news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
وهم ...اسمه العروبة , و حقيقة راسخة اسمها  سوريا...بقلم : نزار علي

القومية العربية  خطأ فكري مادي إن صح التعبير مع افتراض حسن النوايا .... تاريخيا لم يكن هناك شيء اسمه دولة عربية أو أمة عربية ..كان هناك أمة إسلامية ....صحيح بلاد الشام انضوت تحت لواء الدولة الإسلامية ولكن هذا لا يعني أن بلاد الشام لها نفس قومية البلاد الأخرى الإسلامية ..

 


 بلاد الشام شأنها شأن أي منطقة تم فتحها من قبل جيوش الفتح الإسلامي ..كبلاد فارس و بلاد الأندلس مثلا و التي انتشر فيها الإسلام ...و بلاد الشام تتكلم اللغة العربية و هي في ذلك شأن أي بلد يتحدث اللغة الانكليزية من دون أن يكون له نفس قومية بريطانيا ...وهناك وثيقة تاريخية عمرها أقل من 100 عام تبرهن أن سوريا الكبرى ( بلاد الشام و العراق) تبرهن هذه الوثيقة أن هذه البلاد هي بلاد واحدة تتميز عن غيرها من البلدان ..وهي اتفاقية سايكس بيكو ..ولا يوجد  أي وثيقة أو دليل مادي حسي يبرهن أنه كان هناك شيء اسمه دولة عربية أو قومية عربية ...وإذا أردنا أن نتحدث بشكل  دبلوماسي أكثر , نستطيع أن نقول أننا نحن الذين نعيش في بلاد الشام لسنا عربا من ناحية الانتماء القومي  ...بغض النظر عن لساننا ....نحن سوريون و لساننا عربي ...كما يمكن أن تكون كنديا  و لسانك إنكليزي ...أو امريكاني و لسانك إنكليزي ....

 

-         لماذا الفكر العروبي  فشل في تحديد هويتنا كسوريين ؟؟؟؟

 

خلط المفكرين و المنظرين العروبيين في محاولاتهم الفاشلة للإجابة على سؤال ( من نحن ) وفي سياق التدليل على نظريتهم (العروبية ) بين المفاهيم الثلاثة ..اللغة العربية و الإسلام و القومية

فالقومية العربية لبعض منظريها ملازمة للدين الإسلامي. والقومية العربية لبعض مفكريها مرتبطة عضويا باللغة العربية، والقومية العربية لبعض مفكريها هي العِرق العربي , مما خلق إشكالات رهيبة و خطيرة جدا أدت إلى الفشل الذريع في تحديد الانتماء  و ما تشهده المنطقة حاليا هو أحد مخرجات هذا الفشل ...فقد ظهرت أزمة انتماء و أزمة هوية أدت إلى هذا التشرذم الاجتماعي ..فلم نعد نعلم من نحن ...أصبحنا كأفراد موجودين في بلاد غريبة من دون جواز سفر ..و من دون هوية ...

 

العروبة و الإسلام

 

ميشال عفلق أحد المفكرين العروبيين المشهورين  مثلاً في كتابه "في سبيل البعث" لا يفصل ما بين العروبة والإسلام:
"لنسّم الأشياء بأسمائها وصفاتها المميزة، فنستبدل بالقومية "العروبة" وبالدين "الإسلام" تظهر لنا المسألة تحت ضوء جديد، فالإسلام في حقيقته الصافية نشأ عن قلب العروبة وأفصح عن عبقريتها أحسن إفصاح، فلا يمكن أن يكون ثمة اصطدام. وبعد، فهل القومية محصورة بالأرض كما يظن – بعيدة كل البعد عن السماء؟"(1)


نستدل من هذا المقطع النقطتين التاليتين
:

 

أولاً: عدم الفصل بين العروبة والإسلام، واعتبار الإسلام جوهر القومية العربية..


العروبة واللغة العربية:

النظرية أو الفلسفة أو التيار الآخر  فيما يتعلق بالعروبة  يوازي ما بين العروبة والتكلّم باللغة العربية. ومن ابرز مناصري هذا التيار ساطع الحصري، الذي حصر القومية العربية بهذا المفهوم إذ قال::
" أن كل الشعوب التي تتكلم العربية، كل الشعوب الناطقة بالضاد، حسب التعبير المشهور، هي عربية. وكل فرد ينتسب إلى احد هذه الشعوب، هو عربي".(2)

