رغم اتساعها وضخامة مبانيها , كل شيء فيها ساكن.
فالشوارع خالية من المارة , والمحلات مقفلة , ولا شيء سوى الضباب الأسود يتصاعد . الصمت وحده يسود المدينة .
الناس نيام . أو ربما أموات , ولا أحدا يدري ماذا جرى . وأي مصير أحدق بالناس ؟!! ..
العمارات الشاهقة بنيت لتسكن , والمعامل الضخمة أقيمت لكي تدور, والأسواق أنشأت لتعج بالحركة .
ولكن كل شيء في المدينة جامد . حتى أغصان الأشجار, هي الأخرى بدت ساكنة كونها اصطناعية حيث قطعت اشجار الطبيعة واستبدلت بأشجار مزيفة.
ثمة حركة وصوت في إحدى الجهات .
تزداد الحركة , ويعلو الصوت . يصبح الصوت مجلجلاً . هادراً قويا .
ومن بين الضباب . يظهر رجل قوي البنية ذو وجه مشرق.
يختار الرجل القوي طريقة , لم يسر في شوارع المدينة المعبدة
وإنما اختار الدرب الوعر. فشوارع المدينة كلها تلتقي بمكان واحد .
والرجل القوي يريد أن يمشي باتجاه الشمس .
حقاً فلقد اختار الدرب الصعب. وحين بدأ مسيره سمع أصوات الكلاب تنبح .
في البدء نبحت الكلاب . ثم خرجت إليه من الأبنية العالية وركضت باتجاهه .
تجمهرت حوله وأخذ يعلو نباحها .
وقف الرجل الشجاع مكانه ونظر إلى الكلاب بنظرات حادة أرعبتها وجعلتها تتراجع .
وقفت الكلاب فزعة لا تفعل شيئاً إلا النباح .
حين ذلك تابع الرجل الشجاع مسيره باتجاه الشمس , تحركت الكلاب خلفه وهي تنبح
الرجل الشجاع يمضي في طريقه والكلاب خلفه تحاول أن تثنيه وتمنعه .
توقف أكثر من مرة ناظراً اليها بغضب .
وفي المرة الأخيرة قرر ألا يكترث بنباحها . ولان الكلاب لا تستطيع أن تمضي في هذا الطريق فقد تسمرت بمكانها مكتفية بالنباح , بينما الرجل يمضي في طريقه .
مازالت الكلاب تنبح, وما زال الرجل القوي الشجاع يسير في طريقه باتجاه الشمس.