حين بكى سماحة المفتي أبكانا جميعا. لم يبك سماحة المفتي على فلذة كبده الشهيد سارية فحسب. إنما بكى على أرواح شهداء سوريا الذين سقطوا دفاعا عن بقاء الوطن . بكى سماحة المفتي على وطنه الذي يحاول الأعداء تمزيقه .
بكى على الدماء التي تسيل في سوريا الحبيبة, على رجال الجيش الذي اعد من اجل أن يحارب الأعداء الصهاينة ,لا كي يقتل على يد بعض السوريين المغرر بهم, والذين قال عنهم : سارية والشهداء الآخرين معه ستخاصمهم عند الله يوم القيامة. هؤلاء الذين حملوا السلاح نيابة عن الصهاينة ليقتلوا أبناء الوطن , وليعبثوا بأمنه وباقتصاده .هؤلاء الذين ينفذوا بعلم أو من غير علم المخطط الامبريالي الهادف إلى تقسيم المنطقة إلى دويلات صغيرة متحاربة .
هنيئا لإسرائيل بهم. لأنهم يزرعون الفتنة , ويخربون البلاد , ويروعون المواطنين . ويقتلون أبناء الوطن وعلمائه ومفكريه .
لتهنأ إسرائيل بهم ولتستريح على وسادتها الناعمة تحتسي الويسكي الأمريكي وتتناول الكافيار الفرنسي والبريطاني ولتشاهد عبر الشاشة الجيش السوري يقتل على أيدي السوريين أنفسهم من دون أن تتعب نفسها .
لتقهقه إسرائيل ملء شدقيها . فهؤلاء, أصابعها الخفية للنيل من سوريا الدولة العربية الوحيدة الباقية في ساحة المقاومة تحمل الراية وتسد الطرقات والمعابر في وجه أحلام إسرائيل والمخططات الاستعمارية الرامية إلى فرض الاستسلام والرضوخ.
عندما بكى سماحة المفتي. بكت سوريا كلها . لان عيناه دمعت من اجل سوريا التي أحبها والتي عمل على أن تبقى عزيزة كريمة معطاءة وليبقى شعبها يتلاحم بكل أديانه وطوائفه وبكل انتماءاته على المحبة والأخوة والتعاون وتعزيز مكانة الوطن .
بكى سماحة المفتي على سمعة الإسلام والمسلمين حين يشوه هؤلاء القتلة المفاهيم الإسلامية بأعمالهم الإجرامية من قتل وسفك دم وتخريب.
بكى سماحة المفتي, على ما يفعله بعض رجال الدين الذين يضللون الآخرين ويحرضوهم على القتل وإراقة الدماء.
وبفكره المنير , وبقلبه الطيب , وبعقله الكبير . وبفهمه العميق للإسلام طلب لهم العفو إن هم القوا السلاح وعادوا عن غيهم وضلالهم وحتى عن قتلة ابنه سارية .
إلى جنان الخلد يا سارية . أنت ومن معك من قافلة الشهداء الذين سبقوك ومن الذين سيلحقوا بك
وأنت يا شيخنا وسيدنا ومفتينا نعاهدك بأننا جميعا أبناؤك وإننا على الدرب ماضون من اجل عزة ونصرة سوريا الحبيبة .