في هذا المقطع اعتراف بأن من يتكلم العربية شعوباً وليس شعباً واحداً. وكما أن الحصري لا يعير أية أهمية لوجود شعب واحد، كذلك ينكر أهمية الأرض والبيئة في تكوين امة ما.
وهكذا تصبح اللغة عند الحصري مرادفاً للأمة:
"وإذا أضاعت امة من الأمم لغتها، وصارت تتكلم بلغة أخرى، تكون قد فقدت الحياة".(3)

 

يجدر بنا إبداء ملاحظتين حول موقف الحصري. الملاحظة الأول انه بالرغم من أن ايطاليا فقدت اللغة اللاتينية وأخذت تتكلم الإيطالية، إلا أنها لم تفقد الحياة كأمة. وكذلك الأمر بالنسبة لأمم كثيرة كإيران التي تكلم مثقفوها وكتبوا باللغة العربية، ثم عادوا إلى اللغة الفارسية. الملاحظة الثانية أن أمماً كثيرة تتكلم لغة واحدة كبريطانيا واستراليا والولايات المتحدة الأميركية لكنها لا تشكل امة واحدة.

 

 

العروبة والإثنية العربية :

 

 شدّد بعض العروبيين على إرجاع الأصل إلى الجزيرة العربية. فالعربي هو من يعود أصله إلى قبيلة في الجزيرة العربية. هذا التشديد ادخل العرب في متاهات كبرى، ذلك أن العروبيين يعتبرون أن الأمة العربية تمتد من مراكش إلى العراق. فهل يعني أن من يستطيع إرجاع أصله إلى الجزيرة العربية هو مواطن من الدرجة الأولى ؟، مقابل مواطنين ينتمون إلى أصول أثنية و سلالية مغايرة؟ وهل يصبح من أصله ارمنياً أو اشورياً أو كنعانياً مواطناً من الدرجة الثانية؟ة؟

أن هذه الإشكالات الخطيرة والتي تؤسس لمجتمع أقليات تثبت فشل نظرية ( القومية العروبية الإنتمائية ) و التي دافع عنها المدافعون طيلة قرن من الزمن ...

إذا كانت القومية العربية  كانتماء قومي هي وهم أو خطأ مادي فكري و خطر محدق ..فإذن من نحن ..وما هي قوميتنا  نحن سكان هذه المنطقة ؟؟

 

الصفة الأكثر ثباتا و الأكثر تعويلا عليها عندما نتكلم عن مفهوم الانتماء هي ( الأرض ) فالناس يكتسبون صفاتهم و انتمائهم من الأرض التي يعيشون عليها فمثلا نقول.بيروتيون ...بغداديون ..عمانيون ..وهكذا ..و البشر تتكون شخصيتهم و حالتهم الانفعالية و مزاجهم و الأهم من ذلك ( نمط حياتهم ) نتيجة احتكاكهم بالأرض .و احتكاكهم فيما بينهم و الأرض أكثر ثباتا من الإنسان و أكثر بقاءا و بالتالي من الطبيعي أن يكتسب الإنسان اسم الأرض التي يعيش عليها ..مثلا العرب اسمهم عرب لأنهم سكان (العربة) أي الصحراء ...إذن من أكثر العناصر تحديدا لشخصية الإنسان و نفسية المجتمع و هويته  هي الأرض ..و بالتالي عندما يكون هناك أرض متجانسة نسبيا  لا تعيق التواصل بين الأفراد و الجماعات الذين يعيشون عليها و لها حدود طبيعة و الأهم من ذلك عندما تقوم هذه الأرض بإكساب الأفراد اشتراكا في دورة الحياة أكثر عدم اشتراكهم فيها نقول أن هؤلاء البشر الذين يسكنون هذه الأرض يشكلون قومية واحدة ..بسبب توفر العوامل الموضوعية لنشوء الوجدان القومي الذي هو رابط مادي روحي بين أفراد المجتمع الواحد (القوم )

 

إذن عناصر القومية هي .. الأرض المتجانسة و المتصلة  , مجموعة من البشر يعيشون و يمارسون حياتهم عليها و هم مضطرين للتعامل و التعاون فيما بينهم تحقيقا لمصالحهم المادية و النفسية و المعنوية و الحضارية و الروحية و الاجتماعية و الاقتصادية. دورة حياة مشتركة بحيث يكون تجانس و تماثل نمط حياة السكان أكثر من اختلاف هذا النمط.

 

القومية السورية :

 

إذن بناء على ما سبق فيما يتعلق بتحديد هويتنا نحن السوريين , لا يمكن أن نعوّل على موضوع السلالة لأنه هذا المفهوم قد تم إثبات عدم صحته ( تجربة النظرية النازية ) خصوصا أن الدماء امتزجت عبر التاريخ ..( في سوريا الكبرى هناك حوالي 6 سلالات من بينها سلالة واحدة هاجرت من شبه الجزيرة ) إن الاشتراك في الحياة جعل هذه السلالات تندمج ببعضها  وتختلط..فسكان الصحراء (العرب ) بمجرد قدومهم من الصحراء و اشتراكهم بدورة الحياة السورية جعل منهم ذلك سوريين ...شأنهم شأن الكنعانيين  و الكلدانيين و غيرها من شعوب المنطقة ..

