سرت خطا متفرقة .. تائهة .. فقيرة الهدف
كان كل ما يشغلني في تلك الليلة أن أعود إلى المنزل بدونك .. همي أن أعود فارغة الجعبة
لا أخفي بصماتك على يدي .. لا أخبئ نظراتك بين جفوني ..
لا أرتب كلماتي التي تستحيل معك إلى همسات شعرية..
أيام .. وأيام وأنت منصهر بقلبي .. متوحد مع روحي
سئمت ذلك الانصهار .. خنقني ذلك التوحد
اشتقت حريتي .. اشتقت أتنفس .. دون أن يسد طيفك الهواء أمامي
اشتقت أجوب شوارع دمشق بدفء أزقتها .. بسكون أضوائها .. بنسائم أماسيها
دون أن أرى صورتك مزروعة في حدائقها .. مرسومة على جدرانها
اشتقت القراءة .. اشتقت الكتابة دون أن أبدأ بأسمك عنوانا
في ليل أفكاري .. وضياع أقداري .. تاهت خطاي .. فوجدت نفسي وجها لوجه أمام ذلك المكان
ذلك المكان الذي قطعت على نفسي عهدا ألا أقصده إلا معك
ذلك المكان حيث رأيتك أول مرة .. حيث قلتها لي أول مرة .... حبيبتي
هناك حيث أسميتك سيد عمري .. وأسميتني نزوة أيامك
وقفت أتأمله .. ودموع عيني تمتزج بدموع السماء ..
هزني مشهد تلك الطاولة في ذاك الركن الدافئ الذي كان مسكنا لهمسات أعيننا وحديث أيدينا ..
قتلتني انحناءات ذلك الكرسي التي أتقنتها عندما لامستها أضلعك يوما ..
كان المكان مكتظا بالعشاق .. تعمه الضوضاء
كانت الأنظار تقطع سيل دموعي .. وصوت فيروز يداعب صمت ذكرياتي
تمالكت نفسي ... ولملمت ما تبقى من أشلاء قلبي الذي دمرته تلك الرحلة الجنونية ..
فعقدة ضعفي وهول حبي أكبر من احتمال مكان مفعم برائحتك .. محاط بطيفك
مسكون بكلماتك .... وأنت لست به
غادرت المكان .. وغادرت فيه ذكرياتي معك
وفيروز ترنم : بعدو الحبايب بيعدو بعدو الحبايب عجبل عالي بيعدو والقلب دايب ...
وداعا أيتها الطاولة التي حملت أنين أصابعي ..
وداعا أيها الكرسي الذي لم يدر أنه ضم أغلى جسد في تاريخه ..
وداعا أيها المكان الذي حفر في صميم قلبي جرح لن يندمل ..
وداعا يا حباً محرماً استجديته وهو لم ولن يكن لي يوما ..
وداعا يا من كنت حبيبي ...