوة : أخاطب العقلاء منكم , يقول المثل ( إننا لم نمت.. ولكن شفنا اللذين ماتوا قبلنا ) إن الأعمى رأى ماذا حدث في العراق و ليبيا , فلو جلس الفرقاء هناك وتحاوروا لتجاوزوا هذا الدمار الذي لحق ببلادهم
أخاطب ضمير كل فرد في سوريتنا الحبيبة : ما سعيتم له عبر عشرات السنين أصبح قريب المنال , فلا تدعوا أحد يقطف ثمرة جهدكم , أو أن يحبط أمالكم وأحلامكم بدعمكم ظاهرا والتآمر عليكم سرا لتحقيق غاياته السياسية والاقتصادية , أرجوا من الجميع أن يدرك حجم المؤامرة على سورية , فالممالك والأمارات التي تدعم الثورات الديمقراطية وتنفخ على نار الفتنة هي فاقدة للشيء ولا يمكن أن تعطيه , وهدفها وأد هذه الحركات كي لا تصل إليها فتهدد عروش وتسحب كراسي , أيها العقلاء : ( لن يحك جلدك إلا ظفرك ) فالبيت المثالي أفراده يجدون حلا لمشكلاتهم ضمن بيتهم بالحوار المسئول وقبول الرأي الآخر وباحترام رأي الأغلبية ديمقراطيا , تعالوا لنتفق على نظام جديد – العقد الاجتماعي – يكون حصنا للوحدة الوطنية , وحافظا لهويتنا وحضارتنا , وداعما لثوابتنا القومية .
في النهاية أقول : إن النخب والمثقفون المستقلون كانوا وسيبقون دائما مع الوحدة الوطنية وأمن البلد وسيادة قراره , و الآن يقفون في صف سورية ولسورية فقط , ولكن لن يبقوا صامتين وهم يشاهدوا البلد يهوي - فهم بيضة القبان - كما يعلم الجميع , وسيقدمون مصلحة البلد فوق الجميع , ولن يقبلوا بالعودة للوراء أبدا , فعجلة الإصلاح تتقدم ولن يسمح لأحد بإيقافها , فسورية بيتنا إذا كانت بخير كنا كذلك , وإذا خربت - لا سمح الله - فستخرب فوق رؤوس الجميع .