news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
أخوتي الثلاثة ... بقلم : الدكتور المهندس محمد سليمان العبد

لي في سورية ثلاثة أخوة، عصفت بمركبهم رياح المؤامرة على سورية، فراحوا يتخبطون في أمواج بحرها اللجيّ المظلم، وباتوا لا يعرفون الشاطئ الذي تتجه إليه مركب حياتهم فأصبحت جميع الشطآن لديهم سواء.  


ومنذ بدء العاصفة وأنا أصلّي لأجلهم، لأجل أن يصل مركبهم إلى برّ الأمان، وحتى هذه الساعة لازلت أرقبهم، فصلّوا معي لأجلهم. أخوتي الثلاثة هم أخي المتظاهر وأخي المتابع للإعلام الآخر، وأخي المشكك بحقيقة المؤامرة، ولأنهم أخوتي، وُلدوا معي من رحم هذه الأرض الطاهرة، وترعرعوا معي تحت سماء هذه الأرض المطهرة، فأنا أحبهم وأخاف عليهم لذا أناشدهم:

 

1.أخي المتظاهر يا من لازلت تخرج في مظاهراتك، أرجوك قف قليلاً مع نفسك أولاً، ثم رتّب أولويات حياتك، لا تستمع لمن يحرضّك على تخريب ممتلكات بلدك وأهلك وقتل أخيك. بالله عليك أيُرضيك تخريب بلدك وقتل أخيك؟ أيُرضيك رؤية دمه، وبكاء أهله، وصراخ أطفاله؟ ماذا ستقول لربك غداً عندما تلاقيه؟ بالله عليك ما الذي تريده، أتريد إصلاحاً وحرية؟ فإن كنت تتظاهر تريد إصلاحاً، أرجوك أمّعن بصرك جيداً، ألا ترى نور الإصلاح يشّع كل يوم؟

 

ألا ترى يا أخي أن مراسيم الإصلاحات وإن تأخرت فهي قد بدأت، كتثبيت العمال المؤقتين، والتجنيس، وزيارات الوزراء للمحافظات، زيادة الرواتب والأجور، وغيرها الكثير من الأمور المعاشية والحياتية مما لست أذكره. أخي الحبيب هناك أخطاء أُرتكبت وتراكمت كما قال أخونا الأكبر قائد هذا الوطن ووعد بإصلاحها وبدأ فعلاً بذلك، وقد شهدت له بذلك شيطانة البيت الأبيض عندما وصفته برائد الإصلاح الأول بين أقرانه العرب.

 

وإن كنت تتظاهر تريد حرية، فإني أدعوك يا أخي للحظة صدقٍ مع نفسك، راجع ما تحقق من حرياتٍ خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من مراسيم حرية كإلغاء قانون الطوارئ، وإلغاء محكمة أمن الدولة، والعفو العام، وبدء العمل بقوانين الأحزاب والإعلام، والحوار الوطني. أي حرية تريد أكثر من ذلك؟ أيّ دولة تطلق كل هذه الحريات في الوقت الذي يستباح فيه أمنها ؟ فسورية بدلاً من التشديد على مراسيم الحرية في هذا الوقت الذي ينزف فيه أمنها  نراها تلغي جميع هذه المراسيم الواحد تلو الآخر في غضون أيام. ألا ترى أطفالي و أطفالك يلعبون في الشوارع والحدائق حتى منتصف الليل دون خوف، ألا ترى نسائي ونسائك تسير في الطرقات بأي وقت بلا خوف؟

 

أيّ بلد في العالم يوجد فيه حرية وأمان أكثر من هذا؟ حتى في بلاد أمريكا و أوروبا التي تتغنى بالحرية وأخواتها، لا يستطيع طفلٌ أن يبقى ساعةً واحدةً خارج بيته بعد حلول الظلام، ولا تستطيع إمرأة التجوال وحدها خوفاً من تحرشٍ أو اعتداءٍ أو اغتصاب. فإلى متى ستظل جمعة الله رهينة تظاهرك وحبيسة الخوف والذعر والتوتر؟

2. أخي المتابع للإعلام الآخر غير السوري، تابع ما شئت من إعلامٍ ولكن أرجوك قفّ قليلاً مع عقلك، إسمع بعقلك لا بأذنك وأنظر بعقلك لا بعينك. أرجوك يا أخي حللّ أخبارهم وتقاريرهم ثم قاطع بينها، عندها سترى أن جميع محطاتهم قد تكالبت علينا. ألا ترى أنهم يستغبونا صباح مساء؟

 

و أن أبطالهم من مذيع وشاهد عيان وناشط سياسي وآخر حقوقي ومفكر عربي وغير عربي كلهم يتحدثون بلغة واحدة وأسلوب واحد وشعارات واحدة. ولا أدلّ على ذلك من حديثهم في كل نشرات أخبارهم وتقاريرهم عن الجيش وخصوصاً عناصر الفرقة الرابعة الذين تعرفهم تلك المحطات بسهولة لأنهم يرتدون لباس فريق برشلونة حامل كأس أوروبا!!