 

وأيضا لا يمكن أن نعوّل على موضوع اللغة لسبب موضوعي أن اللغة لا تحدد الهوية و ضربنا مثال عن أمم  كثيرة مشتركة باللسان و لكنها تنتمي لقوميات متعدد.د.

وهناك أمر خطير ينطوي على مفهوم الدين كأساس للقومية و هو أن مناصري هذا التيار الفكري هم بشكل غير مباشر يعطون الحق لليهود في إقامة دولة في فلسطين ......

 

تشكل الأرض السورية وحدة جغرافية متجانسة لها حدود طبيعية (  جبال طوروس في الشمال , وجبال زغروس في الشرق و قوس الصحراء الرملية في الجنوب و قناة السويس و البحر الأبيض المتوسط غربا )  كما أن هذه الأرض أعطت للسكان الذين يعيشون عليها نوع من الاشتراك في الحياة و المصالح بالمعنى السامي للمصالح بعيدا عن المفهوم الضيق النفعي للكلمة  و بناءا على ما سبق القومية السورية تحددت نتيجة احتكاك مجموعة من البشر بغض النظر عن عرقهم و دينهم و لسانهم مع الأرض السورية حتى أصبح اشتراكهم في الأمور أو نمط الحياة الاجتماعي و الاقتصادي و الثقافي  أكثر  من اختلافهم بها .مما ولد قومية سورية  (هوية إنتمائية )تراعي جميع شروط تشكل القوميات بالمفهوم العلمي و الحديث للقومية (التي تشكل أكثر مظاهر الاجتماع الإنساني سموا ) و بعيدا عن الطوباوية و المصالح الضيقة  ..

 

إن هذا المفهوم للقومية و اعترفنا به  يشكل الحل الوحيد لمشاكلنا لأنه لا  يستثني أحداً من المشتركين في الحياة على بقعة ارض محددّة. ثم أن هذه القومية تساوي ما بين المواطنين، مما ينهي موضوع الأقليات. فالسوري متحدث اللغة العربية أو أي لغة أخرى المسلم والسوري المتحدث اللغة العربية أو غيرها  المسيحي هما في نفس المرتبة بالنسبة لهذا المفهوم لأنه ينطلق من الدولة القومية العلمانية التي تسمح بحرية الإيمان الشخصي، ولا تعاقب مواطناً لأنه ينتمي إلى دين أو عرق ما يسمى "بالأقلية". فالأكراد والسريان والأرمن وغيرهم مواطنون متساوون.ن.

هذا المفهوم يراعي  خطورة التقسيمات الطائفية والعرقية مما يقسَم الدولة إلى مجموعات متضاربة المصالح، فيصبح من السهل استغلال هذه الانقسامات من قبل الأعداء.

العلاقة المنشودة مع العالم العربي :

 

كوننا سوريون و كوننا نتمتع بهوية خاصة و مميزة عن محيطنا هذا لا يمنع أن تكون سوريا خط الدفاع الأول عن العالم العربي و لا يمنع العلاقات و المصالح المشتركة مع العالم العربي و الإسلامي . وعندما نقول العالم العربي هنا نقصد أنه مكون من أمم متعددة منها (سوريا الكبرى ) لها صلات لغوية ودينية توجب عليها سلوك مسلك التقارب والتفاهم ما أمكن. والطريقة الوحيدة للحصول على هذا التقارب وهذا التفاهم وهذا التعاون، هو في أن تنهض كل امة بنفسها، ويتمرن أفرادها على ممارسة الحقوق المدنية والسياسية، فتصبح قادرة على إدراك ما يمكنها أن تشترك فيه مع أمم العالم العربي. هذه هي العروبة الصحيحة ..

 

المصادر : :

1-   (ميشال عفلق، في سبيل البعث. بيروت: دار الطليعة الطبعة الثالثة، 1963، صفحة)

2-   (ساطع الحصري، آراء وأحاديث في الوطنية والقومية. بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 1984 ص 79).

3-   (المصدر نفسه، ص 21-22)

4-    أنطون سعادة – نشوء الأمم

مع الشكر الجزيل للأستاذ جود مخول – اللاذقية على دعمه و مساعدته

 

2012-07-05
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
مساهمات أخرى للكاتب