news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
الحزب السوري القومي الاجتماعي كفاح و آلام و أخطاء وضرورة الإنصاف... بقلم : نزار علي

لا أحد يستطيع أن يتجاهل تيار فكري جارف في الفترة الحالية وهو التيار السوري القومي الاجتماعي خصوصا أنه يعود له الفضل في إنقاذ الأمّة ,  لا شك في ذلك و الأحداث الأخيرة أتت مبرهنة لكثير من النقاط الفكرية التي ناضل من أجلها الحزب السوري و التي حاول تسويقها و لم يوفق  في ذلك نتيجة لعلّة في التواصل مع الجماهير سأتطرق لها في سياق هذه المقالة المتواضعة .


نبذه عن الحزب السوري القومي الاجتماعي :

أسسه الراحل أنطون سعادة (1904 – 1949 ) في البرازيل عمليا من خلال إنشاء نواته الأولى  (جمعية الشبيبة السورية الفدائية ) و تم إنشاءه رسميا في لبنان عام 1932 حيث بدأ نشاط الحزب و بدأت معه مرحلة صاخبة مليئة بالصراعات و التوتر حيث ترعرع الحزب في بيئة سياسية عدائية شديدة مثيرة للاستغراب و الريبة رغم أنه الحزب الوحيد النهضوي , ولو كنت أؤمن بنظرية المؤامرة لكنت قلت أن الحزب تعرض لمؤامرة منذ لحظة ولادته ..

 

اصطدم الحزب طبعاً مع النظام الطائفي المتخلف في لبنان , مما وضعه في مشاكل مع السلطة كان نتيجتها هروب مؤسس الحزب أنطون سعادة إلى سوريا وما لبث أن تم اعتقاله في سوريا و تسليمه إلى السلطات اللبنانية (مع أنه لم تكن العلاقات السورية اللبنانية تتسم بالتنسيق و الوئام ) ليتم إعدامه في وقت قياسي  بناء على محاكمة شكلية حيث قال فيها مقولته المشهورة (كلنا نموت، ولكن قليلين منا من يظفرون بشرف الموت من أجل عقيدة)  . بعض المصادر تقول أنه تم إعدامه بعد 4 ساعات من اعتقاله و لا شك أن إعدام انطون سعادة يعتبر وصمة عار حقيقية و بقعة سوداء جديدة في تاريخ المنطقة تضاف إلى البقع السوداء الأخرى ...

 

تابع الحزب نشاطه في سوريا ليقع في مشاكل جديدة بعد اغتيال العقيد عدنان المالكي 1955 و اتهام قومي سوري بقيامه بعملية الاغتيال لتبدأ بعدها حقبة من التنكيل بمحازبي السوري القومي الاجتماعي استمرت حتى القرن الواحد و العشرين  في أغرب عملية ملاحقة شهدها التاريخ  و السؤال الذي يطرح نفسه ..ما سر هذا الكره و الخوف الشديدين من الحزب السوري القومي الاجتماعي ؟ إنه حزب نهضوي يحمل فكرا حضاري و له طبيعة خاصة , حتى أنه حزب يميني وسطي أي أنه ليس حتى حزب يميني متطرف و يبقى هذا السؤال حيا في أذهان ووجدان جميع السوريين .

 

إيديولوجية الحزب :

 

يشجع الحزب على مبدأ ( الأخلاق ) و تنشئة الفرد تنشئة سليمة و يركز على موضوع بناء المجتمع السليم ( نقطة ضعف حزب البعث ) و يقوم على عدة مبادئ منها أن السوريين يشكلون أمّة تامة , و سورية الطبيعية هي البيئة الطبيعية لهذه الأمة  ( لم يتجاهل الحزب الموضوع الجغرافي ) و القومية السورية ليست طارئا في حياة الأمة و إنما نشأت تاريخيا حتى من قبل بدء كتابة التاريخ أي من قبل تاريخ أول وثيقة تاريخية مكتوبة .

 

و انتهج الحزب مبدأ علمانيا من خلال تشجيعه لفصل الدين عن الدولة .