 

فعناصر الفرقة الرابعة هم الذين يقتلون عناصر الأمن وعناصر الجيش من الفرق الأخرى وكل من يرفض أوامرهم، وليتها تكتفي بالقتل، بل تقتل ثم تمثّل بالجثث أبشع تمثيل كما فعلت قبائل الزولو في مجاهل أفريقيا. إعلامهم يحدثنا أن كل من يُقتل من مدنيين وعناصر أمن وجيش يقتل بدم بارد من قبل عناصر الفرقة الرابعة المتواجدون في درعا وريفها، ودمشق وريفها، وحمص وريفها، وإدلب وريفها، وحماة وريفها، ودير الزور وريفها، هم كالنينجا متواجدون في كل شارع وفوق أسطح المنازل، وأعدادهم لا حصر لها!! و يسوّقون لذلك أفلاماً مفبركة رديئة غير منتهية الصلاحية يمكن عرضها في أول الشهر وآخره وكل شهر وكلما دعت الحاجة.

 

ألا تذكر يا أخي كم عرضوا من أفلامٍ على أنها حدثت في سورية ثم اعتذر بعضهم لعدم تأكدهم من صحة المصدر؟ ألا تذكر كم زجّوا من أناس قتلوا على يد الأمن ثم قام هؤلاء من قبورهم ليخبرونا أنهم أحياء يرزقون فلا أمن ولا تعذيب ولا موت!! فإلى متى يستغبوني ويستغبوك ويستخفون بمشاعري ومشاعرك؟ وإلى متى يستهويك إعلامهم لا إعلامنا؟ قد يكون معك حق بأن إعلامنا لا يملك إمكانياتهم، ولكننا أهل بيتٍ علينا حمايته معاً، كما أنّ أهل البيت أدرى بالذي فيه، فأرجوك لا تنحر إعلامنا على مذبح كذبهم وفجورهم.

 

3. أخي المشكك بحقيقة المؤامرة على سورية، أنت أيها المؤمن بعدم وجود مؤامرة وأن الحديث عن المؤامرة محضُ خيال. ألا تكفيك مجزرة الأمس في جسر الشغور؟ ألا تكفيك كل تلك الجثث التي مُّثل بها؟ ألا يكفيك مرأى العيون التي سُملت والأطراف التي قُطعت؟

ألا تكفيك كل تلك الدماء التي نزفها جيشنا وأمننا حتى تقنع بوجود مؤامرة على سورية؟ إن كان كل ذلك لا يكفيك لترى وجه المؤامرة القبيح، ألا تكفيك تصريحات الشيطان الأكبر أوباما الشهر الماضي حيث قال علناً بكل عهرٍ وفجورٍ أن أمريكا وراء ما يحدث في سورية ولن يهدئ حالها ما لم تركع وتسجد لولاة الأمر في البيت الأبيض؟ ألا تكفيك ما تناقلته صحفهم عن ملايين الدولارات التي قُدمّت للمعارضة،

 

ألا تكفيك تصريحات العصابات المسلحة وأسلحتهم المصادرة؟ ألا تستوقفك فتاوى شيوخهم من هنا وهناك، فهذا يبيح ثلث أرواحنا وذاك يتاجر بنصف دمائنا؟ أخي الحبيب إن كانت كل تلك الدماء و الجثث المقطّعة والتصريحات والأسلحة والفتاوى لا تكفيك لتقنع بوجود المؤامرة على بلدك وأهلك وكل من تحب فيه، فبالله عليك ما الذي يقنعك وماذا تريد أكثر حتى تقتنع؟ بالله عليك كن صادقاً مع نفسك، فأنا لا أظنك تريد أن ترى طائراتهم وصواريخهم تدّك بيتي وبيتك وتقتلني وتقتل من تحب حتى تقنع بالمؤامرة على وطنك؟

 

بالله عليكم يا أخوتي قولوا لي أين تأخذونا؟ أإلى مجهول لا يُعرف شاطئه؟ أم إلى سراب لا يُرجى ماءه؟ أنتم وإن كنتم لا تحملون سلاحاً ولا تخربّون ولا تحرّقون إلاّ أنكم من حيث لا تدرون تعينوا على الظلم وهذا بدوره شرك عظيم كما وصفه الله تعالى لأن (القائم بالظلم والمعين عليه والراضي به شركاءٌ ثلاث)، فرجائي منكم لا تعينوا على ظلمٍ ولا ترضوا به حتى لا تشركوا بخالقكم فتخسرون دنياكم وآخرتكم.

 

أخوتي الثلاثة إن كنتم تريدون حرية وإصلاحاً، أرجوكم أن تضموا أصواتكم لأصواتنا، لنطالب بها بالفم الملآن وبأعلى أصواتنا، لكن ليس في الشوارع، ولا عبر حوار الشوارع، بل عبر أي طريقة أخرى لا يُنزف فيها دم، ولا يُكسر فيه عظم، ولا يُرمى فيها حجر، ولا يُحرق فيها شيء. تعالوا لنجلس جميعاً تحت سقف الوطن وحول مائدة الحوار الوطني من أجل بناء حاضرنا ومستقبلنا، هذا الحاضر والمستقبل الذي نبنيه نحن السوريون لا طائرات الناتو، ولا مجلس الأمن، ولا محكمة الجنايات الدولية، ولا مجلس التعاون الخليجي.

 

                                                                    أخوكم الأصغر المحب

                                                              الدكتور المهندس محمد سليمان العبد

                                                                       دمشق، 13/6/2011

2011-06-17
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
مساهمات أخرى للكاتب
المزيد