ذكرت في المقالة السابقة ما هي العوامل التي جعلت من الحوار هو الحل الأمثل للحالة التي نعيشها في سورية اليوم , والحوار يجب أن يقوم على قواعد تأسس لأن يكون فعالا يثمر بالنهاية بحل يقارب بين جميع أفراد الأسرة السورية أو على الأقل غالبيتها , ومن البديهي أن لا يقصي أحد بأي حجة أو سبب إلا ممن يريد أن تعم الفوضى لمجرد الفوضى أو لأسباب نفعية ذاتية أو أجندة خارجية .
ما من شك أن جلوس الفرقاء على طاولة الحوار هو مظهر حضاري ينم عن نضج الوعي السياسي للمتحاورين وإحساس عال بالمسؤولية الوطنية , يجنب البلد ويختصر مراحل طويلة وقاسية وربما مأساوية , وفي النهاية ستكون طاولة الحوار هي الحل .
لأجل الوصول للحوار الوطني هناك أمور لا بد أن يدركها الجميع ليكون الحوار المنشود ناجحا ومنها :
- المساواة على قاعدة الاحترام المتبادل والندية بين المشاركين .
- الانفتاح والشفافية وضبط النفس من الجميع .
- احترام الرأي والرأي الآخر .
- أن يسلم المتحاورين أن مصلحة البلد فوق الجميع .
- وحدة وسلامة الأرض والشعب السوري .
- استقلالية الأراضي والقرار السياسي السوري .
- مشاركة الأخوة العرب أو الأصدقاء ممن يجتمع جميع المشاركين في الحوار عليهم .
- الابتعاد عن طرح حلول جاهزة إلا كاقتراحات مطروحة للمناقشة .
- طرح المشاركين في الحوار رؤيتهم لمستقبل سورية كل من زاويته .
- الاتفاق على عناوين أو خطوط عريضة
- الاتفاق على جدول أعمال للانتقال إلى المرحلة القادمة .
- مشاركة الإعلام ببث جلسات الحوار على وسائله مباشرة .
من يحاور من ؟
أقولها وبصراحة : نحن بحاجة لتعلم لغة الحوار الحضاري , بداية من الحلقة الأولى الأسرة , فالمدرسة , فالجامعة , وصولا لمجلس الشعب والحكومة , فنحن إما مرددين أو منفذين أو معترضين , لذلك على الجميع أن يرتقي لمستوى المسؤولية الملقاة على عاتقه , وليحكم كل منا ضميره ويسعى لمراجعة ومحاسبة وتطوير نفسه .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته )
وهذا يحتم على الجميع أن يدلي بدلوه كفرد في أسرتنا الكبيرة سورية , بالنصيحة والتوجيه كل ضمن نطاق مسؤوليته لما فيه خير بلدنا .
إن الحوار الوطني يبدأ بالحوار الداخلي في الحزب الواحد وبين الأحزاب على مستوى الجبهة ,وفي المنظمات والنقابات , كذلك يجب أن يكون في المعاهد والجامعات , وأيضا يجب أن يسمح بالتجمعات الشعبية السلمية والمرخصة برعاية النخب وقادة الرأي ورجال الدين ورجال العلم الوطنيين الشرفاء , ليستقصوا أحوال ومشاكل وهموم المواطنين .
بالنهاية حالة الحوار يجب أن تعمم , وتقوم على مبدأ مشاركة الجميع في مستقبل سورية .
الإعلام : لعل الجميع أدرك بأن دور الإعلام هو دور جوهري وحاسم في زمننا الحاضر , لما يتمتع به من جاذبية وحضور فعال وتأثير في تغيير أو تعديل أو تثبيت المعلومة عند الرأي العام , خاصة بعد التقدم الهائل في وسائل الإعلام المقروء والمسموع والمرئي وأخيرا الالكتروني , وما أحدثته الثورة التكنولوجية والرقمية بوسائل الاتصال من سرعة وسهولة في معالجة ونقل المعلومة , هنا علينا أن نعيد النظر في العملية الإعلامية السورية التي لا تعدم الإمكانات , ولكنها تفتقر للحرفية في إنتاج برامجها لأسباب عديدة , وهي بحاجة بداية لهامش أكبر ولخبرات تستخدم التقنيات الحديثة بأقصى طاقتها , وأيضا تحتاج لخبرات إعلامية أكاديمية (تطبخ) الرسالة الإعلامية , لترضي وتلبي حاجات المتلقي الذي هو الهدف من إنشائها .
أيها الأحبة : ليكن معلوما أن التاريخ علمنا أن من يفوز بثورة لن يسمح لأحد مشاركته غنيمتها إلا بالفتات أو لتجميل صورتها , ولكن الحوار يؤدي بالنهاية وبشكل سلس إلى الإصلاح والتغيير بأقل تكلفة وخسائر سوف لن يسدد فاتورتها سوى الشعب من دماء وأرواح أبناءه , ومن أمواله وبنيته التحتي , وشرخ في اللحمة الوطنية .
لا ينتابني أي شك من أن الجميع في سوريا يريد الخير والازدهار لها , ولا أظن أن مواطنا سوريا شريفا يسعى للفتنة أو لخراب أو تفتيت سوريا , أو يطمح أن يكون القرار السياسي السوري مصادرا , ولا أتخيل سوريا واحدا يسعى لأن تصبح سوريا كالعراق وليبيا , أيضا يجب علينا جميعا أن نحافظ على الموقع القيادي لسوريا عربيا وإقليميا لأنه قوة ومنعة لها كما هم أصدقاء سورية وأشقائها العرب – الشرفاء منهم – هم سند ومنعة لها.
نداء إلى الإخوة العرب : سورية هي مركز العالم قديما , ودار خلافة الأمويين , وآخر قلاع الصمود العربي , وحجر أساس المنطقة ,
فإذا انهارت – لا سمح الله – فلا قيامة للعرب بعدها .
يقول المثل الشامي ( العتاب صابون القلوب ) وأقول : إن الحوار الجاد يغسل القلوب والتسامح يطهرها .