أما من الناحية الاقتصادية فقد انتقد الحزب الإقطاعية ولكنه لم يتطرّف في ذلك إلى حد نزع ملكية الإقطاعيين بشكل فوضوي و انتقامي وغوغائي  على طريقة حزب البعث إنما كان الحزب السوري يرى أن الهدف هو تحقيق العدالة و الرفاه  و يمكن تحقيق هذه العدالة من خلال وسائل أقل تطرفا  من نزع ملكية الإقطاعيين وإنما من خلال تنظيم علاقة الإقطاعيين مع المجتمع بشكل يحد من وحشيتهم و اضطهادهم للناس و بشكل يوظف الإقطاعيين و البورجوازيين في خدمة المجتمع و الدولة بشكل فعال.

الحزب و العروبة : لم يكن الحزب ضد العروبة و إنما دعا إلى أفكار واقعية غير وهمية , واحترم عقول الناس بشكل أكبر من حزب البعث الذي دعا إلى (أوهام) دفع الجميع ثمنها غاليا و ما تشهده المنطقة الآن يعتبر أحد مخرجات الفكر البعثي العروبي  حتى فكرة البعث بحد ذاتها ( بعث الأمّة  ) تم سرقتها ( سرقة فكرية أدبية ) من فكر الحزب السوري . و موضوع من المحيط إلى الخليج لا يعدو كونه مزاودة فكرية  من قبل البعث على السوري القومي ..

 

سبب فشل السوري القومي في استقطاب الجماهير و نجاح البعث في ذلك

مشكلة الحزب السوري أنه حزب نخبوي و لم يركز على موضوع ( استقطاب وتجنيد أعداد ضخمة ) فأغلب محازبيه هم من طلاب الجامعات و المثقفين و المفكرين و ما شابه ذلك و يعتبر هؤلاء أقلية متناهية في الصغر هذا من ناحية و من ناحية أخرى أي حزب في العالم ليضمن انتشاره عليه أن يضمن شيئين:

 1- انتشار جماهيري واسع النطاق

2- السهر على تحقيق المصلحة المادية لهؤلاء المحازبين أي عليه أن يدافع عن المصالح المادية للمحازبين  وهذا الموضوع لا يخرج عن الأخلاق طبعا لأن الموضوع المادي موضوع مهم في حفظ كرامة الإنسان ..

 

وبالتالي ابتعد الحزب السوري عن الواقعية فيما يتعلق بالعلاقة مع الجماهير أما حزب البعث فقد راعى هذه العلاقة .فحزب البعث حزب العمال و الفلاحين و هم الطبقة الكبرى من حيث العدد في المجتمع و راعي مصالحهم على أتم وجه , وهذا هو السبب الكافي لضمان انتشار واسع للحزب .فحزب البعث حزب يساري له امتداد عالمي  و استثمر هذا الموضع كما يجب و ليس سبب انتشار حزب البعث الواسع و سيطرته على المجتمع و الدولة يعود إلى ما يسمى ( بعض المنطلقات النظرية ) أو وهم يسمى ( أمة عربية واحدة من المحيط إلى الخليج ذات رسالة خالدة )

 

غرق سفينة البعث و استخدام قوارب نجاة سورية قومية اجتماعية

بعد مرور الحقب و السنين فشل حزب البعث في حماية المجتمع و الدولة و فشل في تحقيق التطور المطلوب رغم نجاحه في بداياته ..فقد تحول إلى حزب نخبوي هو الآخر ..و تحول البعثيون جميعهم إلى آلات وصولية انتهازية تعيش على امتصاص خيرات الأمة واضطهاد الناس بشكل متوحش  و خلق البعث أزمة أخلاقية من خلال نشر الفتن  بين سكان حتى أصغر التجمعات السكانية من خلال ثقافة ( التقارير ).أيضا تم فتح المجتمع السوري لجميع أنوع  التأثيرات السلبية  من خلال شعار ( أمة عربية واحدة ) فُتحت الأبواب على  دخول و تسرب الأفكار السلفية الوهابية المحملة برمال الصحراء أمام أعين الجميع .. الجميع شعر بالخطر و توقع الكارثة إلا البعثيون ..لازالوا يرددون ( بعض المنطلقات النظرية ) و يتحدثون عن الثورة على جميع الأصعدة  السياسية و الاقتصادية والاجتماعية و الثقافية والعسكرية  و, و , والقضاء على البرجوازية و الرجعية  تماما كما ورد في كتيب الإرشادات الخاص بحزب البعث  ....منذ الخمسينات لم يطرأ أي جديد على فكر ( قادة الدولة و المجتمع ) .

