news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
إلى كل جاهلٍ أو مُفترٍ: لو كانت داعش هي الإسلام هل كنا رأينا (مسيحي وكنيسة) منذ 14 قرنا ؟... بقلم :د.عبد الحميد سلوم

عجيب أمر البعض فهم يُصرُّون على الربط بين داعش والإسلام ، وأن ما تقوم به من جرائم إبادة وتصفيات مذهبية ودينية قد أجازها الإسلام ( وحاشى الإسلام من ذلك) .


 وأنا سأسير معهم على مبدأ مسلسل (افتح يا سمسم أبوابك نحن الأطفال) ، وأسأل سؤالا بسيطا بعد فتح الأبواب : إن كانت داعش التي تقرض كل شيء أمامها كما الجراد ، إن كانت هي الإسلام ، فكيف إذا ما زلنا نرى (المسيحيون وكنائسهم) منذ ألف وأربعمائة عام وحتى ولادة داعش ؟.؟.لماذا لم يقرض المسلمون أخوتنا في العروبة والوطن والإنسانية (المسيحيون ) ويهدمون كنائسهم منذ أربعة عشر قرنا ؟.؟

 

ألم يكونوا قادرين على ذلك؟ طبعا هم كانوا قادرون ، لا سيما أنه لم يكن في ذاك الزمن وسائل الاتصال والتواصل ونشر الأخبار بلحظتها كما هو عالم اليوم !! إذا ما الذي منعهم من ذلك ؟.بالتأكيد إنَّ ما منعهم من ذلك هي قيم الإسلام السمحاء التي ترفض العنف ، ولكن لا تسكتُ أيضا عن مُعتدٍ !! ففي الإسلام العين بالعين والسن بالسن والبادي أظلم !! وأظن هذه القاعدة تصلح مبدءا في التعامل بين دول العالم ، بل هناك ما يشابهها في ميثاق الأمم المتحدة !!.

 

وما ينطبق على أهلنا المسيحيين ينطبق على اليهود !! فالإسلام لم يقترب من اليهود إلا حينما فعل أهل قينقاع ما فعلوه بإحدى المسلمات، وحينما تحالفت خزاعة ونضير ضد المسلمين مع مشركي قريش في غزوة الأحزاب (الخندق) !! وحينها كان لا بدّ من قاعدة العين بالعين والسن بالسن والبادي أظلم !! ومن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم !! أي ردُّوا العدوان عنكم بذات الحجم ودون مبالغة في الانتقام !! فهل هذا بعيد عن المنطق والموضوعية والواقعية ؟. ألَمْ يعش اليهود أيضا بين المسلمين إلى حين قيام دولة إسرائيل وتشجيع الصهيونية العالمية لهم  بالهجرة إليها !!... هل هناك من قام بطردهم !.؟

 

للأسف الشديد هناك من يبني على آيات من القرآن الكريم تُحرِّض حسب رأيهم على العنف ومن دون أدنى معرفة بأسباب نزولها وتوقيته ومكانيته وتفسيرها الحقيقي ، وهذا ليس من الإنصاف وليس من المعرفة وليس من النهج العلمي والأكاديمي أيضا ... كمن يتحدّث عن الجزية في ذاك الزمن دون أن يدرك أسبابها ومعانيها ، وقد انتهت منذ زمن بعيد !! فهل رأيتم بلدا عربيا وإسلاميا يعمل بالجزية ؟. كانوا في الغرب المسيحي يعملون بصكوك الغفران ومحاكم التفتيش ولكن كل ذلك انتهى منذ زمن وبات من التاريخ ، وهكذا كثير من الأمور في الإسلام انتهت منذ زمن وباتت من التاريخ !!؟. فهل لو عاد اليوم بعض الكهنة للعمل بصكوك الغفران سنقول : هذه هي المسيحية !!؟.

 

لن أعود لأروي آيات من القرآن الكريم كما في المقال السابق تؤكد رفض الإسلام لكل سلوك داعش ... ولكن سأتحدث  هذه المرّة عن سلوك بعض الخلفاء الراشدين كما الخليفة عمر بن الخطاب والإمام علي (رضي الله عنهما) ،مع غير المسلمين :

 

أولا : كان الخليفة عمر(ر) في الشام وفي كنيسة القيامة ، وقد حانت الصلاة فطلب منه البطرك أن يُصلِّي بها ولكن الخليفة (عمر) اعتذر لأنه خشي إن صلّى بها أن يدَّعي المسلمون أنها باتت مسجدا لهم ويأخذوها من النصارى !!...

ثانيا : حينما سمع (عمر بن الخطاب) رضي الله عنه أن واليه الوليد بن عقبة يتوعد النصارى ، عزله مباشرة ولم يسمح له بذلك !!...

وثالثا : فقد أسقَطَ الخليفة عمر الجزية عن (يهودي) عندما رآه فقيرا وضريرا ، وأمر له بالمعونة من بيت مال المسلمين !!.. فأين داعش من كل هذا .؟.

 

ثم هل قرأتم رسالة الإمام علي (كرّم الله وجهه) لعامله على مصر ( مالك الأشتر) والتي جاء فيها:

 

(إعلم بأن الناس صنفان : إما أخ لك في الدين ، أو نظير لك في الخَلْق )..أتمنى أن يقرأها الجميع ليدركوا أن كل ما جاء في صكوك حقوق الإنسان في العصر الحديث لا تعادل شيئا مما جاء بتلك الرسالة الطويلة !!.

