news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
الرأسمالي السوري الحديث وسيادة منطق العصابات... بقلم : نزار علي

طبقة الرأسماليين الجدد في سورية و التي تشكلت خلال العقدين الأخيرين من الزمن هي طبقة شأنها شأن الطبقات الأخرى جزء من النسيج الاجتماعي الاقتصادي السوري و لا ننكر أنها ضرورية لعملية التقدم والتنمية الاقتصادية في البلاد و لكن من غير الضروري بل من الكبائر و من العار إطلاق يد هذه الطبقة لتعيث بكرامة المواطن السوري فساداً و من العار أن تلعب هذه الطبقة دورا هداما للاقتصاد الوطني .


فمن الناحية الاقتصادية والاجتماعية نلاحظ أن هذه الطبقة لعبت دوراً سلبياً ,و السبب و بدون الدخول في التفاصيل أن الشركات التجارية في سورية مازالت بأغلبها شركات عائلية أي أن إدارتها تكون بشكل مباشر من قبل أصحاب رأس المال و من المعروف أن هذا النوع من الإدارة يعتبر متخلف جداً و لا يمكن أن تشكل هذه الشركات مهما بلغت من القوة و العدد لا يمكن أن تشكل رافعة للاقتصاد الوطني بل على العكس تماما فهي أي الشركات العائلية تعرقل النمو الاقتصادي و الاجتماعي و الفكري في البلاد لأنها تسوق لمبدأ القبلية و الطائفية و العصابات و لها أثار مدمرة على الحياة الاجتماعية والفكرية

 ناهيك عن الاضطهاد الذي تمارسه هذه الشركات على العاملين فيها ,أولئك العاملون الذي لا يتمتعون بأي نوع من الحقوق التي تحفظ كرامتهم كبشر...فهم يعاملون كأي أداة من أدوات الإنتاج الأخرى أي أنهم يكادوا يعاملون كعبيد والأخطر من ذلك فإن سيطرة هذه الطبقة على المجتمع و الدولة أسس لنشوء طبقة ( أوليغارشية ) .يقول أرسطو (إِذا انحرفت الأرستقراطية وتحول أبناؤها إِلى إِيثار الثروة على الشرف تحولت إِلى الأوليغارشيةoligarchie التي لبابها جعل الثروة أساس الجدارة وهو إِثم فظيع )

أما الجانب الإنساني المدمر لهذه العصابات بسبب تواطؤ مؤسسات الدولة معها ( طبعاً من دون قصد ) ضد عمال هذه الشركات فحدث و لا حرج فلا يوجد شيء يحمي حقوق العاملين في هذه الشركات المافياوية فجميع القوانين هي في صالح صاحب العمل ... ولعل اللغة العربية تساهم في إطلاق يد الرأسمالي السوري الحديث , فصاحب العمل اسمه (رب ) العمل ..أي تضفي عليه صفة مقدسة بعض الشيء أما في اللغة الأنكليزية فأسمه BOSS وهي كلمة ليس لها أي علاقة بأي لفظ مقدس في اللغة اللاتينية.

 و باعتبار أن اللغة العربية تضفي على صاحب العمل صفة (رب) فيشعر أحياناً بعظمة تخوله انتهاك كرامات الموظفين و من ناحية أخرى يجد العاملين أنفسهم مجبرين على تبني أفكار رب العمل حتى لو كانت منحرفة ... حتى الدولة و المؤسسات تخلت عنهم وتركتهم لقمة سائغة في فم رب العمل (قائد العصابة ) .

في كل دول العالم هناك بطالة و لكن هذا لا يبرر اضطهاد الموظفين و العمال بحجة أنهم يمكن استبدالهم بأي لحظة هناك قوانين و أنظمة ترعى علاقة رب العمل بموظفيه بما يحفظ كرامة الموظف ..وبما يضمن مصلحة صاحب العمل و لا تشترط هذه المصلحة ابتزاز الموظفين و اضطهادهم طبعاً.

الثروة التي يستخدمها الرأسمالي السوري الحديث في اضطهاد الناس هي في الأساس بفضل الناس ...بفضل جهودهم على مر العقود ..بعرق جباههم بنيت البنية التحتية للبلاد ..بنيت شبكة المواصلات و بينت المؤسسات و بنيت الدولة كلها بعزم هؤلاء الناس . كلنا نتذكر في الثمانينات كيف ضحى جميع المواطنين بلقمة عيشهم و تحملوا الصعاب و قاموا ببناء المشاريع و المؤسسات وخلقوا بيئة استثمارية خصبة .. رغم الحصار ضحوا من أجل أن يعيش أولادهم بكرامة و رفاهية .ليأتي الرأسمالي السوري الحديث مدعوما من الحكومة و بأفكاره المنحرفة ليسرق انجازات الشعب و يقوم برد الجميل للمواطنين عن طريق ابتزازهم .

حتى عندما مرّت الدولة بظروف صعبة أول من تخلى عنها هم هؤلاء الرأسماليون الذين هربوا رؤوس أموالهم و قاموا بابتزاز حتى الدولة التي رعتهم و تحولوا إلى ( تجار أزمة ) ... وأحد الأدلة على ذلك هو معاناة الدولة في توريد بعض الحاجيات لها بسبب رفض الرأسماليون الجدد ( أصدقاء الأمس ) التعامل مع الدولة ...

آن الآوان منع الشركات العائلية ( الأوليغارشية ) من الإمعان في تخريب الدولة الاقتصاد و المجتمع و استبدالها بالشركات المساهمة فهي الشكل الوحيد الذي يضمن نجاح التنمية و العبور إلى الحضارة ..

نحتاج إلى وجود رأسمالية في سورية و لكن رأسمالية حضارية غير منحرفة (شركات مساهمة ) , نحتاج لجهة ترعى مصالح العمال أيضا ( حزب العمال ) ليشكل الصراع الفعال بين هاذين العاملين محرك لدفع عجلة الاقتصاد و التنمية نحو الأمام .

2012-04-07
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
مساهمات أخرى للكاتب
المزيد