 

حدثت الكارثة واندلعت المواجهات في سوريا 2011و لولا تحرك السوريون القوميون لكانت البلاد قد تحولت إلى إمارة سلفية أخرى كما حصل في مصر و تركية و ليبيا و تونس ...

 س :من نظمّ مظاهرات التأييد للدولة ورفض التدخل الخارجي ؟  

ج :أنهم السوريون القوميون ...

س : من تصدى للأفكار المتطرفة الهدامة ؟ ..

ج : إنهم السوريون القوميون ...

س :  ما هو الفكر الوحيد القادر على الصمود أمام الفكر السلفي الجارف ؟؟

ج : الفكر السوري القومي الاجتماعي .

 

السوريون القوميون في كل مكان ..أصبح هناك تيار سوري قومي اجتماعي أبعد من مفهوم حزب سياسي و محازبين  ...

برهن التاريخ أن السوريون القوميون على حق ..فعلا سوريا هي أمة تامة و متجانسة  و إلا لكانت الطائفة الدينية الكبرى في سوريا قد انساقت وراء مثيلاتها في الدول الأخرى ... ولولا وقوف هذه الطائفة بأغلبها مع الدولة  وابتعادها عن امتدادها الديني الحقيقي لكانت انهارت الدولة تحت وقع الضغوط الهائلة و الغزو الثقافي و الإعلامي المكثّف .... إذن فعلا هناك شيء يميز سوريا ..إنه الفكر السوري القومي المنتشر بين الناس بشكل طبيعي , الأرض السورية هي التي جمعت السوريين و هي التي أنقذت سوريا وليس الأمة العربية البعثية الافتراضية . عندما يغني وديع الصافي ( يا ابني بلادك أرضك احميها ) يكون سوريا قوميا ... و عندما تصدح أغنية وطنية (لبيكي يا أرض جدودي ) أليست أغنية سورية قومية ؟؟ أليس للأرض هوية ؟؟ ألا تحتاج الأمة ل أرض ؟؟  هل يمكن إنشاء أمة من دون أرض ذات هوية متجانسة ؟

 

نعم هناك شيء اسمه سوريا , هناك قومية سورية واحدة و هناك مجتمع سوري واحد صامد  لم يستطع أحد محو هذه القومية .....نعم الشهيد سعادة كان على حق . في عام 2011 شعر كل سوري بالخجل و الخزي و العار من تاريخه الذي يتخلله لحظة قتل شخص مثل سعادة .

البعث و السوري القومي  و الدولة السورية الجديدة

 

بغض النظر عن الماضي فلسنا بصدد المحاسبة عن أخطاء الماضي لازال حزب البعث هو الحزب اليساري الأهم في سوريا .. وانطلاقا من مبدأ التوازن  و من دراسة تجارب الدول دراسة واقعية نجد أن الحزبين ضروريين لتأسيس حياة سياسية طبيعية في سوريا

فبعد الانتهاء من بناء ( الجمهورية السورية الثالثة ) التي تقوم على مبدأ العدالة و المساواة و التقدم و الحضارة و التي يحاول الرئيس السوري تأسيسها (بمساعدة السوريين القوميين )..ستحتاج هذه الجمهورية لدماء تسري في عروقها السياسية ..

 

إذن لا بد من وجود جبهتين ..اليمين و اليسار (و ما بينهما )..ليتم تداول السلطة و تحقيق مبدأ المحاسبة الفعالة كما يحدث في أي بلد ديمقراطي ناجح..

هنا لا أتحدث عن ثنائية حزبية بل ثنائية جبهوية ( كما يحدث في كل الديمقراطيات الناجحة) .....أي تأسيس جبهة اليسار التي سيكون عصبها الرئيسي حزب البعث بالإضافة لأحزاب عديدة أخرى  وجبهة اليمين التي سيكون عصبها التيار السوري القومي الاجتماعي بالإضافة لأحزاب أخرى ليتم تحقيق التوازن بما يضمن نجاح الجمهورية الجديدة في تحقيق العدالة و التطور و العبور إلى الحضارة . ..



 

 

2012-05-01
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
مساهمات أخرى للكاتب
المزيد