في عتمة الحواس يأتي .. يوقظ ربيعي .. يقتل صمتي يخترق حواجز روحي .. يلهب نار ذكرياتيرجل الفصول هو .. صمته تناغم وريقات الياسمين .. وجهه شمس تمحو ظلمة أيامي ..
عيناه سنبلتي قمح .. بريقهما يؤجج الأحداق .. تلك الملامح لست أنساها .. لو سألت مرآتي عنها لوصفتها .. يسكنني .. يسكن نفسي .. يأتيني دون استئذان .. يغادرني دون استئذان ..
بعض الأحيان نهيم بأناس .. لنصل إلى حد التقمص .. نستيقظ .. نلامس وجوهنا.. فإذا بملامح فقدت ذاكرتها .. وسطت على ذاكرة آخرين .. لنجد ألسنتنا تنطق فكرهم .. وأنفاسنا تطلق زفيرهم .
تصبح أجسادنا بيوتا تخبئ خلف جدرانها ما استلت من أرواحهم .. حتى وإن اختاروا البعد طريقا سرمديا في الحياة .. تبقى أجسادنا مخبأ سريا لما هو ثمين .. لما يصعب عليهم اجتثاثه .. فالروح لمالكها .. ليست لمن يحملها ..
كنت وستبقى رمق صحرائي .. وهدى ضياعي ستبقى ماء يرويني في عالم أصبحته باتت تميت عطشا كل من يرفع بصره إلى شموسها .. ستبقى تلك الشعلة التي تنتشلني من متاهات الأقدار .. حين تظهر لي وحدي وتقول لي :
هو طريقك وليس سواه .. فسيري إليه واطفئي شموعك .. فلا ظلام بعد الآن هو نور حياتك .. هو حلمك البكر .. اغمريه بين أحضانك وحاذري من أمواج الزمن أن تسرقه منك .....