فالمسلمون لم يفعلوا مطلقا بأحد ما تفعله داعش اليوم حتى ينبري بعض الجهلاء ويقولوا( أن داعش هي الإسلام) !! إن ما تفعله داعش يمكن تشبيهه بما فعله الإمبراطور الروماني (دقلديانوس) في الفترة ما بين (284- 305) ميلادي ، حينما تعرّض المسيحيون لأكبر اضطهاد في عهده (كما روتْ المصادر المسيحية) فدمّر الكنائس وأحرق الكتب الدينية والسماوية ، وكثر عدد الضحايا ، وقد وصفت الكنيسة القبطية تلك الأحداث بـ (عصر الشهداء) !!...

 

إقرأوا ماذا قال المناضل الهندي الكبير (غاندي ) عن الرسول محمد(ص)  في حوار صحفي لصحيفة (ينج إنديا) : " أردتُ أن أعرف صفات الرجل الذي يملك بدون نزاع قلوب ملايين البشر، لقد أصبحتُ مقتنعاً كل الاقتناع أن السيف لم يكن الوسيلة التي من خلالها اكتسب الإسلام مكانته، بل كان ذلك من خلال بساطة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم ،مع دقته وصدقه في الوعود، وتفانيه وإخلاصه لأصدقائه وأتباعه، وشجاعته مع ثقته المطلقة في ربه وفي رسالته. هذه الصفات هي التي مهدت الطريق، وتخطت المصاعب وليس السيف".!! هذا ما قاله غاندي ، فهل كان غاندي مُسلما ؟؟.

 

الرسول (صلى الله عليه وسلم) هو من أوصى بحسن معاملة النصارى ، فقال :

( استوصوا بالقبط خيراً، فإن لكم منهم نسباً وصهراً ). ... وقال: (من آذى ذمياً، كنت خصمه يوم القيامة) ... فهل بعد هذا هناك من يفتري على الإسلام ورسوله ويقول (داعش هي الإسلام والإسلام هو داعش ) ...

إذا هذه هي حقيقة الإسلام ومهما تقرّح قشر البرتقالة إلا أن القلب يبقى سليما !! فليس الإسلام وحده من  كثُرَت فيه التفاسير والمذاهب والملل والخلافات والاختلافات والحركات، وإنما كل الأديان !!..

 

 ففي المسيحية هناك : الأناجيل المعتمدة وغير المُعتَمدة ،وأناجيل الطفولة،  وهناك اليهودية المسيحية، والأبيونية، والنصارى، والدوكتيَّة، والمرقيونية، والنسطورية، والأربوسيَّة، واليعقوبية، والملكانية، والأرثوذكسية ،والكاثوليكية، ومنظمات الفرسان الروحية، وفرسان القديس يوحنا، وفرسان الهيكل، والبروتستانتية ، والفُرَق والحركات التي انشقّت عن البروتستانتية وهي بالعشرات ، المعمدانية ، الألفيون ، البتيون ، شهود يهوة، المورمون ،الصهيونية المسيحية الاصولية ، المسيحيون المتحدون من أجل إسرائيل ، .. هذا إضافة لعشرات بل مئات المذاهب والحركات ، فهل يمكننا القول أن كل هؤلاء يسيرون على خطى السيد المسيح (سلام الله عليه) ؟؟. إنه ذات الأمر في الإسلام ، فليس الجميع يسير على خطى محمد (ص) ...

 

وذات الأمر بالنسبة لليهودية ، فهم لديهم عشرات المذاهب والحركات الدينية منها :

 

السامريَّة ، الصدوقيَّة ، الحسيديُّون، الفريسيُّوت، الأسنيُّون، الغنوصيُّون، الكَتَبَة، المتعصِّبون، الربَّانيون، التلموديون، القرَّاءون، الفاءون، القَبَالة، يهود الخزر، الأشكناز، اللوثرية، المسيحية اليهودية، شهود يهوه .... الخ ... فهل كل هؤلاء على دين (موسى) عليه السلام؟؟..

علينا أن نكون أيقظ وأوعى ولا يجوز أن نلصق دين سماوي كله بممارسات حركة من هنا وهناك أو حزب من هنا وهناك أو مذهب من هنا وهناك !! كل الأديان شابها التشويه عبر التاريخ وحتى اليوم !!...

 

ومن هنا أعود للقول بأن من يعتبر  داعش هي الإسلام والإسلام هو داعش ، عليه أن يسأل نفسه أولا : لو كان الأمر كذلك ، كيف كان هو حيَّا حتى اليوم من بعد آبائه وأجداده على مدى 14 قرنا ؟.. وإن كان هناك من ما زال مُصِرَّا على الربط بين داعش والإسلام ، فلا يلوم إلا نفسَه إن قطعت داعش رأسه ..فأليس هو الإسلام كما يقول ؟؟!.

 

مرة أخرى أقول للجميع : لا تربطوا بين داعش ، وأية منظمة أو حزب أو مذهب متطرُف وتكفيري ، وبين الإسلام، حتى لو بلغ أعدادها بالآلاف !! فالإسلام دين وسطي ، وهذا ما توضّح في عدد من آيات القرآن الكريم ..

 

 

https://www.facebook.com/you.write.syrianews

 

 

2014-09-07
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
مساهمات أخرى للكاتب
المزيد